الوحدة 17-4-2023
قام العديد من الجيولوجيين بعد زلزال 6 شباط الذي ضرب تركيا وسورية, وخلّف أضراراً فادحة في الأرواح والممتلكات, وتأثرت به مدن سورية عديدة, بتتبع آثار ونتائج الزلزال وما تبعه من هزات ارتدادية تخطّت الآلاف, فدأب القسم الأكبر منهم على نشر التحليلات عبر وسائل التواصل الاجتماعي, في حين أنّ البعض الآخر من الجيولوجيين كانوا يعملون بصمت على الأرض في تتبع آثار ونتائج الزلزال, ونشاط فوالق المنطقة والمخاطر الزلزالية والآثار الجيولوجيّة المحتملة للهزات الارتدادية وتوقعاتها.
“الوحدة” أجرت حواراً مع الجيولوجي رامي أحمد عبيدي دكتوراه في جامعة تشرين للوقوف على بعض الأعمال الميدانية بعيداً عن التحليلات النظرية وأفادنا بما يلي:
منذ اليوم الأول للزلزال والعين كانت ساهرة تراقب بصمت وقلق فالق اللاذقية – كيليس، الذي يتكشف أحد فروعه في مدينة اللاذقية – منطقة الكورنيش الجنوبي – عند الجرف الصخري المجاور لمطعم سومر ومقهى كاردينيا، هذا الفرع معروف باسم صدع الكبير نسبةً إلى نهر الكبير الشمالي الذي يمر بمحاذاته، ويمتد لبضعة كيلومترات في البحر، كان متوقعاً أن يصل النشاط الزلزالي ويزداد زخمه في الفترات الحرجة تبعاً لحسابات معقدة تضم مُعَاملات حسابية كثيرة تكتونية باطنية وفلكية ومناخية ولكن بشدة أقل من الزلزال الأول لكونه فالق سطحي قليل العمق مقارنة بالفوالق العظمى ولكن تكمن الخطورة فيه بقرب المركز السطحي للهزات الارتدادية والمتوقعة من المناطق العمرانية، مما قد يجعلها مُقلقة بالنسبة للمنازل المتصدعة أو الأبنية غير المهيأة لمقاومة الزلازل، بينما لا أرى خطورة أبداً على الأبنية المحصنة وفقاً للكود الزلزالي السوري، وطبعاً هناك فترات حرجة مرتبطة بمواقع الأجرام السماوية القريبة، التي تلعب دوراً في زعزعة المحصلة النهائية للقوى الجاذبة – النابذة المسببة لانحراف قيم الإجهادات المطبّقة على صفائح القشرة الأرضية، وبالتالي فإنها على أقل تقدير تلعب دور الفتيل أو الشعرة التي قصمت ظهر البعير في تحرير الطاقة الكامنة المختزنة من الضغوط المتراكمة لعشرات السنين على طول الفوالق ونطاقات تصادم الصفائح التكتونية، وتزداد القيمة الحرجة عدّة أضعاف إذا تصادفت مع منخفض جوي حاد وتقلبات سريعة بدرجات الحرارة وقيمة شاذّة للهاطل المطري, وهذا ما لاحظناه من عمليات المراقبة والإحصاء المستمر مع كل منخفض جوّي يصل إلى المنطقة.
وتُظهر الصورة مدينة اللاذقية متربعة بمعظمها على الكتلة العليا من الفالق المذكور, في حين يشكل الجرف الصخري بمنطقة الكورنيش الجنوبي سطح أو مرآة الفالق، بينما يتربع حي الرمل الجنوبي والأحياء الملاصقة له على الكتلة السفلى للفالق، وفي آخر معاينة قمنا بها لتفرعات الفالق المذكور عند منطقة الكورنيش الجنوبي كانت الإزاحات في كتل الصدوع ضمن الحد الطبيعي. ونقوم بتتبع آثار الهزات على معظم الصدوع وإجراء المراقبة الدورية لنشاط الفوالق العظمى بهدف ربط المعاملات التي تلعب دوراً في تنشيط الفعالية التكتونية وبالتالي إحداث الزلازل هذه المعاملات هي: (الوضع التكتوني العام, التاريخ الزلزالي للمنطقة, كثافة فوالق المنطقة وأبعادها ودرجة نشاطها, الهندسة القمرية الكوكبية الحرجة التقلبات في معاملات الطقس كالضغط الجوي ودرجة الحرارة وشذوذات الهاطل المطري)، وذلك بهدف إنجاز بحث علمي يهدف إلى تصميم ونمذجة خوارزمية حديثة للتنبؤ المُبكر بالزلازل قد تكون الأولى من نوعها في العالم.
هلال لالا