شركة الساحل للغزل.. نيران المراســـلات تشـــتعل بين مؤسـّـسة «الحلــــــج» والشـّــــــركة

العدد: 9328

الأحد-7-4-2019

 

 

ليس هناك كلام بعد تقرير تفتيش العمل الأخير الذي أنصفهم فوصّف حالهم، ولا تعليق على ما ورد فيه، فلا مزيد كما نزيد… عمّال شركة الساحل للغزل (جبلة) عليهم وعليهم ولكن… ماذا لهم؟
لا يمكن استثناء عامل منهم، ولا المفاضلة بين قسم وآخر بالميّزات، لكن يمكن ترشيح قسم دون غيره للمعاناة وإعلانه الفائز بالخسارة! فالحال في شركة الساحل للغزل من بعضه، وجزؤه يتحدّث عن كله.
عمّال يتجرعون مرارة الكأس حنظلاً، قسوة العمل تأكل من أجسادهم، وثقل أحمالهم تقوّس ظهورهم، يكبر همّهم وتقل حيلتهم وتضيق ذات يدهم.
( صه.. إجازتك غير مستحقة، وصحّيتك غير مربوطة بصحتك، وحسميات تغيبك تقيد على الراتب لتخرجه عن قيد الحياة) استنشاق أبخرة، أغبرة، أرض لزجة موحلة، سقوط، كسر وخلع، لا يهم..!
ضجيج الآلة يعلو على صخب صمت العامل الداخلي، التكييف للآلة والخيط، شئت أم أبيت، ومع هذا يستكثرون عليك سمّاعة هيتفون ويستبدلونها بالسماعة البلاستيكية رخيصة الثمن..
عمال شركة الساحل غير مشمّلين بالضمان الصحي، ومهنتهم الخطرة غير مصنفة بالأعمال المجهدة، ومريضهم كصحيحهم الذي سيمرض بعد حين.
مرض القلب المفتوح للكناسة اليدوية وتلك المرأة التي تعرضت لإجراء عدّة عمليات في البطن وما زالت وراء آلتها على خطوط الإنتاج، وذلك مصاب حرب ويعمل في ميكانيك السيارات، وآخر أعيد للعمل في نفس يوم غيابه عن الوعي وإسعافه للمشفى نتيجة سقوط بالات قطن عليه.
لا يوجد تعويض عمل إضافي والمكافآت غير مجزية والحوافز شبه معدومة، وهناك 152 عاملاً مريضاً بأمراض مزمنة ويحتاجون لوصفات دائمة (ربو، ضغط، سكر، أمراض قلب)، قسم الأشعة معطل في مستوصف الشركة بسبب قدم أجهزته وعدم وجود جهاز تحميض ..و.. و..
ونبدأ من حيث انتهى تقرير تفتيش العمل بأن التقييم النهائي للمعمل سيء وهو بشكل عام غير محقق لشروط السلامة المهنية، وهناك خطر حقيقي على العمال نتيجة التعرض اليومي والمستمر لنسب ضجيج آلية ولاستنشاق كميات كبيرة من الأغبرة وزغبار القطن والتي لها تأثيرات خطيرة على الصحة وقيامهم بجرّ الأوزان، ولابد من اتخاذ كافة التدابير والإجراءات لتلافي هذه الأخطار، فصناعة الغزل والنسيج صناعة مهمة في القطر كونها تعتمد على مواد أولية بإنتاج محلي.
وكانت دائرة الصحة والسلامة المهنية في مؤسسة التأمينات الاجتماعية والعمل برئاسة د. حنان ديب وضعت تقرير تفتيش مهني عن الأعمال الخطرة والمجهدة في شركة الساحل للغزل تضمن توصيفاً لواقع العمل الذي يئن من وجع وآهات عمّالية تسدد ضريبة مسبقة لفاتورة الأمراض المهنية على حساب الصحة.
تقع شركة الساحل للغزل في مدينة جبلة قرب مفرق المقص بجانب المخبز الآلي، أسست سنة 1998 كمشروع للغزل وفي سنة 2008 أطلق عليها اسم شركة الساحل للغزل، وهي تمتد على مساحة 371 دونماً، وتتألف في جانبها الإنتاجي من 3 صالات إنتاج، كل منها معمل قائم بحد ذاته ومزود بمخبر تتم فيه الاختبارات على الأقطان، وتقوم الشركة بإنتاج الخيوط المسرّحة والممشطة والتوربينية والمزدوجة من القطن المحلي الذي يرد من المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان، يوجد في الشركة مستوصف لعلاج العمال، مركز تدريب، ندوة لتلبية احتياجات العمل بشكل مأجور ومستثمرة من خارج الشركة، 3 مستودعات أقطان، 3 مستودعات غزول، كازية غير مشغلة، حضانة، محطة توليد كهرباء موجودة خارج سورها، محلج أقطان صغير من أجل إعادة تنظيف القطن الوارد من مؤسسة الأقطان، مخبر.
تسير العملية الإنتاجية وفق عدّة مراحل هي: الفتح، التحضيرات، الغزل، التدويرات، التغليف، التطبيق والزوي.

انخفاض الإنتاج وتراجع تنفيذ الخطط
تعاني الشركة حالياً من انخفاض الإنتاج الذي من المفترض أن يكون 82 طناً باليوم ولكن في الواقع لا يزيد عن 30 طناً، وذلك يعود لأسباب أهمها:
* قدم الآلات (صينية بالغالب) .
* انخفاض كمية الأقطان الواردة وتدني جودتها (سيئة الحلج) وعدم نظافتها.
* انخفاض اليد العاملة وارتفاع نسبة العمالة المريضة وارتفاع تسرّب العمّال.
* توقّف التصدير بسبب العقوبات الاقتصادية.
وفي السابق كانت الخطة الإنتاجية مطابقة للطاقة المتاحة للشركة أمَّا الآن فهي أقل بكثير، ويتم خفض الخطة الإنتاجية حسب كمية الأقطان المتوفرة ففي سنة 2010 كانت الخطة الإنتاجية 34 ألف طن بنسبة تنفيذ 110%، وفي آب من العام 2018 بلغت الخطة 564 طناً، بينما المتاحة 1570طناً بنسبة تنفيذ 36%، والسبب الأساسي في هذا التراجع يعود إلى نقص اليد العاملة، وفقاً للقاعدة الإنتاجية: «زيادة الإنتاج تخفض نفقات التشغيل» ولهذا لم تستطيع الشركة تحقيق خطتها الإنتاجية لتشغيل 3571 عاملاً بسبب وجود 172 عاملاً متسرّباً منها لنهاية آب، بالإضافة إلى 236 عامل خدمة علم أو .. و 7 مفرزين و 9 إعارة و56 مندباً أي يوجد نقص بـ480 عاملاً عن خطّة التشغيل ويزيد في الطين بُلّة نقص الأقطان الواردة، هذا عدا عن ارتفاع نسبة العمالة المريضة في الشركة فكل 1800 عامل يوجد بينهم 600 عامل مريض، وكل 250 عامل إنتاج تحديداً بينهم 50 عاملاً مريضاً بنسبة تعادل الربع تقريباً، هذا إضافة إلى وجود حوالي 350 عاملاً عاجزاً عن العمل بجدوى اقتصادية صفر علماً أن عجزهم كان بسبب إصابتهم بأمراض أثناء عملهم في الشركة.
ولوحظ تقديم العمّال لطلبات الاستقالة بالجملة رغم وجود عدد سنوات خدمة قليلة إضافة لوجود عشرات طلبات النقل إلى خارج ملاك وزارة الصناعة، كما أن ظروف العمل القاسية في الغزل أدّت إلى التسرّب، وقد تم السنة الماضية الإعلان عن مسابقة لتعيين عمال إنتاج جدد وبلغ عدد المتقدمين 2800 عامل معظمهم إناث نجح منهم 900 عامل، ورغم أنه تمّ إدخال كافة المتقدمين إلى الصالات قبل المسابقة ليطلعوا على ظروف العمل فلم يتبق منهم سوى 300 حتى الآن بينما تسرب 600 هرباً من مشقة العمل وخطورته قبل مضي سنة على تعيينهم وهذا النقص في اليد العاملة أدّى إلى توقف عدد كبير من الآلات عن العمل، كما أن نقص الذكور تطلّب تشغيل الإناث في أعمال تحتاج لبذل مجهود عضلي كبير لا تتناسب مع الطاقة الجسدية للمرأة ومعظم العمّال في الغزل تتراوح مواليدهم بين 1976 و 1978 ولكن تبدو على وجوههم علامات التقدم بالعمر وكثير ممن هم مصابون بأمراض مهنية يتناولون أدوية قلب وضغط قد تسبب لهم النعاس وضعف التركيز بالمختصر هناك 57% فاقد عمّالي لتلقى الأعمال المطلوبة على 43% من العمالة المتبقية ويتم استعمال الحزم والشدّة معهم (حسم من الأجر، رفع غياب غير مبرر) لكل عامل موجود ولم يشغّل آلته لأن كل آلة تتوقف تتسبب بتوقف المرحلة الإنتاجية التي تليها.
بدعة حوافز العبء الإضافية
* ضعف الرواتب وانعدام التحفيز مع مشقة العمل وخطورته وساعات العمل الطويلة أدت لنفور العمّال وكرههم لعملهم وتغيبهم عن العمل عدّة مرّات بالشهر الواحد رغم رفع العقوبات والإنذارات بحقهم مبررين ذلك بأنه يتيح لهم تأمين مصدر رزق إضافي.
* لا يوجد تعويض عمل إضافي أو مكافآت مجزية للعمّال وطبيعة العمل شبه معدومة وهي حالياً 3% فقط لعامل الغزل بينما هي 7% للمعلمات على سبيل المثال.
* الحوافز شبه معدومة لأنّها تتعلق بنسبة الإنتاج والإنتاج منخفض حالياً وتم الاستعاضة عنها بما يسمى حوافز العبء الإضافي وتصرف لمن يحقق نسبة إنتاج عالية تفوق 70%على ألا تتجاوز أيام غيابه يومين في الشهر الواحد ولذلك تصرف فقط لشريحة لا تتجاوز 200 عامل من أصل 1800 وقد فقد العمّال الرغبة والاندفاع وذلك بسبب إلغاء الحوافز وتعويض الاختصاص وطبيعة العمل ورفع العقوبات اليومية والإنذارات وزيادة حصة كل عامل من الآلات المسؤول عنها وهي أربع ولا سيما أن العامل الإداري يداوم 5 أيام في الأسبوع بينما يداوم المنتج ستة أيّام ورغم ذلك لا تصرف طبيعة العمل بالتساوي بينهم.
الأمن الصناعي معطل ووسائل الحماية لا تؤمنها
لا يلتزم العمّال بوسائل الحماية الفردية بحجّة أنّها ذات جودة قليلة، وتسبب إزعاجاً للعامل عند استخدامها لفترة طويلة، ولا تؤمن الحماية المطلوبة، وللعلم دائرة الأمن الصناعي غير مفعّلة ويتم توزيع وسائل الحماية الشخصية (كمامات قماشية- سماعات بلاستيكية) عن طريق رئيس الوردية وبمساعدة ممثل النقابة، كما يتم توزيع اللباس العمّالي على كافة العمّال ما عدا الحرس والإداريين مرتين سنوياً وهو عبارة عن مريول وغطاء للرأس للإناث وبدلات عمل للذكور ومعظم العمّال يرتدون بدلات ومراييل رديئة القماش (بوليستر) مع أنّ الشركة مصنّعة للخيوط القطنية.
وقد اشتكى العمّال من كون الاستراحات المرضية كيفية وتتبع لمزاجية الطبيب ويتم في الغالب اختصار الاستراحات المقدّمة بموجب تقارير طبية وتبديل وصفات الدواء بدواء رخيص مما يضطر العامل المريض إلى تقديم إجازة بلا أجر، لا يصار إلى الموافقة عليها ويرفع غياباً غير مبرر ويتعرّض لعقوبة الحسم من الراتب.
عامل الآلة المباشر.. الأكثر إجهاداً
المكانس الكهربائية معطلة ويتم استخدام مكانس يدوية على شكل مقص ويحوّل إلى أعمال الكناسة عمّال مرض ديسك أو قلب مفتوح يقومون بكنس الصالة بطولها وعرضها (3 دونمات) عدّة مرّات يومياً.
وقسم العوادم والمكابس والفلاتر هو أكثر الأقسام الذي تتجمع فيه الأتربة والزغبار والغبار وفيه العتالة يدوية وتغذية المكبس يدوية، لكن الكبس فقط آلي، وفي هذا القسم يتعرّض العمّال للوقوف واستنشاق الغبار.
وقسم التغليف مع أنّه لا يحتوي آلات أو أقطان يملأ الزغبار المكان نتيجة الأقسام المتصلة وفيه يتم تقسيم العمّال بين الإناث والذكور للخياطة وجر الطبالي إلى المستودعات وجميع من يعمل ضمن الصالات معرّض لتأثيرات الضجيج ولاستنشاق زغبار القطن والأغبرة بمن فيهم رؤساء الورديات والمراجل وعمال الآلات والخدمات والفنيون ومراقبو الجودة الذين يقومون بجولات يومية ومتكررة ضمن الصالات في كل الورديات ويتعرضون لمخاطر البيئة نفسها، لكن الأذيّة الكبرى يتعرّض لها عامل الآلة المباشر وهو الأكثر إجهاداً بين عمّال الغزل مع أن فتحات شفط الهواء لا تشفط أكثر من 30% والباقي يكنس يدوياً.
أما عمّال التكييف وبحكم طبيعة عملهم فهم الأكثر تعرّضاً لاستنشاق أغبرة تفوق ما هو موجود ضمن الصالات وخاصة عند قيامهم بالصيانة أو تنظيف الفلاتر.
الضجيج 110 ديسبل
معظم العمّال تتجاوز خدمتهم في الشركة 17 عاماً برواتب لا تزيد عن 36 ألف ليرة، وفي السابق كان كل عامل مسؤول عن آلتين كحد أعلى أمّا الآن فالعامل مسؤول عن أربع آلات وبالتالي ازداد الإجهاد والتعب بسبب تقدمه بالسن وقدم تلك الآلات، فآلات الغزل التوربيني ضخمة ومرتفعة ولكل آلة 488 رأساً والضجيج الصادر عنها كبير ومترافق مع ارتجاج وأزفير مما يسبب عصبية وتسرعاً بالقلب وأذيّات سمعية، وأما شبكة آلات البرم الصينية الموجودة في الشركة فليس لها غطاء ما يزيد من خطورتها بعكس آلات البرم الألمانية.
وقد يضطر عامل فني التكييف لإصلاح الأعطال الجزئية ضمن المحطّة دون إطفاء بقية أجزائها متعرّضاً أثناء ذلك لضجيج يصل حتى 110 ديسبل مع وجود فروقات هائلة في الضغط بين داخل وخارج المحطّة وما لهذا من تأثيرات خطيرة على السمع، عدا عن أنّ كل عامل بالورديات الأربع يمكن أن يكلّف حسب ضرورة العمل بالقيام بأي مهمة بما فيها نقل الوجبات وجر الأوزان وإصلاح الآلات وتنظيفها وإطفاء الحرائق.
60 إصابة عمل و 9 حالات ربو و5 نقص سمع
بالعام 2018 كانت هناك سبع حالات نقص سمع، وخمس ربو مهني، وأربع فتق نواة لبية، وحالة التهاب جلدي، و12 إصابة عمل:
* سحجة قرنية وجرح قرني مع رض شديد على العين.
* جروح لـ 3 عّمال في فروة الرأس، راحة إبهام مع ضياع جلدي، جرح قاطع اليد اليمنى.
* 6 حالات كسور في الفقرة الخامسة مع انزلاق فقري، ركبة يمنى، مشط قدم يسرى، كسران متبدلان أسفل عظم الكعبرة وفي القطن السفلي، في قاعدة السلامية للإبهام.

* قطع أوتار باسفة لليد اليمنى.
* رضوض في الظهر والطرفين السفليين.
وفي عام 2017 خمس حالات نقص سمع و4 حالات ربو مهني و6 حالات دوالي ساقين و22 إصابة عمل:
* 12 حالة كسر بالعظم الكبير لليد اليسرى وأسفل عظم الكعبر الأيمن وفي رأس المشطين الخامس والثالث بالفقرة القطنية الثالثة بمفصل الكامل الأيمن وكسر كعب وحشي وبسلامية وسطى وتمزق أربطة وكسر مع تفتيت بالأصبع.
* خلع كتف أيمن مع رض على الظهر وخلع سلامي للأصبع الثاني وجرح قاطع للأصبع الرابع وقطع وتر قابض للسبابة اليسرى.
وبينما عام 2016 لم يشهد من الأمراض المهنية سوى حالتي فتق نواة لبيّة مع 26 إصابة عمل ما بين 24 كسراً متنوعاً و6 رضوض وبتر سلاميات للأصبعين الثالث والرابع وحروق في الوجه… إلخ.
مع العلم أن الكثير من العمّال مصابون بأمراض العمود الفقري والرقبي ولم يتقدّموا بأمراض مهنية لأنه ليس لديهم عشرون عاماً خدمة فعلية.
الأوزان ثقيلة قوست ظهور العاملين
ومن واقع الصالات فإن التهوية جيدة حيث يتم سحب هواء الصالات وتجديده باستمرار، كما أن الإنارة جيدة في معظمها وهي إنارة ضعيفة (كون الصالات مغلقة بلا نوافذ) وتعتمد على لمبات النيون الموزّعة على كامل أسقف الصالات وتتم صيانتها دورياً، غير أن الإنارة ضعيفة جداً في قسم العوادم وغرف التكييف والفلاتر.
لكن الطامة الكبرى هي في شدّة الضجيج المسجلة في كافة صالات وأقسام المعمل وتفوق 85 ديسبل وهي تؤثر سلبياً على حاسة السمع لدى العمال والإصابات السابقة تؤكد ذلك وهي بين (86-90) ديسبل في قسم الفتح في صالات الشركة الثلاث و(88-90) ديسبل في قسم التحضيرات و93 ديسبل في قسم الفلاتر و(92-98) في قسم العوادم و105 في الصالة الثالثة (الغزل الحلقي) و95 في الصالة الأولى و97 بالثانية و(89-92) بقسم التدويرات في الصالات الثلاث و89 بقسم الضواغط و95 بالمضخات و89 بورشة الحدادة واللحام وتسّجل أعلى مستوياتها ما بين (101-105) بقسم غزل التوربيني و101 بقّسم الزوي في الصالة الأولى.
ولكل قسم حرارة ورطوبة مناسبة للخيط تتم مراقبتها وضبطها من خلال كمبيوتر مركزي وهي بين (28-35) درجة مئوية حرارة و (40-60)% رطوبة.
أبطال إنتاج رفع أثقال
يقوم عّمال الصالات ببذل مجهود عضلي كبير أثناء عمليات نقل بالات القطن إلى داخل الصالات وعمليات جر وسحب ونقل الخيوط ما بين الأقسام المختلفة للصالة الإنتاجية ونقل الإنتاج من قسم التغليف إلى المستودعات وكافة عمليات النقل اليدوية تتم باستخدام عربات ذات عجلات أو باستخدام الكريكو، حيث أنّه لا توجد روافع ضمن الصالات لأنَّ روافع الديزل تصدر أبخرة تؤثر سلباً على الخيوط القطنية، ولا يمكن استخدام روافع كهربائية لوجود خطوط تغذية وخلايا ضوئية وأطر معدنية في أرضيتها وكذلك لعدم وجود مسافات كافية بين الآلات يمكن تمرير الرافع ضمنها ويصل وزن البالة التي يحملها أو يجرها العامل إلى (200-250) كغ قطن و400 كغ بوليستر، تكون مكدّسة فوق بعضها في المستودعات يقوم العمّال بتنزيلها وتحميلها ونقلها إلى الصالات ووضعها على خطوط الفتح بمعدل 240 بالة لكل خط، وينتج عنها عوادم يتم كبسها في بالات زنة 200 كغ والحال من بعضه في قسم التحضيرات الذي يتم فيه نقل شريط الكسر إلى آلات السحب ببراميل كبيرة وزن كل واحد 70 كغ ونقل خيوط السحب إلى آلات البرم ببراميل صغيرة الوزن كل واحد 25 كغ حيث يقوم بربط عدة براميل بحبل واحد وجّرها معاً بوزن 250 كغ ويستمر بهذا العمل حتى ينقل كامل وجبة القطن المخصص للإنتاج في الوردية الواحدة البالغة 5 أطنان.
كما يقوم بنقل بكرات المبروم إلى آلات الغزل على «سيبا» خاصة لها عجلات ثم نقل وجبات الخيوط المغزولة مواسير إلى صالة التدويرات بما يتراوح بين 50-75كغ.
أما عامل الرش والتقليع فيجر ما وزنه 100 كغ ذهاباً وإياباً وطيلة فترة عمله ليقلع حوالي 100 آلة يومياً وعامل ونقل الوجبات ينقل ما يقارب 5 أطنان يومياً، خلال الوردية الواحدة، وفي قسم التغليف يضع العامل 14 كرتونة بكيس واحد وتقبن على ميزان خاص وتوضع على طبال بحمولة (600-740) كغ ويجرها العامل باستخدام الكريكو إلى المستودعات، وبشكل عام كل وردية تنتج حوالي 5 أطنان يقوم عمّال التغليف يومياً في الورشة الصباحية بتغليف ونقل حوالي 15 طناً من الغزل بعدد عمّال لا يتجاوز 25عاملاً.
ليس ردّ القضاء بل اللّطف فيه ولا يمكن للمقترحات إلا أن تصبّ في الخانة المعاكسة للمسبّبات، الأمر البديهي إزالة أسباب المشكلة حتى يتم حلّها فإن لم يكن رد القضاء فاللطف فيه ومن باب أولى:
* رفع جودة وسائل الوقاية الفردية سماعات وكمامات.
* توزيع وسائل حماية شخصية على العمال وإلزامهم باستخدامها لحمايتهم من أضرار وملوثات البيئة.
* إجراء فحوصات طبية دورية وتنظيم سجل خاص بالعاملين.
* إبعاد العمال المرضى عن الأعمال المجهدة والخطرة وعن مسببات المرض.
* رفع كفاءة نظام التكييف والشفط والفلترة للزغبار والأغبرة لتحسين بيئة العمل وتقليل الأذيات.
* إيلاء أهمية للمواقع الخدمية ومنها الحمامات وضرورة تنظيفها وصيانتها.
* تفعيل دور دائرة الأمن الصناعي والسلامة المهنية لتقوم بواجبها.
* تزويد الشركة التي يفوق عدد عمالها عن 3500 عامل بسيارة إسعاف.
* خفض سنوات الاستحقاق لأمراض الفقرات عن 20 سنة وعدم مساواة عّمال الغزل في هذا الشرط مع باقي القطاعات كالتربية مثلاً أو مع الإداريين بسبب ظروف العمل المختلفة (حمل وجرّ البالات) .
* إعفاء النساء من الدوام في الوردية الليلية.
* الموافقة على الإجازة بلا أجر عند الضرورة.
* مراعاة وضع العمّال المرضى وإعفاؤهم من الأعمال المجهدة لا سيما النساء.
* اعتبار طبيعة عمل المكلفين بجر ونقل البالات ووجبات الغزل بين الصالات من الأعمال الشاقة حسب البند الأول من المادة الثانية لأحكام المرسوم التشريعي رقم 346 لعام 2006.
* تشكيل لجنة للاطلاع مباشرة على مخاطر بيئة العمل في الصالات الإنتاجية ودراسة واقع العمل ورغبتهم في الإطالة للمعاش.
عشرون مأخذأ على العمل
– زيادة درجة الحرارة والرطوبة في الجو المحيط بآلات الغزل والضجيج المرتفع الصادر عنها والذي يفوق 85 د يسبل يولد لدى العّمال الشعور بالضيق وألم الرأس وتسارع في دقّات القلب والتعرّق وعدم الارتياح النفسي مما ينقص طاقة الجسم فيصل العامل بسرعة إلى درجة التعب والإنهاك .
– تعرّض العّمال للشد العصبي والتشنج العضلي بسبب الفروقات الحرارية ما بين داخل وخارج الصالات لا سيما شتاءً .
– تعرّضهم لآثار الأمواج الكهرطيسية الناتجة عن الكابلات الكهربائية المحددة تحت أرضية الصالات والتي تغذّي الآلات علماً أن الصالات محاطة بمحولات توتر متوسط تغذيها .
– ينتشر زغبار القطن في كافة الصالات حتى في قسم التغليف وذلك بنسب متفاوتة وهو عبارة عن مادة سللوزية غير قابلة للتحلل ضمن الجسم ويستنشقها العمّال فتتجمع في الرئتين وتسبب مع الزمن أمراضاً تنفسية وصدرية مثل الربو والتحسس الصدري وسرطان الرئة، علماً أنه كلما تم الابتعاد عن قسم الفتح باتجّاه قسم الزوي وبقية الأقسام كلما أصبحت شعيرات القطن أدق وأكثر أذيّة للرئتين .
– الضجيج المرتفع الصادر عن الآلات في كل الأقسام والذي يبلغ درجات عالية تصل حتى 105 ديسبل في قسم التوربين وفي محطّة التكييف وقسم الزوي يسبب أذيّات سمعية ونقصاّ في حاسة السمع .
– طبيعة العمل ضمن الصالات تتطلب الوقوف المديد و الانحناء والمشي من أوّل الآلة لأخرها بالنسبة لعامل الإنتاج مما يعرضه للإصابة بدوالي الساقين وأمراض العمود الفقري (آلام الظهر والرقبة).
– قيام عمّال خدمات الإنتاج بحمل وجر وسحب الأوزان الثقيلة للبالات والعربات والجهد العضلي الكبير المبذول بخلع مفصل الكتف .
– قيام العمّال بحركات نمطية مستمرة طيلة ساعات العمل بسبب التهاب الأعصاب والأغماد الوترية والمفاصل مثل: وصل الخيوط، تنظيف، الضغط بالركبة على فرام آلة الزوي، الرش والتقليع، تنظيف الزغبار بفرد الهواء، تعبئة الآلة بالخيوط .. الخ .
– زغبار القطن الذي يملأ المكان بسبب التحسس العيني والتهابات في الملتحمة كونه غير عقيم .
– الإضاءة الضعيفة ولمدة مستمرة في الصالات تسبب إجهاداً عينياً للعمّال واضطرابات في الرؤية .
– نظم الورديات يؤدي لاضطرابات في النوم وعدم استقرار الساعة البيولوجية داخل الجسم .
– الصالات المغلقة مع انتشار الضجيج وزغبار القطن والإضاءة الضعيفة والحرارة العالية والرطوبة يسبب التوتر عند العمال وإصابتهم بتشنجات عصبية بالكولون مع تسرّع بالقلب وإحساس بالدوار ونتيجة مشقة العمل والإجهاد يصاب بعض العمال بارتفاع في التوتر الشرياني وأمراض القلب .
– تنتشر الأمراض الفطرية والتقرحات الجلدية والتصبغات بين العمّال لا سيما النساء بسبب عدم نظافة الأقطان ولا سيما بعد الأزمة بسبب الارتفاع في درجة حرارة الصالات .
– استنشاق العمال في ورشة شحن وتفريغ البطاريات لأبخرة الرصاص يمكن أن يؤدّي إلى تسرّب مادة الرصاص السامّة في الدم .
– القطن من المواد سريعة الاشتعال وبسبب توفر عامل الحرارة العالية هناك احتمال حدوث حرائق ضمن الصالات ولذلك صممت الآلات بحيث تصدر غاز CO2 عند حدوث حريق من أجل المساعدة في عملية إخماده حيث لا يمكن استخدام الماء إلا في حالات الضرورة القصوى ويعتبر هذا الغاز ساماً وذو خطورة على العّمال بسبب جو الصالة المغلق لذلك يتم الإسراع إلى تبديل الهواء ضمنها مباشرة في حال حدوث حريق وتعتبر الحرائق في قسم التحضيرات من أصعب الحرائق لوجود القطن الخام .
– هناك احتمال قائم لسقوط البالات عند تكديسها فوق بعضها البعض ضمن المستودعات فوق العمّال مما قد يؤدّي لحدوث كسور وانزلاقات وخلوع .
– معظم العمّال يحتاجون لغسيل أذن بشكل متكرر بسبب حدوث انسداد صملاخي ناتج عن استخدام سدادات مطاطية محلزنة لا سيما بقسم التوربين بدلاً من سماعات الهيتفون غالية الثمن .
-آلات الغزل لها مخاطر ميكانيكية وكهربائية ويتعرّض العمّال لإصابات ناجمة عن التعامل مع هذه الآلات بسبب وجود أجزاء متحرّكة بسرعة دوران كبيرة ضمنها ووجود قشاطات متحرّكة تحت المغازل مثل: بتر الأصابع والسلاميات، قطع الأوتار، إصابة العين بسبب خرزة مشبك الغزل .. الخ .
تقدم بعض العمّال بالسن يسبب لهم أذيّة مزدوجة في العمل.
– قص السلك المعدني الذي تحزم به بالات القطن في قسم الفتح يؤدّي إلى تطايره كالنابض ويمكن أن يصيب العامل بأذيه ما لم يكن حذراً أثناء القص .
– الحف الدائم للمغزل باليد في آلات الغزل بسبب موتاً في الطبقة السطحية للجلد مع مرور الزمن .
حالات جرب وتسممات بالرصاص وتحسس جلدي
ومن بعض الإصابات الشهيرة التي حدثت بين العمال في الفترة الأخيرة .
– انتشار حالات الجرب بينهم ناتج عن توّريد قطن غير نظيف .
– سقوط 4 بالات في المستودع فوق أحد العمّال مما أدى إلى غيابه عن الوعي وتم إسعافة للمشفى وأعيد إلى العمل مجدداً بيوم الحادث نفسه .
-عامل رش فقد بصره بسبب إصابة عينه بزردة الغزل أثناء دورانها السريع وهي عبارة عن قطعة معدنية مدورة وصغيرة الحجم يمكن أن تنفلت بسبب سرعة الدوران العالية لآلة الغزل.
– التفاف شعر إحدى العاملات لعدم التزامها بغطاء الرأس على سليندر آلة الغزل وانتزعت جلدة رأسها .
– وجود 12 حالة وفاة سرطان مؤخراً لاسيما سرطان الرئه والكولون والثدي والأمعاء .
– تسمّم أحد العمّال بالرصاص نتيجة عمله في ورشة شحن للبطاريات وتعامله مع أكاسيد الرصاص .
– إصابة أحد العمّال بتحسّس جلدي شديد أثناء قيامه بتنظيف الآلات من الأقطان العالقة بها قبل صيانتها .
-إصابة أحد العمّال بنزف في العين بسبب تطاير السلك المعدني اثناء قصّه .
خصوصية قسم التكييف
يقوم عمّال التكييف متحملين الخطورة على الصعود عبر سلالم خاصة متحركة وطويلة إلى أسقف الصالات لفك شفرات أقنعة جلب الهواء من خارج الصالة ولفك النواشر السقفية وتنظيفها ..
وعليهم الزحف على ركبهم وبطونهم لكنس يدوياً دكتات التكييف الموزّعة في أسقف الصالات المليئة بالزغبار الرطب وتنظيفها بالقماش .
وعليهم صيانة أنفاق التكييف تحت الأرض والمليئة بالغبار وتنظيف الأقنعة الأرضية تحت 300 فتحة شفط في الصالات وجمع التراب وترحيله يدوياً إلى خارج الصالة .
وعليهم تبديل قمصان مجمع العوادم عند التلف وتركيب أخرى بدلاُ منها متعرضين لاستنشاق كميّات كبيرة من الأغبرة .
وقد يضطرون للدخول إلى المحطة أثناء دوران المراوح لإصلاح عجلة السرعة أو فك المبادل أو تنظيف الفلاتر .. تحت خطر الضجيج الذي ارتفع إلى 112 ديسبل ويعملون على كنس كثبان الأتربة ضمن.

خديجة معلا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار