الجلاء… رواية حبرها الدماء

الوحدة 17-4-2023

المستعمر لا بقاء له في أرض شعب صمم على التضحية وتحقيق الاستقلال، فقرار الشعوب أقوى من إرادة مستعمر أو مستوطن، للبطولة أهلها ومقوماتها، الأرض العربية جبلت بدماء الأحرار.. هذا التراب المقدس اغتسل بالدم وتطهّر بالنار لا يمكن أن تموت البطولة فيه، الأبطال وحدهم خالدون، فعندما تموت أجسادهم فهذا لا يعني أنهم ماتوا، فالموت لبعض الناس فناء بينما هو للشهيد بداية حياة حقيقية مستمرة، الشهداء الذين سطروا تاريخ الأمة النضالي بدمائهم الزكية وعاشوا في ضمير الأمة.

عملاً بمقررات مؤتمر سان ريمو اعتبرت سورية منطقة انتداب فرنسي ومنذ تلك اللحظة قفزت السيوف من الأعمدة وهب شعبنا لمواجهة القوات الغازية عبر ثوارت شملت كل بقعة من أرجاء الوطن وتحولت أرض سورية إلى جذوة لاهبة من النضال المستمر الذي شمل مختلف المناطق والمحافظات واندلعت  الثورات في كل مكان مطالبة بجلاء المستعمر الفرنسي عن أرض الوطن، ثم وجد المستعمر الفرنسي نفسه أمام ثورة وطنية شاملة بلغت ذروتها بين عامي (1925-1927) تمكن خلالها الثوار من السيطرة على معظم أرجاء سورية.

الجيش العربي السوري البطل يحتضن التراب الوطني من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب يخوض الآن معركة وجود ومصير لا مجال للتهاون والمهاونة فيها، ولن يفرط بذرة واحدة من الجولان واللواء السليب، يتصدى ببسالة نادرة للإرهاب التكفيري والصهيوني والأمريكي والعثماني الذي خطف أرواح المدنيين والعسكريين وشرد مئات آلاف الأسر من بيوتها ودمر المصانع والطرق والأسواق وهدم الجسور والجوامع والكنائس والمشافي والجامعات والمؤسسات الحكومية وأحرق المكتبات وهدم الآثار والمعالم التاريخية وقطع الرؤوس ونبش القبور. تم استقلال سورية بفضل نضال شعبها المرير ضد الحكم الأجنبي الذي استمر ربع قرن من عهد الانتداب الفرنسي وأربعة قرون في ظل الحكم العثماني ذاق خلالها مرارة الذل والفقر والبؤس والهوان، وبدأت سورية حياتها الاستقلالية الحقيقية بعد الجلاء في مواجهة الصعاب والتركة الاستعمارية العفنة وتخطي العقبات، وقد شكّل الاستقلال السوري بوابة انتصار لحركات التحرر العربية والعالمية التي حققت انتصارات متتالية على الاستعمار وأذياله.

وسورية بصمود جيشها وتضحيات شعبها ودماء شهدائها وحكمة قائدها الشجاع تحارب الإرهاب الدولي نيابة عن العالم كله في ظل عالم متوحش يفتقد للأخلاق والمبادئ مصممة بالتعاون مع الأشقاء والحلفاء والأصدقاء على دحر الإرهاب واجتثاثه وتنظيف الأرض السورية منه.

 

نعمان حميشة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار