“الخوارزمي”  أبو علم الجبر

الوحدة: 13-7-2023

كانت إيران و مازالت مهداً للعلم و الحضارة، و مركزاً للإنجازات العلمية،

و قناةً لانتقال المعرفة من الصين و الهند في الشرق إلى اليونان و روما في الغرب،  فقد قدمت إيران للعالم عدداً كبيراً

من نخبة العلماء في جميع مجالات العلم، علماءٌ تدرس أسماؤهم و إبداعاتهم في أكاديميات العالم أجمع، و بصماتهم واضحةٌ في شتى العلوم، و من ألمع الأسماء التي سطعت كان اسم العالم الإيراني الكبير أبو جعفر (محمد بن موسى الخوارزمي)، الذي ولد حوالي عام 780 م في مدينة خوارزم ، و انتقلت عائلته من مدينة خوارزم إلى بغداد للاستقرار فيها.

كان الخوارزمي عالماً في الرياضيات والفلك و الجغرافيا، و فيلسوفاً ومؤرخاً عالمياً حيث قدم للبشرية إرثاً عظيماً ومؤلفات ضخمة كانت وما تزال المنابع الأساسية التي ينهل منها الأساتذة وطلبة العلم في الشرق والغرب فأصبح أيقونة إلهام للجميع.

ربما لا نسمع اسم الخوارزمي بشكل يومي لكن إنجازاته العلمية وفضله الكبير على البشرية من جهة واهتمام إيران بعلمائها الكبار من جهة أخرى فتح الأبواب أمام جميع الشعوب للاهتمام بمعرفة تاريخ كوكب منير سطع في سماء العلم الإيراني، وما قدمه من مؤلفات علمية كانت الأساس الذي ارتكز عليه العلم الحديث في مجالات مختلفة، وبما أن اليوم يصادف ذكرى ولادة هذا العالم الكبير والأيقونة النادرة وجدنا أنه من الأهمية بمكان أن نسلط الضوء على حياته التي سخَّرها للعلم والتعلم والتعليم، وعلى إنجازاته العلمية التي قدمها للبشرية فكان خير عالم وخير معلم.

أبدع الخوارزمي في علوم الرياضيات و الجبر خاصة حيث قدم العديد من الإنجازات للعالم، ومنها كتابه الشهير (الكتاب المختصر في حساب الجبر و المقابلة) الذي وضع من خلاله أسس الجبر، ومن هنا جاءت تسميته (أبو الجبر)، و أرسى الأساس للابتكار في علم المثلثات، و أدخل نظام العد العشري، وقدَّم طرقاً أساسية في حل المعادلات التربيعية، و طوَّر عمليات الضرب الشبكية للأعداد الكبيرة، وساهم الخوارزمي في الكتابة عن الحساب باستخدام الأرقام الهندية وبادر في نقل الأرقام الهندية إلى الثقافة الغربية وقدم كتاب “الجمع والتفريق في الحساب الهندي”، و توصل إلى طريقة حساب الوتر بواسطة القطر والسهم، وأصدر أطروحةً عن الأرقام الهندية، وتتضمن هذه الأطروحة أول استخدام للصفر كرقم يمكن أن يشغل حيزاً، و اكتشف نظام الخوارزميات التي كان لها الدور الكبير في علم الرياضيات، وعلم الحاسوب.

و في مجال علوم الفلك كان للخوارزمي إنجازات كبيرة و في غاية الأهمية، كوضعه عدة جداول فلكية، و تأليف كتاب “زيج السند هند”، الذي خصص الحديث فيه عن تحركات الشمس والقمر، بالإضافة إلى تحديده جميع أطوار القمر، مما ساعد على معرفة الوقت بشكل مبكر، فضلاً عن تأليفه كتاباً عن الإسطرلاب و الذي سماه كتاب “العمل بالإسطرلاب”.

إما في مجال علوم الجغرافيا فقد اهتم الخوارزمي بهذا العلم،حيث خطا خطوات مهمة في هذا المجال كتأليف كتاب “صورة الأرض “،الذي يقدم فيه إحداثيات الأماكن التي تستند على جغرافية العالم بطليموس، و الذي وضَّح فيه حساب خطوط الطول و العرض لرسم خريطة العالم، وطور العديد من أعمال العالم بطليموس، حيث كانت خرائط الخوارزمي أدق وأقرب لخريطة العالم الآن. وساهم الخوارزمي في تصحيح الكثير من البيانات والمعلومات التي جاء بها بطليموس فيما يتعلق بقارة أفريقيا والشرق الأوسط بشكل عام.

لقد كان للخوارزمي تأثير بالغ الأثر في العديد من العلماء و الفلاسفة الذين جاؤا بعده، و من بينهم الفرغاني، و الكندي و ابن سينا، و ابن رشد، وعمر الخيام، و نصير الدين الطوسي، و مازال تأثيره مستمراً حتى يومنا هذا.

د.سمر الحسن

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار