الوحدة : 22-9-2022
أسباب متعددة كانت خلف ظاهرة الدروس الخصوصية التي غزت حياتنا اليومية ولم تعد حكراً على الشهادات بل امتدت لكافة الصفوف، وباتت أغلب العائلات تقتطع من قوت يومها لتحسب حساب أجر المدرس الخصوصي الذي يقع على عاتقه حسب مفهوم الأهالي مسألة تفوق ابنهم وتميزه وحصوله على أعلى المعدلات. الوحدة استقصت آراء بعض المدرسين وأولياء الأمور حول هذه الظاهرة وأسبابها ومدى ضرورتها وأهميتها للطلاب، حيث أكدت المدّرسة آسيا فياض وهي مدّرسة رياضيات: بأن الطالب المجتهد والمتابع لدروسه والملتزم بدوامه لا يحتاج إلا لبعض التوجيهات وربما يحتاج لبعض الدروس الخصوصية فقط في فترة المراجعة التي تسبق الامتحانات، مؤكدة بأنه عندما تتضافر جهود المدرسين و إدارة المدرسة مع الأهالي ستتغير ثقافة المجتمع تجاه الدروس الخصوصية، ويستطيعون إن أرادوا إقامة دورات تقوية في كل ثانوية وبأجور مدروسة ومحددة تعود بالفائدة على المدرسة والمدرّس والأهالي والطلاب معاً، ولفتت أيضاً بأن تحسين المستوى المعيشي للمعلم ومساعدته في تأمين المسكن ومستلزمات الحياة الضرورية وتأمين وسيلة نقل إلى مركز عمله كفيل بتحسين الواقع التعليمي ضمن المدارس، وأشارت أيضاً بأنه هناك فرق بالإعطاء بين مدرس يقف لعدة ساعات متواصلة داخل الصف وأمامه ٣٠ طالباً وأكثر مع مراعاة الفروقات الفردية، وبين مدرس يجلس وراء طاولة على كرسي مريح وأمامه طالب أو طالبين وبجانبه كوب من الشاي في بيت نظيف ودافئ. وأكدت المدرسة نفاح سلامي مدّرسة علم أحياء بأن غيرة الأهل والأبناء من بعضهم أحد أهم أسباب انتشار الدروس الخصوصية في مجتمعنا مشيرة بأنها تقدم نفس المعلومة داخل الصف وقد تكون أفضل داخل المدرسة بسبب وجود الوسائل التعليمية، مع الإشارة إلى أن عدد الطلاب داخل الصف قد يؤثر على الفهم لدى الطالب، حيث أن طالب العلمي تحديداً يحتاج إلى عقل وفكر وفهم ودقة وتركيز وتكرار المعلومة يؤدي الى تثبيتها، وحول الأسعار أكدت بأنه ضمن الريف تتم مراعاة وضع الطالب والأهالي معاً كوننا جميعاً على معرفة ودراية بظروف بعضنا، كما ونقوم بوضع الطلاب ضمن مجموعات صغيرة حتى نخفف العبئ عنهم. ويرى الأستاذ علي الكنج وهو مدرس لمادتي الفلسفة والقومية بأن الدروس الخصوصية أصبحت عادة يتناقلها الأهل بين بعضهم متجاهلين دور المدرسة الأساسي، مؤكداً بأن أهم أسباب هذه الظاهرة هم الأهل أنفسهم الذين لا يجبرون أبنائهم على حضور دروس المدرسة وينجرون خلف رغبات أبنائهم في الدروس الخصوصية في كافة المواد، مؤكداً بأنهم يعانون في المدرسة من هذه الظاهرة، حيث أن الطلاب لا يصغون لإعطاء المدرسين ضمن الصف بسبب الدروس الخصوصية التي تلقوها سابقاً، مؤكداً أن الدرس الخصوصي ضروري لمن لديه نقص في أحد المواد وليس لكافة المواد، وحول الأسعار أكد بأنها ترجع لكل مدرس وإنسانيته وطريقة تعاطيه مع طلابه وأهاليهم. وشاركتنا الرأي السيدة أم جعفر وهي أم لطالبين في الشهادة الإعدادية والثانوية مؤكدة أن المدرسة تحل أزمة حقيقية، لكننا نعاني من كفاءة بعض المدرسين وتحديداً في الشهادات والذين يمرون على العناوين مرور الكرام دون أدنى مسؤولية، أيضاً لا نستطيع الاعتماد على المدرسة لوحدها لأن المنهاج لا يعطى كاملاً ولا ينتهي خلال العام الدراسي وخاصة في الأرياف البعيدة التي تتحكم المواصلات بمدرسيها وبوقتهم، وأكدت أنها ورغم متابعتها واهتمامها بأبنائها إلا أنها لم تتردد لحظة واحدة عن إعطائهم دروساً خصوصية في المنزل لأن الشهادة الثانوية تحدد المستقبل بالكامل وإيماناً منها بأن هذه الدروس تقوي الطالب وتساعده في ظل منهاج ضخم وكبير جداً، إضافة إلى خوف الطالب نفسه من عدم إنهاء كافة منهاجه في المدرسة، وأكدت أن أولادها ملتزمون تماماً بالدوام المدرسي وأن طالبة الشهادة الثانوية تأخذ دروسها الخاصة كلها بعد المدرسة، مشيرة أن أسعار الدروس كاوية فوق قدرة الأهالي ولكنهم اضطروا أن يلغوا الكثير من أمور حياتهم في سبيل تأمين الدروس فساعة الرياضيات ب ١٢ ألف ليرة، وساعة الفيزياء ب١٥ ألف ليرة، وساعة اللغة العربية ب ١٠ آلاف….بينما ابنها في الشهادة الإعدادية يتابع كافة دروسه في المدرسة دون أي دروس خصوصية لأن كل مدرسيه أكفاء، وقد توجهت بالشكر لكل مدرس يعطي من قلبه ويعامل التلاميذ كأبنائه ويدعمهم نفسياً كما يدعمهم بتقديم المعلومة. ورأت السيدة ثناء محمود أن الدروس الخصوصية شر لابد منه كون المدرسة لم تعد كما كانت في السابق من حيث الاحترام والهيبة والمحافظة على قدسية واحترام مهنة التعليم، إضافة إلى غياب المعلمين المتكرر الذي يؤثر على الطلاب الملتزمين، كذلك عدم قدرة البعض منهم إدخال المعلومة بشكلها السلس والصحيح نتيجة الازدحام أو عدم الخبرة والأسلوب وإضاعة الوقت بسبب بعض الطلاب الفوضويين، نتمنى أن يعود الرقي بالتعليم والمعلم والطالب كالسابق وأن يعود التعليم في المدارس إلى ألقه وهيبته والعمل على إعادة كسب ثقة أولياء الأمور والتأكيد على حضور طلاب الشهادات بالكامل لأن تساهل المدرسة مع الغياب أوصلنا الى هذه النتيجة، مؤكدة أنها لم تستطع إجبار ابنها على الالتزام بالمدرسة لأن معظم رفاقه تغيبوا والتحقوا بالمعاهد والدروس الخاصة والمدرسة تغاضت عن غيابهم ولم تهتم لهم أو تحاسبهم عليه، لافتة أن انضباط الطلاب والتزام المدرسين الأكفاء ضمن المدرسة من أهم أسباب إلغاء ظاهرة الدروس الخصوصية فيما لو أرادوا فعلاً منعها ومحاربتها.
سناء ديب