تربية الدواجن.. ومشاريع ريفية فاشلة أسبابها غياب الخبرة

الوحدة: 22- 11- 2022

نتيجة للظروف الاقتصادية القاسية وارتفاع أسعار جميع المتطلبات المعيشية اليومية دون استثناء، أصبح المواطن السوري في حالة عجز تام  لصعوبة تأمينها،  فقد باتت الكثير من المواد والوجبات الغذائية التي تميزت بها مطابخ الأسر السورية مختفية تماماً ومعدومة الوجود على موائدهم نتيجة أسعارها الخيالية التي حرمتهم لذة تذوقها ولو مرة واحدة بالشهر ومن بينها  (اللحوم) بنوعيها البيضاء والحمراء، إلا أن حديثنا هنا سيقتصر على اللحوم البيضاء، فقد تراوح سعر كيلو الدجاج الحي خلال الأشهر الأخيرة لعام ٢٠٢٢ بين ١٠٥٠٠ – ١٢٠٠٠ ل.س، وتراوح سعر صحن بيض الدجاج بين ١٤٠٠٠- ١٨٠٠٠ ل.س، الأمر الذي دفع بعدد كبير من أفراد الأسر السورية وخاصة ضمن أرياف محافظة اللاذقية للبحث عن وسيلة تمكنهم من تأمين تلك الوجبات الغذائية الشهية ، إضافة لتحقيق القليل من المنفعة المادية التي تساعدهم في مجابهة متغيرات الأحوال المعيشية وجنون الأسعار بين اليوم والتالي في جميع جوانب الحياة، لذا لم يكن أمامهم إلا محاولة البدء بمشاريع صغيرة تقوم على تربية الدواجن من خلال شراء عدد معين من الصيصان الصغيرة ومباشرة تربيتها بطرق عشوائية دون خبرة أو أي ثقافة معرفية حول كيفية توفير البيئة الملائمة والغذاء المناسب لهم، مما نتج عنه موت هذه الصيصان بشكل مفاجئ أو بشكل متقطع.

ولتصحيح تلك الطرق العشوائية المتبعة في تربية الدواجن من قبل البعض وتوجيههم إلى الوسائل والأساليب الناجحة  وبالتالي ضمان نجاح مشاريعهم الصغيرة وتحقيق المنفعة منها التقينا الطبيب البيطري د. عماد جهاد علي الذي يعمل ضمن دائرة البحوث الزراعية لمحافظة اللاذقية إضافة لعمله الحقلي الخاص في مجال الإشراف على المداجن حيث وضح لنا قائلاً : تعد تربية الدجاج البلدي من الموروث الشعبي الريفي، إذ كانت مهنة رديفة لتربية حيوانات المزرعة الأخرى يقوم بها معظم سكان القرى ولم تكن تحتاج إلى خبرة كبيرة  لأن الطيور (الدجاج البلدي) تقتات على الأعشاب البرية والحشرات والديدان وبقايا الإنتاج الزراعي وفضلات حيوانات المزرعة ( أبقار  – أغنام  – ماعز ) بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي للأسرة الريفية من ناحية بيض المائدة وتوفير القليل من اللحم، ومع دخول الحداثة إلى المجتمع الريفي وبسبب هجرة العديد من سكان الريف إلى المدينة قل عدد الأسر التي تمتهن تربية الحيوانات ولوحظ أن العديد من القرى قد فرغت تماماً من التربية الحيوانية، حيث فضل أغلب المواطنين العمل الوظيفي والتجاري المريح نسبياً على العمل الزراعي والحيواني الصعب والمجهد، لكن مع هجرة ونزوح عدد كبير من الأسر السورية من الداخل باتجاه المناطق الساحلية نتيجة الحرب الظالمة التي تعرض لها بلدنا  السوري الحبيب وما نتج عنها من تخريب لممتلكات المواطنين ومنازلهم ومصادر رزقهم من قبل المجموعات الإرهابية وبالتالي اشتداد الأزمة المادية الخانقة ما دفع أغلب الأسر للبحث عن مصادر للعيش ومشاريع صغيرة لكسب المال بالاعتماد على الزراعة وتربية الحيوانات، ومن بين هذه المشاريع عمل البعض بتربية الدجاج البلدي إذ نجح بعضهم وفشل بعضهم الآخر بسبب قلة الخبرة وعدم مراعاة شروط التربية السليمة، وأضاف د. عماد: في الماضي لم يكن الفلاح يتكبد عناء تربية الدجاج البلدي أو يحتاج إلى خبرة كبيرة في مجال الأمراض التي تصيبها يكفي فقط تأمين لها القن المناسب لحمايتها من الحيوانات المفترسة والقليل من الحبوب وبقايا الأطعمة، حيث كانت الفرخات (القرقات) تحتضن البيض وتقوم برعاية صيصانها بعد الفقس حتى تستطع بعدها الاعتماد على نفسها، الآن أصبح هذا متاحاً من خلال ماكينات التفريخ إذ عمل الكثير في هذا المجال وأصبحت تجارة رائجة.

وحول الطرق الصحيحة لنجاح مشاريع تربية الدواجن وضّح د. عماد مفصلاً:  إن النجاح في هذا الأمر يتوقف على عدة أمور منها:

– توفير الشروط الصحية المناسبة لحياة هذه الطيور وخاصة في الأيام أو الأسابيع الأولى من حيث التدفئة والتهوية المناسبة والأرض الجافة والحماية من الحيوانات المفترسة والحشرات الطفيلية.

– إعطاء الأدوية الوقائية والفيتامينات اللازمة لها لأيام معدودة لحمايتها من الأمراض التي قد تفتك بها لاحقاً.

– تقديم الأعلاف المركزة ضمن معالف مخصصة لهذا الغرض وهذه الأعلاف جاهزة وتباع مباشرة من مراكز الأعلاف في بعض المحلات،  منطقة (الريجي القديمة)، ومع الوقت يتم تخفيض كمية هذه الأعلاف المركزة تدريجياً مع مراقبة الطيور إن كانت تقوم بتناول طعامها بنفسها من المزرعة ( أعشاب وحشرات الأرض  – بقايا طبخ  – بقايا خضار وفواكه تالفة وبعض الحبوب مثل الذرة والشعير وبقايا الخبز اليابس …..إلخ)، إضافة لتوفير الماء النظيف غير الملوث ريثما تستطع الاعتماد على نفسها.

– مراقبة الطيور بشكل يومي وعزل الطيور التي تظهر عليها علامات مرضية مثل ( خمول  – انتعاش الريش  – إغماض الأعين  –  بهتان أو إزرقاق العرف  – صعوبة تنفس  – إسهال).

وأنهى د. عماد حديثه قائلاً: أتمنى من الحكومة أن تقوم بدعم مثل هذه المشاريع الصغيرة كي تستطع بعض الأسر الريفية تأمين احتياجاتها الغذائية من البيض وبيع الفائض عنها وبالتالي تحقيق دخل يومي مقبول يعينها على تحمل أعباء الحياة وغلاء المعيشة.

جراح عدره

تصفح المزيد..
آخر الأخبار