الوحدة :13-3-2023
/تحت الرماد/ هو عنوان المعرض الذي أقيم في صالة المعارض التابعة لمديرية ثقافة اللاذقية، وذلك تخليداً لأرواح ضحايا زلزال. شارك في المعرض 21 فناناً، وقدّموا حوالي 35 عملاً بحجوم، ومدارس مختلفة، عبّر فيها تشكيليو اللاذقية المبدعون عن هذا الحدث الجلل، كلٌّ بأسلوبه التشكيلي.
مع المشرف والمنظم للمعرض، الفنان التشكيلي حسين صقور (الفينيق) كانت لنا هذه الوقفة، ليحدثنا عن حيثيات المعرض فقال: بدايةً أودّ أن أتقدم بالشكر لثقافي اللاذقية والأستاذ مجد صارم على الدعوة الكريمة لتنظيم معرض على مستوى الحدث المؤلم الذي ألمّ بوطننا الغالي سورية، وكان الشرط هو أن تلامس الأعمال الحدث، لذلك تمّ الاختيار على هذا الأساس. أما أنا فكنت ولازلت أعتقد أن الفنان يمتلك ذلك الحدس الذي يسبق الأزمة، وبالتالي يمكن أن تحمل لوحاته ذلك النفس الذي يشي بالكارثة مسبقاً.. خصوصاً كوننا نعيش في وطن تتالت عليه أزمات كثيرة، وبالتالي سيكون للفن في هذا الزمن شكل مختلف يعكس مدى حساسية الفنان وتفاعله مع المحيط وحدسه للقادم. على هذا الأساس تم الانتقاء والاختيار ليبدو المشهد الكلي للمعرض كما قصة تحكي في أولها صورة الحياة الكلاسيكية قبل الحدث، وتصور الطبيعة ضمن أجواء تشي بالحدث، كما في أعمال د.علي صالحة وطلال علي. ثم ننتقل لأعمال كونية تحمل دلالات تشير إلى الحدث المركب القادم من التاريخ، كما في أعمال زهير قشعور ومعتز العمري، ثم تأتي تعبيرية كاظم خليل بحسه الحركي المعهود والمباشر ليصور بحسّ تعبيري صارخ. كذلك هي تعبيرية نذير تنزكلي التي لامست المأساة الإنسانية بقوة، و لا تخلو لوحات سوسن الحاج من تلك التلقائية والمباشرة، إذ تنبض الخطوط فيها بهزات الحياة، والوجه الإنساني المكسر لأدهم منّاع. أما التمثال المعلق لصلاح البري فهو يعكس الشموخ والقوة وكأنه خارج من الأنقاض لتوه. وتعبر أعمال سلام أحمد عن تلك الحالات الإنسانية عبر تعابير الوجوه والحركة لتجمعات إنسانية متماسكة وقت الأزمات. وأيضاً تعبيرية الوجوه الحزينة عند محمد ديوب بحس تلقائي وفرشاة عابثة بحرية، ويبقى البقاء لتلك الطبيعة المتبدلة بفعل الزمن في أعمال نضال شعبان. ولعمل أطلال الشملات أمل بالعودة من خلال طائر الفينيق، مع حروف أبجدية تشير أن الوطن باق بمحبة أفراده.
ويغوص الفنان أحمد جدوع في عمق اللغة والتاريخ ليؤكد أن حضارتنا وأبجديتنا باقية ومستمرة. أما في النحت فيقدم سعيد عباس بحس تعبيري احتضان لوجه أمّ وطفل، بينما تقدم ابتسام خدام شكلاً أنثوياً وتكويناً محوّراً لطير يفوح بالمحبة، أما حسن حلبي فعمله يقترب من التجريد مشيراً لعائلة متماسكة ومتحابة زمن الكوارث. ويبقى أن أشير لمشاركتي عبر أعمال أسعى فيها لملامسة الحدث من مفهوم آخر. إذ كنت ولازلت أعتبر أن الحدث يسبق الكارثة عند فنان وهب نفسه للحياة، وخصوصاً كوننا نعيش على أرض تفاقمت فيها الأزمات.. أطماع خارجية، حروب، غلاء، معاناة.. في أعمالي انفجار وأشلاء بشرية وتعابير. أودّ أن أختم بالقول… نحن عبر ذاك الوعي الجمعي، وعبر المحبة والثقة بالقادم، عبر التكاتف والتعاون والأمل، قادرون على الخروج من كل أزماتنا بشكل أقوى. الطمأنينة والثقة مطلبان، والقلق والخوف يدفعان للهاوية ولنا الخيار، لنتعاون ونتمنى الخير لبعضنا، الفرص متاحة للجميع والعبر حاضرة دوماً لمن لا يعتبر.
مهى الشريقي