دور الثقافة في الخلق والإبداع والتفوق
الوحدة : 12-10-2022
ألقى الأستاذ غسان عبدالله محاضرة في مركز ثقافي جبلة بعنوان (جوهر الأمة الخلق والإبداع والتفوق)، أكد خلالها على أن الإبداع لا يأتي إلا من خلال الوعي الذي يسير بنا نحو مرتبة نستعيد فيها مكانتنا الحقيقية، ونتغلب على كل ما يعترض الطريق من صعوبات، مشيراً إلى أن السوريين هم الشعب الوحيد الذي انتشر في حوض المتوسط انتشاراً حضارياً، وباعتراف المؤرخين في الغرب قديمهم وحديثهم، فسورية أنزلت أول سفينة في البحر تاريخياً، وقدمت للبشرية أغلى إنجازاتها الثقافية والحضارية وليست الأبجدية والكتابة إلا واحدة منها، ومع انتشار السوريين في بلدان حوض البحر المتوسط منذ الألف الثالث قبل الميلاد، وزحفهم التدريجي في بقاع أوروبا انتشرت معهم ثقافتهم وعمارتهم ولغتهم وصولاً إلى عصر النهضة الأوروبية الحديثة.. ومن هنا تأتي ضرورة الاهتمام بثقافتنا- حسبما ذكر المحاضر- التي هي التراث الفكري والحضاري للأمة، مع الأخذ بعين الاعتبار التقاء جميع الثقافات مع بعضها البعض في كثير من الجوانب وتمازجها وتفاعلها بين الشعوب.. باستثناء تلك الثقافات التي سيطرت عليها الصهيونية خدمةً للمشروع الصهيوني العالمي. وتطرق المحاضر إلى انتشار ثقافة البوب والجاز أو الثقافة الدنيا في عقود ما بعد الحداثة، مما أدى إلى الاستسهال في توظيف اللغات وفي القراءة والكتابة أيضاً، فجمهور الشباب في عالمنا العربي كله لا يهتم إلا بالثقافة السريعة الاستهلاكية التي تمنحها له الحضارة الرقمية.
وأوضح المحاضر أنه مع انتشار ثقافة السوق في مختلف نواحي الحياة، وتحول مكتبات عدة إلى محلات وجبات سريعة أو مقاهٍ للنرجيلة، ظهرت أزمة عميقة بين القارئ والكتاب وأصبحت شبه مستعصية، مع عدم تقديم الحلول من قبل الجهات المعنية بالكتاب دون استثناء من أجل الخروج من الأزمة. وفيما يتعلق بالمنهاج التعليمي المتبع، رأى المحاضر بأنه تلقينيّ لا ينتج عقلاً منفتحاً ومحاوراً ومبدعاً.. وإنما ينتج عقلاً استسلامياً. ومن هنا تأتي الضرورة الملحّة للتعامل بجدية مع هذه الأزمة التي وإن كانت قديمة، إلا أن دخولها في هذه المرحلة الحساسة يجعل من تجاهلها أو تناسيها كارثياً وفادحاً.. وأكد المحاضر على أن القراءة نافذة للعقل على حقل المعلومات سواء منها الإنسانية أو التكنولوجية، فالأمة التي تقرأ هي أمة نافعة لأبنائها وللعالم كافة.. وبيّن كذلك المحاضر دور الأدباء والمفكرين والمثقفين والمؤرخين عبر الندوات والمحاضرات والصحف والمجلات ووسائل الإعلام كافة للتخلص من ثقافة السوق، وذلك باتباع الشفافية من أجل بناء وطن مليء بقيَم الحق والخير والجمال والحكمة. ودعا المحاضر إلى بذل الجهود مجتمعةً وتكثيفها كي يصبح الأدب كله من نظم وشعر وفلسفة معبّراً عن حياتنا وواقعنا كي يكون أدباً جديراً بالبقاء يتبوأ المركز الأول عالمياً، لاسيما أن أمتنا غنية بروائع المظاهر والمكنونات النفسية التاريخية ما يستهوينا لاستخراج كنوزها واستئناف مجرى خططها السامية، لأن جوهر الأمة الخلق والإبداع والتفوق.
ازدهار علي