ذكريات ثانوية جول جمّال مع الفنان رشيد شخيص

الوحدة : 5-10-2022

حكايا كثيرة وجميلة يرويها أ.رشيد شخيص، وهو من القامات الإنسانية الثقافية، معايشاً للثانوية منذ تأسيسها إذ كان مدرّساً لمادتي اللغة العربية والفنون الجميلة فيها. عن ثانوية جول جمال، هذا الصرح العلمي المتميز على مدى عقود، والذي خرّج أسماء كبيرة لامعة في شتى حقول العلم والمعرفة. بدأ أ.شخيص حديثه الشيّق فقال: قدّمت الثانوية منذ فجر نشأتها لآلئ ثقافة ومعرفة وعلوم وفنون وتربية وطنية وأخلاق فاضلة. لقد وصفها أبناؤها الطلّاب بأروع الأوصاف بعد تخرّجهم بتفوّق منها، وانتشارهم كالنجوم اللامعة في سماء الوطن، ودول العالم. وصفوها بأنها مخرّجة العظماء.. عروس الموج.. خزينة الحكمة والمعرفة.. مهد الشوامخ… مصنع الأبطال.. منارة العلم. وكلها تسميات تليق بها عند معرفة كيف أصبح طلابها مبرّزين في أهم جامعات وصروح العالم سواء أطباء، مهندسين أو فنانين وسياسيين. ثم انتقل أ.شخيص ليخبرنا عن جانب آخر فذكر: تمّ بناء المدرسة على أنقاض مقبرة قديمة بالقرب منها جامع قديم (الدمياطي)، وإلى الجنوب سوق الدمياطي. وعند حفر أساسات البناء، عُثِر على تمثال لأسد اللاذقية، كان يُربّى في جبال اللاذقية، وعُرِف عالمياً بالأسد السوري، وهو الأقوى، والأجمل والأسرع بين أسود العالم. نُقِل تمثال هذا الأسد إلى دمشق، وهو يتربّع حتى الآن على مدخل متحف دمشق الوطني. ويتابع الشرح: بعد إنجاز بناء الثانوية سنة 1924،جرى حفل الافتتاح وحضره محافظ اللاذقية آنذاك ومدير التربية يوسف ادّه والمندوب السامي الفرنسي إرنست شوفلر، والمفتش العام الفرنسي في سورية ولبنان، وراعي الاحتفال.

وبعد قص الشريط الحريري، سُئِل المهندس الإيطالي( أريكولي) لماذا صمّمت بناء المدرسة بهذه الضخامة وليس في باريس مثيلاً لها؟ فلم يُجِب، ولما طال سكوته سئل مرة ثانية، فقال بصوت عالٍ سمعه الجميع: إنه الإلهام.. إنه الوحي.. إنها مشيئة الله يا سيدي. فما كان من المفتش الأول في سورية ولبنان، وهو المعروف برعونته وغضبه، إلّا الانسحاب من الاحتفال غاضباً. وبعد حفل الافتتاح توجّه موكب الجنرال (ساراي) إلى الحديقة العامة، فالكازينو (على الكورنيش الغربي)، إلى كنيسة اللاتين، فالمشفى الوطني وتمّ افتتاحها جميعاً. من الجدير بالذكر، أن المشفى الوطني في اللاذقية بُني على أنقاض مسرح روماني قديم. واستكمالاً للحديث عن الثانوية يضيف أ.شخيص: بدأت المدرسة رسالتها التربوية والتعليمية منذ العام 1924 باسم المدرسة التجهيزية، وعُيّن لها مديران الأستاذ مصطفى الزين للدروس العربية، والمدير الفرنسي أوجين تيريت للدروس الفرنسية. ومن كثرة نجاح أ.مصطفى الزين في إدارة المدرسة، تم تعيينه مديراً للأمن العام في سورية بعد الجلاء. تعاقب على إدارة المدرسة شخصيات علمية وطنية مثل: محمد حكمت خواج، أحمد عيد الخيّر، وصبري بستنجي، عبد الوهاب عيسى، محمد سعيد حدّاد، جمال حرفوش، إبراهيم يوسف، محمد علي حسن، ومحمد شاكر عضيمة، سيف الدين مز، أحمد عبد الجواد، وعبد الرحمن شخيص. وقد جرى أثناء إدارة محمد شاكر عضيمة عام 1974 الاحتفال بالعيد الذهبي للثانوية بمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيسها. ثم في العام 1999 احتفل أ.عضيمة بالعيد الماسي للثانوية بمناسبة مرور خمسة وسبعين عاماً على تأسيسها. كانت احتفالات كبيرة قام بتنظيمها المدير المبدع محمد شاكر عضيمة. احتفالات ومهرجانات منذ العام 1974 وحتى العام 1999 كما يلي: لم تشهد اللاذقية ولا مدارسها ولا أهلها مثيلاً لاحتفالات العيدين الذهبي والماسي للثانوية، حيث قُدمت مهرجانات شعرية، معارض فنية، وبطولات رياضية، ومعارض أعمال يدوية وعلوم وتاريخ وجغرافيا، وحفلات موسيقية، وقد غطّت إذاعة جول جمّال أخبار الاحتفالات كلّها. وجرت كلّ هذه الاحتفالات برعاية الرئيس المؤسس حافظ الأسد. كما تمّ تأليف كتاب عن الثانوية باسم /اليوبيل الذهبي لثانوية جول جمّال/ ذُكِر في الكتاب عن حياة الرئيس المؤسس حافظ الأسد وتفوقه الدراسي، وقيادته لاتحاد الطلبة في سورية. كما رُسِمَت 35 لوحة زيتية تمثّل حياة الرئيس الخالد، والرسالة التي وجّهها إلى الطلّاب والمدّرسين في الثانوية وفي القطر، وقد تمّ الاحتفال بإزاحة الستار عن تمثال السيد الرئيس حافظ الأسد في قلب ثانوية جول جمّال. والآن وقد بلغت الثانوية عامها الثامن والتسعين لابد لنا من ذكر أنها اتخذت تسميتها من خلال استشهاد البطل جول جمّال أثناء العدوان الثلاثي عام 1956. وقدّمت الثانوية قوافل الشهداء نذكر منهم: أحمد جودت كاظم، أحمد بهيج شومان، منير معروف، محمد شكري حكيم، رفيق اسكاف، عدنان مخلوف، عدنان حسين، سعدالله يوزباشي، محمد آني، يوسف نداف وغيرهم. تلك كانت وقفة مشرقة لذكريات ثانوية جول جمّال، علينا كأبناء اللاذقية معرفتها والاحتفاظ بها في ذاكرة الأجيال المتعاقبة.

مهى الشريقي

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار