(مفهوم السعادة) محاضرة للأديب عباد… في دار الأسد للثقافة باللاذقية

الوحدة 15-6-2023

(لنعرّف السعادة بالحدّ، أي لغة، فهي من مادة أو جذر “سعد” والسعد هو اليُمن، وهو نقيض النحس، والسعادة خلاف الشقاوة، والسعادة هي الهناءة، ويدخل في السعادة أسماء كثيرة ومسببات عديدة ومراتب أولها الجزل ثم الابتهاج ثم الاستبشار ثم الارتياح ثم الفرح ثم المرح وهو شدة الفرح ثم الهناءة ثم الغبطة ثم السعادة). بهذه الكلمات استهل الأستاذ والأديب التربوي: أديب عباد محاضرته التي ألقاها في دار الأسد للثقافة – قاعة النشاطات – بعنوان (مفهوم السعادة). الأستاذ سمير مهنا قدّم الأديب عباد بوصفه خبرة طويلة في مجال التدريس والتعليم ما يقرب 38 عاماً.. مجاز في اللغة العربية وآدابها إضافة إلى إلمامه بالموسيقى وفنونها تربوياً وعملياً، من أعماله الأدبية غير المنشورة ديوان شعري يتضمن حوالي 240 قصيدة… استهل الأديب عباد محاضرته مشيراً إلى ركائز السعادة وأسبابها ونتائجها وأهمها الصحة فلا يمكن لإنسان سقيم الصحة أن يكون سعيداً مهما اجتمع له من دواعي السرور، ويأتي الأمن والأمان في الدرجة الثانية ثم الدخل الكافي من كسبٍ مشروع ممن لا دخل له لا حياة له وأن يكون للإنسان صحبة تريحه وتناسبه والسعيد من كانت مهنته هوايته وزوجته صديقته، ثم رسم هدف ممكن التحقيق والعمل له بإخلاص والعيش في مجتمع مترابط متضامن يؤمن بالقيم الإنسانية إضافة إلى زواج ناجح وبناء أسرة متحابة تؤمن بالعمل والقناعة ثم تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. وفي السياق ذاته تابع الأديب عباد قائلاً: السعادة هي الإحساس الجيد والاستمتاع بالحياة والرغبة التواقة في المحافظة على هذا الإحساس وصيانته لأن معدل السعادة يتألف من سلسلة كاملة من اللحظات وفي كل لحظة من لحظات اليقظة التي نعيشها نحسّ بدرجة أعلى أو أدنى من السعادة، لأن السعادة تبدأ حيث تنتهي اللاسعادة أو بعبارة أدق عندما يطرد البؤس والشقاوة، فالسعادة إحساس وشعور وأن معدل سعادتنا يتأثر بشكل رئيس ومحوري بمزاجيتنا، وطبائعنا، ومواقفنا، وسلوكياتنا. وعن علاقة التكنولوجيا الحديثة بالموضوع المطروح قال: رغم منافع التكنولوجيا الحديثة فلا تخلو من مضار اجتماعية كالتلفاز والموبايل فقد كانت تجارب الناس قبلها مقتصرة على أناس مثلهم فأصبح التلفاز يأخذنا إلى عوالم مغايرة لتجربتنا الحياتية ويرينا عوالم يعيش فيها أناس بمستوى أفضل من العادي وأعلى من المعدل الذي نعيشه ويكره الواحد منا فطرياً أن يكون الآخرون أفضل منه ولهذا تسهم هذه التكنولوجيا بزيادة حدة الضغط سواء على الأطفال أنفسهم أو على أهلهم. وتابع المحاضر: يجب بناء المجتمع السعيد على أساسين، الأول: أقصى درجات التعاطف مع الآخرين ومشاركتهم بوجدانية صادقة والثاني: الالتزام بأقوى المبادئ الأخلاقية للحيادية والتجرد…إن سرطان الحسد والغيرة سيقضي على كل مكاسبنا، كل منا يريد لنفسه منزلة أو منصباً أو مكانة ووجود عنصر التنافس الإيجابي من شأنه أن يزيد من اهتمامنا بالحياة و بالتالي بالسعادة لأن مشكلتنا الجوهرية تتجسد في فقدان المشاعر المشتركة الطيبة، أيضاً التأمل أمر إيجابي لروح الإنسان مثلما أنه إيجابي وجيد لجسم الإنسان و مستحيل أن يكون المرء سعيداً دون تطويره لطريقة إيجابية ينظر عبرها إلى الأشياء وتطويره الإحساس الداخلي في الساحة الإيجابية من الذات ليكون في منتهى المناعة. وختم الأديب عباد محاضرته بالقول: إن دور الرجل الحكيم – فيما أرى- أن ينعش نفسه وأن يتزود بالطعام والشراب في اعتدال، وبأطياب الروائح، وبالنباتات الخضراء الجميلة، وبالزينة والموسيقا والرياضيات، والمسرح وغيرها من الأشياء المفيدة والممتعة، ألا وأن المشارك الأكبر في خلق السعادة هو الإنسان نفسه ولنفسه والسعادة الحقيقية هي سعادة الهدوء، و الفراغ من المشاغل والتأثيرات الخارجية.

ندى كمال سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار