الوحدة : 2-6-2023
يتجه كل إنسان إلى عمله صباحاً ليجني منه أجراً ييسر له أموره المعيشية، ويؤمن من خلاله مستلزمات الحياة، فالعمل أياً كان، يجب أن يقابله أجر متناسب مع الجهد المبذول، ويواكب متطلباته في الحد الأدنى، هذه السّنة في الحياة لم تعد تنطبق على موظفي القطاع العام أو على المتقاعدين منهم، لأن هذه الفئة باتت تعمل لأجل دفع أجرة الطريق من وإلى العمل، وبات أجرها الشهري لا يكفي لدفع فاتورة “طبخة” متواضعة من أيام الزمن الغابر. يتحدث الجميع منذ زمن عن نوايا تحسين الوضع المعيشي للمواطنين، وقد ظهرت بعض ملامح هذه النوايا عبر تصريحات مترامية لمسؤولين في الحكومة، وبالطبع، نحن لا نعرف كيف ستتم العملية، ولا نملك معلومة واضحة عن الترتيبات القادمة التي نتطلع لنتائجها، ونأمل منها أن تحاكي الأوجاع المعيشية لمئات آلاف الموظفين والعاملين في الدولة. قبل أن ندخل في التخمينات، والتكهنات، علينا أن نسأل عن إمكانية تحصين أي زيادة قادمة من بطش آفة التضخم، فنحن اليوم أصبحنا في فجوة كبيرة بين ما نجنيه وما نحتاجه، ولا نعتقد أن ردم هذه الفجوة سيأتي عبر زيادة هنا أو تحفيز هناك، وإنما نحتاج إلى البحث عن حلول مختلفة، وعن طرق تستطيع لجمَ هذا التضخم ومرفقاته، و لا طريق إلى ذلك إلا بإعادة القيمة الشرائية لعملتنا الوطنية والحفاظ عليها من أي انهيارات أخرى، وهذا الأمر لن يتم بنهج “كلاسيكي”، بل بتطبيق رؤىً وأفكار حديثة لا تشبه السياسات المطبقة في زمن “اللا حرب”، لعلنا نستعيد الثقة بأن الأفق يحمل لنا الخير، ونزيح عن كاهلنا الكابوسَ المعيشي الثقيل. لقد أجمع كل الاختصاصيين ومن يعملون بالشأن العام بأن خطوة واحدة لا تكفي، فالزيادة المرتقبة ستكون بلا جدوى إن لم تتبع بخطوات، والطريق الوحيد للنهوض مجدداً، هو الدفع بعجلة الإنتاج في قطاعات حيوية وفاعلة، كالزراعة، (ونحن البلد الزراعي بامتياز)، وفي الصناعة، وعندنا عراقة صناعية تشهد عليها (حلب)، وكذلك في استثمارٍ دؤوبٍ وعملي لثرواتنا الباطنية والطبيعية، وأهم من هذا وذاك، هو الحفاظ على الطاقات البشرية التي نفقدها مع كل مطلع شمس، ونصدرها إلى بلدان العالم بثمن بخس. نقدّر كلَّ الظروف التي أوصلتنا إلى هذا الوضع المعيشي الصعب، من حربٍ، وحصارٍ، ودمار، وسرقةٍ للمعامل، وتحطيم لمؤسسات فاعلة، وهي ظروف مؤلمة وقاسية ومهولة لا نحسد على قتامتها، لكن الأمر وقع، ولم يعد البكاء على الأطلال ينفعنا، فنحن نحتاج في النهاية إلى حلول مقبولة، لا تلامس الرفاهية حتماً، بل العيش الكريم فقط.
رنا رئيف عمران