سورية تدعو إلى اتخاذ خطوات عملية جادة لإلزام (إسرائيل) بالانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية

الوحدة:16-9-2022

فيينا-سانا

دعت سورية مجدداً المجتمع الدولي إلى اتخاذ قرار واضح وخطوات عملية جادة لإلزام “إسرائيل” بالانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وإخضاع جميع منشآتها لتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية دون قيد أو شرط.

وأكد مندوب سورية الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في فيينا السفير الدكتور حسن خضور في بيان ألقاه أمام مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن البند 12 المتعلق بتطبيق ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في منطقة الشرق الأوسط “ترى سورية أنه قد حان الوقت للمجتمع الدولي كي يقف في وجه سياسة التغاضي عن الممارسات الإسرائيلية الخطيرة وأن يتخذ قراراً واضحاً وخطواتٍ عمليةٍ جادة من أجل إلزام إسرائيل بالانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وإخضاع جميع منشآتها لتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية دون قيد أو شرط”.

وأشار خضور إلى أنه “منذ اعتماد القرار المتعلق بالشرق الأوسط في مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار عام  1995 والذي تم على أساسه التمديد اللانهائي للمعاهدة لم يتم اتخاذ خطوات عملية نحو إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط رغم كل المبادرات التي طرحت لتحقيق هذا الهدف وذلك بسبب مواصلة إسرائيل تحديها للمجتمع الدولي عبر رفضها الانضمام للمعاهدة كدولة غير حائزة مستندة في ذلك إلى دعم مطلق من حلفائها”.

ونبه الدكتور إلى أن تهرب “إسرائيل” من الانضمام لمعاهدة عدم الانتشار النووي يعطي مؤشراً واضحاً على أنها تضرب بعرض الحائط الإرادة الدولية والإقليمية الشاملة لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل.

وندد خضور بانحياز الولايات المتحدة لـ “إسرائيل” واتباعها سياسة المعايير المزدوجة  بخصوص انتشار أسلحة الدمار الشامل وقال إن “الولايات المتحدة الأمريكية وهي دولة  نووية وديعة للمعاهدة تبدي الاهتمام والحماس بشأن مسائل منع انتشار أسلحة الدمار  الشامل لكن عندما يتعلق الأمر بإسرائيل وترسانة سلاحها النووي والكيميائي يختفي هذا  الحماس ويتحول إلى سعي لإيجاد المبررات والذرائع”.

وبين أن الولايات المتحدة رغم أنها إحدى الدول الثلاث الراعية لقرار الشرق الأوسط لعام 1995  فإنها تعيق وبشتى السبل كل الخطوات الرامية إلى تنفيذه لحماية مصالح “إسرائيل”.

وفيما يتعلق بالبند الفرعي 8 /ب المتعلق بتنفيذ اتفاق الضمانات المعقود بموجب معاهدة عدم الانتشار في سورية أكد السفير خضور أن استمرار المجلس بمناقشة هذا البند على نحو متكرر من حيث الشكل والمضمون يُدخله في دائرة مناقشة مفرغة وعقيمة تتسبب بهدر الوقت والموارد وخاصة أنه تم إقحامه دون مبرر وبشكل مخالف لأساليب عمل الوكالة لا بل إنه يفسح المجال لبعض الدول للتشويش على عمل المجلس وحرف انتباهه عن نشاطات “إسرائيل” وما تملكه من قدرات نووية عسكرية وهي الدولة الوحيدة التي لم تنضم إلى معاهدة عدم الانتشار.

وبين أن إزالة هذا البند من جدول الأعمال له مبرراته القوية مذكراً بموقف المدير العام الأسبق للوكالة الدولية الذرية الدكتور محمد البرادعي الذي قال “إن إسرائيل لم تقم فقط بإعاقة عمل الوكالة حينما قامت بقصف ما كانت تدعي أنه منشأة نووية في سورية بل قامت أيضاً بانتهاك واضح للقانون الدولي”.

وأشار السفير خضور إلى أن عدوان “إسرائيل” في أيلول عام 2007 على منطقة في محافظة دير الزور قد تم استخدامه منصة للهجوم على سورية بهدف تشويه صورتها وممارسة الضغوط السياسية عليها ومحاصرتها بدلاً من أن تتم إدانته بقوة كونه يمثل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي.

ولفت السفير خضور إلى أن إقرار “إسرائيل” الرسمي المتأخر بالمسؤولية عن عدوانها على سورية يحتم عليها التعاون مع الوكالة للكشف عن حقيقة التلوث الذي أحدثته قذائفها مشدداً على أنه ما لم تتعاون “إسرائيل” القوة المعتدية مع الوكالة فإن أي مناقشة لهذا الموضوع ستبقى دون جدوى.

وأكد مندوب سورية الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في فيينا أن سلوك “إسرائيل” العدواني في المنطقة وبقاءها بما تمتلكه من قدراتٍ نووية خارج إطار معاهدة عدم الانتشار واتفاق ضمانات شاملة مع الوكالة يمثل خطراً جسيماً على نظام عدم الانتشار حيث تستغل “إسرائيل” الظروف والأوضاع في المنطقة وتقوم وبشكل متكرر بإلحاق أضرار كبيرة ضد المدنيين والعسكريين.

وبين أن رفض “إسرائيل” لجميع المبادرات الداعية لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط يجعلها تهدد الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وفي ضوء كل ذلك فإن “إسرائيل” غير مؤهلة على الإطلاق للحديث عن حالات عدم الامتثال للمعاهدة أو الالتزام بالمعايير الدولية التي تنتهكها في كل يوم.

وأوضح السفير خضور أن الاستنتاج الترجيحي الذي قدمته الأمانة لمجلس المحافظين في حزيران 2011 لا يتسق مع الأساليب الفنية والعلمية لعمل الوكالة مبيناً أنها بنت هذا الاستنتاج على معلومات تم جمعها من مصادر مفتوحة بعد أن جرت فبركتها من قبل دوائر استخباراتية معروفة وقدمته بشكل غير حاسم ودون أدلة مادية.

وأكد السفير خضور أن التعاون السوري مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يتوقف أبداً وتشهد تقارير تنفيذ الضمانات المتعاقبة على أن سورية لم تتأخر عن الوفاء بالتزاماتها القانونية بموجب اتفاق الضمانات الشاملة ومعاهدة عدم الانتشار وأنها لبّت كل طلبات التفتيش الدورية في مواعيدها.

ولفت إلى أن سورية قدمت في إطار تعاونها أقصى درجات المرونة والجدية لتسوية بعض المسائل العالقة فيما يخص طبيعة الموقع الذي دمره العدوان الإسرائيلي في دير الزور حيث سمحت في حزيران 2008 لمفتشي الوكالة بزيارة الموقع والتحرك بكل حرية في محيطه وجمع العينات البيئية منه كما أجابت على جميع الاستفسارات التي طرحوها والتي توجت بالاتفاق مع الوكالة على “خطة عمل” تم التوصل إليها خلال الاجتماع الذي عقد في دمشق في تشرين أول 2011 مع نائب المدير العام لشؤون الضمانات في الوكالة آنذاك وهذه الخطة لا تزال موجودة حتى الآن إلا أن مسار التشويش الذي دأبت عليه بعض الدول الأعضاء المعروفة أعاق تنفيذ هذا المسعى.

وأكد السفير خضور أن سورية كانت وستبقى ملتزمة بالتعاون الكامل والبناء مع الوكالة وفقاً لالتزاماتها بموجب معاهدة عدم الانتشار واتفاقية الضمانات الشاملة الموقعة مع الوكالة.

وفيما يتعلق بمسألة “القدرات النووية الإسرائيلية” قال السفير خضور إنه منذ عقود وحتى يومنا هذا تعمل “إسرائيل” على تعزيز قدراتها العسكرية النووية بشكل سري وبعيداً عن أي رقابة دولية وقد عملت بعض الدول الغربية على تزويدها بمفاعل ديمونة الذي ينتج أسلحة نووية بالإضافة إلى تزويدها بالمواد والتكنولوجيا النووية التي مكنتها من امتلاك ترسانة هائلة من الرؤوس النووية ووسائل إيصالها.

وأشار السفير خضور إلى أن بعض الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية تناقض مواقفها إزاء قضايا منع الانتشار وتمارس ازدواجية واضحة في المعايير وذلك حين تتغاضى عن امتلاك “إسرائيل” لقدرات نووية وعن التقارير التي تفيد بإجراء “إسرائيل” أعمال توسيع لمفاعلها النووي كما توفر لها كافة أشكال الحماية وتبقيها خارج أي مساءلة دولية.

وذكر السفير خضور بقرار مجلس الأمن رقم 487 لعام 1981 الذي طالب “إسرائيل” بالوضع الفوري لمنشآتها النووية تحت ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية كما ذكر أيضاً بأن المؤتمر العام للوكالة تبنى قراراً في الدورة الـ 53 بعنوان “القدرات النووية الإسرائيلية” طالب “إسرائيل” بالانضمام لمعاهدة عدم الانتشار النووي وإخضاع جميع منشآتها النووية للضمانات الشاملة للوكالة إلا أن “إسرائيل” أصرّت على تجاهل كل هذه الدعوات.

وبشأن اتفاق الضمانات المعقود بموجب معاهدة عدم الانتشار في الجمهورية الإسلامية الإيرانية أعرب السفير خضور عن تقدير سورية لالتزام إيران الكامل بالاتفاقيات الدولية بما في ذلك التطبيق الطوعي للبروتوكول الإضافي لسنوات عدة ونيتها الصادقة في الحفاظ على حقها بالاستخدام السلمي للطاقة الذرية.

وبين أن سورية ترحب بتعاون إيران الفني فيما يتعلق بالمواقع الثلاثة التي أرادت الوكالة تفسيرات لوجود بعض المواد المصنعة فيها وتقديم كافة البيانات للوكالة مبيناً أن متابعة الحوار الثنائي بين الوكالة وإيران هو السبيل الوحيد لاستكمال معالجة المسائل العالقة وإغلاقها سواءً المتعلقة بالمواقع الثلاثة أو أي مسائل أخرى.

وأكد السفير خضور ترحيب سورية بخطة العمل الشاملة المشتركة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية مشيراً إلى أن انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الخطة بشكل أحادي ودون أي تبريرات مشروعة مثّل انتهاكاً صارخاً لقرار مجلس الأمن 2231 -2015 التوافقي وكان السبب الجذري لما يجري في الوقت الراهن.

ولفت السفير خضور إلى أن التطبيق الشامل لخطة العمل الشاملة المشتركة لا يعتمد على إيران فقط وإنما ينبغي أن يُقابله إيفاء جميع الأطراف الأخرى بالتزاماتها وبشكلٍ خاص رفع العقوبات المفروضة عليها.

وبشأن البند المتعلق بالأمن النووي والضمانات في أوكرانيا  أكد السفير خضور أهمية استمرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالقيام بالمهام المنوطة بها بكامل الحيادية والاستقلالية والموضوعية والمهنية والنزاهة وألا تقع ضحية ضغوطات خارجية هدفها تنفيذ أجندات سياسية تستهدف دولاً ذات سيادة.

وأشار السفير خضور إلى ترحيب سورية ببدء الحوار الصادق بين الأطراف المعنية وتطلعها لتوصلها إلى حلول بناءة تأخذ بالاعتبار أوجه القلق الأمنية المشروعة للاتحاد الروسي ووقف تدفق الأسلحة والصواريخ إلى أوكرانيا.

وبين السفير خضور أن روسيا دولة مسؤولة وتعي أهمية أمن وسلامة المرافق والبنى التحتية الأساسية والحساسة بما فيها النووية ودأبت منذ بداية العملية العسكرية على تقديم مقترحات عملية ومارست أعلى درجات ضبط النفس تجاه كل محاولات التصعيد داعياً في هذا السياق الدول الأعضاء والوكالة الدولية للطاقة الذرية لعدم استباق النتائج وتضخيمها والمبالغة في ردود الفعل بشأن إمكانية حصول تسرب إشعاعي أو كارثة نووية في المرافق النووية.

وشدد السفير على أهمية حل المشاكل الإقليمية والدولية عن طريق الدبلوماسية والحوار ودعم جهود صون الأمن والاستقرار في أي بقعة توتر في العالم.

وحول البند المتعلق بنقل المواد النووية في سياق “شراكة أوكوس” وضماناتها من جميع الجوانب في إطار معاهدة عدم الانتشار أكد السفير خضور أن تشكيل “شراكة أوكوس” والتعاون الثلاثي بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا في مجال الغواصات النووية مسألة لها تأثير سلبي عميق وبعيد المدى على الاستقرار الاستراتيجي العالمي ونظام الأمن الدولي والسلام والاستقرار الإقليميين ونظام عدم الانتشار العالمي وهذا يتطلب استجابة سياسية من قبل الآليات الأمنية الدولية والإقليمية ذات الصلة موضحاً أنه في الوقت نفسه يجب على الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تقدم ردها بطريقة تتماشى مع ولاياتها.

وأضاف السفير خضور: “انطلاقاً من ذلك نؤيد مبادرة وفد جمهورية الصين الشعبية بتضمين جدول أعمال مجلس المحافظين بنداً منفصلاً بشأن نقل المواد النووية في إطار شراكة أوكوس وتطبيق الضمانات على هذه المبادرة من جميع جوانبها وفقاً لمعاهدة عدم الانتشار ولا سيما أن شراكة أوكوس تتضمن نقلاً غير مشروع لمواد الأسلحة النووية ما يجعلها في الأساس عملاً من أعمال الانتشار النووي وانتهاكاً مباشراً لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية فهي المرة الأولى في التاريخ التي تقوم فيها دولتان من الدول الحائزة على الأسلحة النووية بنقل أطنان بشكل صارخ وغير قانوني من مواد الأسلحة النووية إلى دولة غير حائزة على الأسلحة النووية وهذا يتعارض تماماً مع معاهدة عدم الانتشار النووي لا بل ينتهك هذه المعاهدة بشكل صارخ”.

تصفح المزيد..
آخر الأخبار