الوحدة:18-9-2023
قراءة في قصيدة كنعانية، ورحلة في الأدب الأوغاريتي مع الباحث والعالم باللغات القديمة الدكتور علي صقر أحمد، في المحاضرة التي أقامتها الجمعية العلمية التاريخية بطرطوس، تحت عنوان: نلتقي لنرتقي بالعلم والعمل، وبالتعاون مع فرع الجمعية بحمص، في صالة المركز الثقافي بطرطوس.
وفي تقديمها للمحاضرة، بدأت رئيسة الجمعية سناء بلال بالقول: رحلة إلى الماضي، أوغاريت الحضارة والجذور، إلى التراث الكنعاني العظيم، يلقي المحاضر علي صقر أحمد محاضرة من التاريخ الشيق في عالم الأسطورة، وهو الأستاذ في اللغات القديمة والتاريخ القديم، ورحلة مع قراءة في قصيدة كنعانية لعميد كلية الآداب بحمص، وأستاذ في مجال اللغات القديمة، والتاريخ القديم.
ويحكي المحاضر عن:
قصه الخلق والكون بطريقة شعرية رمزية دينية تغنى على المسارح.
ويقول : عندنا قصيدة مقفاة، قبل ميلاد المسيح، فرقة موسيقية، منشد، مسرح ..
تحاكي وتتفوق على النوتات الموسيقية الحالية.. قصة الخلق والصراع بين الحياة والموت
الجفاف والخصب بطريقة مغناة أقحمت في التلمود ونسبت إلى الإسرائيليين على أنها التراث.
قصة بطل حزين مكسور الخاطر لا يحظى بنعمة النوم، ولا لذة الطعام لسبعة أيام متتالية، يقدم النذور ويسقي الشراب للآلهة ويبتهل لهم:
هو دانيال رجل الظل الذي حرم من ولد ذكر كغيره.
ولد يكون درة بيته ينوب عن أبيه في إحياء طقوس القداسة، يأخذ بيده عندما يكون عائداً إلى البيت ثملاً، ينوب عنه في تحضير المأدبة الدينية في معبدي ايل وبعل، ويرمي التراب على قبره حين يموت دانيال رجل الظل الحزين.
يطلب بعل مباركته من خالق الخلق ليكون له ابن، وتتحقق أمنيته، ويحظى ببركة الولد الذكر “أقهات”، ويقيم دانيال الاحتفالات لسبعة أيام,ويقول لأقهات:
باكورة صيدك يا بني تنذرها للهيكل..
لكن الآلهة عنات تعد أقهات بالحياة الأبدية، بالفضة والذهب إذا أخذت قوسه ويرفض أقهات، ويقول لها سأموت مثل كل الناس.
تركع عند قدمي أبيها ايل تشكو أقهات..
يرفض طلبها بالانتقام منه، فيقول: عرفت أنك كالبشر ولست بآلهة..
تبدأ بنسج المؤامرة للانتقام من أقهات.
تختار “يطفن “من عائلة الآلهة، يستنكر ويقول:
اسمعي أيتها البتول “عنات ” أنت من أجل قوسه ستقتلينه !!؟؟
لكنه يخضع لإرادتها خوفاً من بطشها..
وترسم خطة الانتقام ليطفن حيث وبينما يكون أقهات يتناول طعامه ستحول عنات يطفن إلى نسر وتخبئه في حضنها وتطير به بين سرب من النسور الجارحة، وعندها ينقض على أقهات ويضرب رأسه وأذنه ويسيل دمه كما تخضب الدماء ركبتي القصاب، فتخرج كما الريح روحه ويسيل اللعاب من فمه.
تتم العملية كما خططت لها عنات، ويقتل أقهات وتبكي عليه وتدعي الندم فهي كانت تريد القوس ولم ترد له الموت ولم تحقق مأربها لأن القوس وقعت في البحر.
تخرج روح الأمير وتخرج طيب وخير السنابل مع روحه.
تجف السنابل ويحل الجفاف بعد الخصب.
أما دانيال الأب المفجوع وحين يرى السنابل في يباس، والنسور تحوم فوق بيته يخاف ويدعو استسقاء المطر، لكن القدر كان قد كتب، وخيم الجفاف سبع سنين، فقد حجب بعل أمطاره وخصبه وحلت اللعنة والغضب الإلهي.
يصيح دانيال لفغات ابنته يأمرها أن تسرج بعيرها وتجّد في تقفي أثر قاتل أخيها المظلوم فتثأر لدمه من سافكه..
تستجيب الأخت المكلومة لنداء أبيها وتجهز نفسها للرحيل.
يطوف دانيال حول البيادر والحقول ويرى الجفاف.
يصلي، يتضرع للغيوم ..
ويستجيب الإله بعل لنداءات الأب المفجوع الذي بدأ بتحطيم أجنحة النسور التي تساقطت أمام قدمي دانيال، فباشر بتقطيع أوصالها بحثاً عن رفاة ولده أقهات، وعندما سقطت “صمل” أم النسور، وجد عظام ابنه ولحمه في أحشائها، فدفنها كما كان يرجو وجدد التوسل إلى بعل بأن يحطم أجنحة النسور إن هامت على قبر ابنه، وأقلقت نومه الأبدي ..
ويطلق صيحات اللعن والوعيد ويمضي إلى قرية أبلم التي دعا على أهلها بالعمى ويزور معبد الأمير المغدور ليعلن الندب والرثاء أياماً وشهورا ..
حكاية تأخذ القلب وأنت تسمع ما يحكيه المحاضر الذي أكد أن الحياة التي نعيش ثمرة تاريخ من الوجع .. وأقهات بن دانيال المثال.
وثنائية الحياة والموت، الخصب والجفاف، وأول أبجدية أطلقت على وجه الأرض في حكاية بدأت منتصف الألف الثاني قبل الميلاد في منطقة رأس شمرا، وبداية الأبجدية المسمارية الأوغاريتية في العالم.
سعاد سليمان