وللمســـــــرح دوره في التــــــــوعية والترفـــــــيه وكشـــــــف الحقــــــــائق

العـــــدد 9340

الثلاثـــــاء 30 نيســــان 2019

 

المسرح مفصل ثقافي له خصوصيته سواء في بناء التوعية الفكرية أم من ناحية التسلية والترفيه، وفي الحالتين هو ضرورة ثقافية تعكس حالة حضارية للمجتمع.

فيما يلي آراء لمسرحيين عايشوا التجربة ومن فئات عمرية مختلفة منها المخضرم ومنها المؤسس ومنها صاحب تجربة حديثة فماذا قالوا في شأن إعادة النهوض بالمسرح، بيتهم الثاني، وخاصة بعد الحالة التي مرت بها سورية خلال ثماني سنواتٍ عجاف.
* الفنان حسين عباس، مدير المسرح القومي، رئيس فرع نقابة الفنانين في اللاذقية:

لا أكون مُغالياً إن قلت: إنَّ المسرح في اللاذقية (القومي، نقابة الفنانين، الجامعي، الفرق المسرحية الخاصة، فرق الأطفال) كان في قمة نشاطه خلال الثماني سنوات التي مضت ولم يقصّر في تقديم أعمال مميزة شهد له بها الجمهور الذي واكب جميع هذه النشاطات، والذي يعدّ الناقد الأهم والمتلقي الأهم، أيضاً دليل آخر على أهمية الأعمال المسرحية التي استضافتها اللاذقية سواء في صالة المسرح القومي أو الجامعي أو مديرية الثقافة أو المراكز الثقافية التابعة لمحافظة اللاذقية أنه تم دعوة أغلب هذه العروض ليصار لتقديمها على خشبات متعددة في المحافظات السورية كدمشق وحمص وحماة وطرطوس، ولا ننسى المشروع الوطني (الأيقونة السورية) الذي قامت به نقابة الفنانين السوريين بكل فروعها العام الماضي وكفرع نقابة الفنانين في اللاذقية عمل لمدة ما يقارب العام مع مجموعة من الأطفال المهجرين في المحافظات الأخرى والأطفال المقيمين في محافظة اللاذقية وكان نتاج هذا العمل عرضاً مسرحياً فنياً موسيقياً غنائياً.
ما تقدّم كان أمثلة بسيطة وبارزة على أن عجلة المسرح في اللاذقية لم تتوقف ولم تتأثر بالظروف التي عاشتها سورية، قد تكون هناك صعوبات اعترت مفاصل العمل المسرحي كصعوبة استضافة جميع الأعمال المنجزة بسبب أنّ صالة المسرح وحيدة حبّذا لو تكون هناك صالات أخرى لأنه من شأنها تفعيل الحركة المسرحية في اللاذقية وتنشيطها، قد يكون من أبرز معالم إعادة الإعمار الثقافي للمسرح فسح مجالات أكبر للنصوص المسرحية والإكثار من ورشات إعداد ممثل وورشات الكتابة المسرحية للكتّاب الهواة الموجودين، وهو الشيء الذي سنقوم به قريباً، أفكار إعادة إعمار المسرح موجودة دائماً، ومعروفة من خلال التجارب المسرحية والتي عايشناها لعقود، لكنها تحتاج لمزيد من الدعم، المهم أننا نجحنا في صدّ الهجمة الثقافية الشرسة للنيل من ثقافة المواطن السوري وبقي جمهور المسرح مخلصاً ووفيّاً، وظلّ متابعاً للعروض المقدمة، لا شك أنه يترتب على الكادر الإداري والمسرحي، فيما يخص المسرح، إدخال نَفَس جديد بأفكار جديدة تعمل على زيادة الوعي والتثقيف الوطني، وتعزيز حب الانتماء، وتلافي الخلافات التي تحصل في كل مكان عمل، والعمل بيد واحدة لتطوير مسيرة المسرح والارتقاء به نحو الأفضل مع أنه وأعود لأقول: إن المسرح لم يفقد وهجه ومتابعيه وجمهوره، قد يكون مرّ بأخطاء أو فترات تراجع أو منغصات لكنه بقي صامداً وصموده واستمراره يتطلب المزيد من الجهود المخلصة والوفية لتطوير هذه المسيرة، ومزيداً من الدعم المادي.
* الفنانة سوسن عطاف، ممثلة مسرحية: إعادة الإعمار مفهوم واسع يشمل الحجر والبشر، وبالنسبة لمسرح اللاذقية يملك طاقات بشرية مميزة وخبرات فنية ومواهب من كافة الأجيال المؤسسة للمسرح والشابة، وللكل دوره ضمن هذا المفصل الثقافي والساحة تتسع للجميع، ولكن إعادة الإعمار التي يحتاجها المسرح في اللاذقية هي بدعم أدوات العمل وأكثرها إلحاحاً إيجاد صالات للتدريب أو خشبة مسرح بديلة عن خشبة المسرح الأساسية والوحيدة والتي لم تعد كافية وحدها لاستقبال كل العروض والبروفات والورشات والتدريبات، خاصة مع ازدياد عدد أفراد أسرة المسرح عاماً بعد آخر، عائلة مسرح اللاذقية اليوم عائلة كبيرة بإمكانات وطاقات كبيرة أيضاً وتحتاج لدعم أكبر من الجهات المعنية، وهي تستحق الدعم تقديراً لجهود أسرة مسرح اللاذقية الوفيّة والمحبة للوطن وللجمهور.
* الفنانة رغداء جديد، ممثلة مسرحية: قد يكون من أبرز الخطوات التي من شأنها إعادة إعمار المسرح هي تدريس المسرح في المدارس واعتباره مثل أي مادة أساسية تدرّس كالرياضيات واللغة العربية واللغات الأجنبية، هذه وجهة نظري حتى قبل الحرب التي مررنا بها، للأسف مسرح اللاذقية مسرح فقير، وينقصه الدعم، فأقله مثالاً لا يوجد أماكن للتدريب على البروفات، هي صالة المسرح الوحيدة التي فيها كل شيء، مما يجعل ذلك صعباً جداً وخاصة في وجود أكثر من عمل مسرحي يتم الإعداد له، أو نشاطات أخرى يستقبلها المسرح، الضغط كبير على خشبة صالة المسرح الوحيدة، واستمرار المسرح كل هذه السنوات، حتى أنه في صدارة مسارح المحافظات، ما هو إلاّ بجهود أفراد، أو مجموعة صغيرة هنا تتعاون مع بعضها دافعها الأول حبّها للمسرح وإيماناً بدوره الهّام في التفاعل مع الملتقى وتصريف للطاقات والمواهب الكامنة للعاملين بالمسرح، للمسرح رسالة ثقافية حضارية وهو حالة فنية راقية يجب أن تلقى مزيداً من الدعم المؤسساتي وليس فقط جهود أفراد مهتمة هنا أو هناك ضمن المؤسسات.
* الفنان مجد أحمد، ممثل ومخرج مسرحي: أعتقد أن الحرب التي تعرضت لها سورية كانت استثنائية وغير مسبوقة، من ناحية الهجوم الذي حاولوا من خلاله قصف ذاكرتنا الثقافية والحضارية ومحاولة شرسة لطمس ما يمكن من هذه الثقافة، هذا الكلام ليس كلاماً تنظيرياً، فالدلائل كثيرة ومنها الهجوم على أهم المعالم الثقافية ومحاولة تدميرها كتمثال المعرّي، وتهديم المدرجات المسرحيّة الفنيّة الرومانية وغيرها من الأفعال التي تطول قائمتها، إلا أنّنا شعب نتمتع بجذور تاريخية ثقافية وحضارية ضاربةُ في القِدَمْ والأصالة.
الحرب كشفت مكان الخلل الحاصل في الثقافة، فكان العمل على إصلاح هذا الخلل والمسرح من هذه المنظومة الثقافية، إلاّ أن المسرح في الحرب، كان منبراً قوياً وممانعاً وصامداً في وجه الهجمة التي ألمّت بنا، فكان هناك إصرار حقيقي من قبل المشتغلين على إنتاج العروض المسرحية والكتابة رغم كل الظروف التي كنا نعاني منها وما زلنا، إلاّ أن المسرح بقي سلاحاً فعّالاً للتصدي للهجوم الذي حصل، وذلك من خلال نوعية العروض التي قُدِمت إضافة إلى المهرجانات المسرحية والفنية التي أقيمت بدعم وتشجيع كل الجهات التي آمنت أن للثقافة فعالاً مقاوماً ضد أي هجوم، وبالتالي لا بدّ من الاستفادة من نقاط الضعف التي ظهرت أثناء الحرب وتحويلها إلى نقاط قوة، والعمل على تطوير البيئة الثقافية بما يتناسب مع متطلبات المرحلة بدءاً من شريحة الأطفال والتي نجد أن جيلاً بات يعرف (بجيل الحرب) قادر على أن يكون مسلحاً بالثقافة والعلم ولا بد من مواجهة كل الثغرات والأخطاء بجرأة والاعتراف بها من خلال خطة مدروسة ولجان مختصة تقوم بالتحضير لمرحلة جديدة أكثر إشراقاً.
* الفنان التشكيلي محمد بدر حمدان، هندسة ديكور في المسرح: كما هو الحال في كل النشاطات الثقافية التي يتأمل الفنان أن يقوم بها، تكون بحاجة إلى الدعم المعنوي والمادي، وتبقى جهود الفنان الشخصية التي يجب أن تكون جديرة بإنجاح هذا النشاط أو ذاك، وكي يستمر النجاح لا بد من التعامل مع المواهب الشابة المدعومة بخبرات الذين قبلهم وهذا ينطبق على الأعمال المسرحية، وعلى الأعمال التشكيلية حيث أن الحافز الأول لهذه النشاطات لا بد أن يكون مدعوماً من قبل الوزارات والدوائر المختصة وفي كل تجربة تكون النتائج سريعة وواضحة بحيث أن المعرض الجماعي يقدم أسماء جديدة في مجال الفن التشكيلي تدل عليهم أعمالهم وكذلك في العروض المسرحية يقدم العرض مواهب جديدة يدل عليها أداؤها المسرحي، وهكذا نستطيع أن نكمل بمواهب شابة مدعومة بخبرات عريقة وتستطيع أن تكمل منفردة إذا استمرت الرعاية المناسبة ربّما تكون هذه طريقة مناسبة بين توافق الموهبة والاهتمام بها ودعمها لإعادة إعمار ما تم تخريبه في الجسد الثقافي.
* نضال عديرة، مخرج وممثل، مدير فرقة أليسار المسرحية: المسرح له دور فعّال في كل زمان ومكان، وخاصة خلال الأزمات، وبالنسبة للمسرح في سورية عموماً واللاذقية خصوصاً فقد تأثر بشكل عام مثل كل المؤسسات في الدولة ورغم ذلك كان فعّالاً خلال الأزمة ومارس دوره في التوعية والترفيه ودوره أيضاً بضخ الدم الجديد من الممثلين الشباب وكشف الحقائق على شكلها الصحيح.
أما في مرحلة إعادة الإعمار نتمنى كمسرحيين أن تتكثف الجهود لزيادة الدعم للمسرح لأنه مؤثر بشكل مباشر على الشباب والأطفال وأقصد الدعم المادي والمعنوي فمهما كانت الطاقات موجودة والمواهب متوافرة إلاّ أنه من دون الدعم المالي لا يمكن الارتقاء بالمسرح وحتى الدعم المعنوي من تكريم واحتفاء وتشجيع مطلوب.
* غربة مريشة، ممثلة بفرقة أليسار: من خلال تجربتي المتواضعة أستطيع القول إن أي شيء في هذه الحياة يحتاج إلى إعادة هيكلة وإعمار وترتيب وتنظيم وبإسقاط هذه الفكرة على المسرح وخاصة بعد ما مررنا به خلال الثماني سنوات، يجب غربلة المتطفلين في المسرح، فمثلاً شهدنا في الآونة الأخيرة تطفلاً لكثيرين يدّعون الموهبة الفنية فنراهم أقحموا أنفسهم متسلحين ببعض الآراء مما شكل عبئاً على المسرح وعدم إتاحة الفرصة أمام المواهب الحقيقية للأسف أقول البعض وليس الكلّ عدّ المسرح كلعبة أو فسحة للتسلية وهناك نقطة أخرى أن هناك تقصيراً إعلامياً تلفزيونياً على وجه التحديد فمسرح اللاذقية وبرأيي المتواضع يكاد يكون واحداً من أهم مسارح المحافظات ولكنه للأسف لا يلقى تسليطاً تلفزيونياً كافياً على أعماله ويُكتفى بتقرير أكثر من مختصر من دون الغوص وإعطاء العمل والعاملين في العمل المسرحي حقهم وبرأيي هاتان النقطتان هامتان جداً في إعادة إعمار المسرح في اللاذقية؟
* مصطفى جانودي، ممثل مسرحي: أهم ما يمكنني قوله في هذا المجال هو تقديم الدعم الذي يستحقه المسرح في اللاذقية من خلال وجود أبسط الأشياء الضرورية لاستمرار عملنا.
تخصيص المسرح بالكهرباء والدعم المادي، وأماكن التدريب على البروفات بذلك نستطيع إعادة الإعمار سواء بحرب أم غير حرب.

مهى الشريقي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار