الوحدة:7-8-2022
توقفنا مع مدير مكتب المعارض والصالات الفنان حسين صقور، على هامش الأنشطة والملتقيات وورشات العمل التي يقيمها اتحاد الفنانين للأطفال في خضم ورشة العمل المقامة، ضمن مرسم الفينيق رديفاً لعمله الاتحادي. انشغل الأطفال واشتغلوا ما يقارب الساعتين من الوقت بتحويل الزمن إلى مساحة للمتعة والسعادة، عبر تعزيز الثقة بالذات، وبما أنتجه أطفاله من رسومات. ثم عبر فتح أقنية تواصل معهم، وهم الفينيقيون الصغار كما يحلو له أن يسميهم. وعلى هامش ورشة العمل نقتطف ما ورد على لسان الفنان والباحث حسين صقور حول ضرورة الفن وأهميته.
يقول الفنان صقور: في هذا الزمن الصعب الذي يمر به أطفال وطننا الغالي، اسمحي لي بداية أن أستعرض الدوافع المحرضة لإقامة تلك المشاريع مفصلاً، فمنها المرتبط برغبتي العارمة لإكمال رسالتي في الحياة عبر أجيال جديدة تكون استمراراً تصاعدياً للزمن القادم، ومنها العام المرتبط بضرورة الفن وأهميته كعنوان لرقي الشعوب وتطورها (الرسم تحديداً)، وأهميته في الكشف عن الجوانب الخفية في حياة الطفل، وعلاقاته المجتمعية والإشكالات التي قد يواجهها من حرمان ونقص عاطفي وقلق و خوف وغيرها، وبالتالي يصير للفن قيمة علاجية حين يترافق مع إشراف خبير بقراءة الخطوط والأشكال والألوان ومؤهل وقادر على التعاطي مع كل طفل على حدى استناداً لقراءة صحيحة يستطيع بموجبها تعزيز ثقة الطفل بذاته، وبرسوماته وتنمية إحساسه بفرادته وتميزه كإنسان له دوره المنتظر في البناء والإعمار.
تلك الأهمية تتجلى ضرورتها أيضاً ضمن تلك الظروف العصيبة التي يمر بها أطفالنا ليكون الرسم لغتهم ووسيلتهم في التعبير.
ما تقدم وما ذكرته هي بعض من الدوافع والأهداف نختمها بهدف أكثر شمولية مرتبط بغيرتي على مستقبل الفن في هذا الوطن الغالي. بحيث تفتح الممرات لتمر منها أمواج الزبد من إبداعات لاحقة وبحيث نتجاوز عقدة تكريس جيل وأسماء على حساب أخرى.
– في بحر تعاملك مع الأطفال ما هو الفرق بين الفنانين الأطفال والكبار على حد وصفك ؟
كنت أقول دوماً: أنا أبدأ مع الصغار من الصور الإبداعية والتخيلية بكل ما يميزها من خصائص شفافية، تسطيح، مبالغة، تحوير، وغيرها لأنتقل معهم إلى تحليل وتبسيط الأشكال وإعادة تأليفها، ثم تقنيات الرسم نسخاً عن الواقع حين يطلبون هم ويصيروا مؤهلين.
أما عند الكبار، فالأمر عكسي، نبدأ معهم من الرسم الواقعي لننتقل بهم لاحقاً إلى التقنيات الخاصة والحداثية، إلى ذاكرتهم العميقة،
يعني نبدأ مع الصغار من الإبداع ثم اكتساب المهارات ليعودوا ذاتياً لإبداعاتهم الطفولية، متوّجين بالمهارة. فالأطفال جميعهم مبدعون لأنهم خارجون من عوالم الصدق، أما الكبار فلا يصلون بسهولة لعوالم الإبداع، ويسقط معظمهم على الطريق بعد أن ارتبط ارتباطاً وثيقاً بحياة المصالح والمنافع وبكذبة الحياة.
تبقى العفوية والتلقائية إحدى السمات الأساسية لفن الطفل و للفن المحض.
بينما يبقى سعي الكبار للمثالية التي تجعل عملهم يتطلب كثيراً من التخطيط العقلاني والممنهج، بعيدة كل البعد عن العفوية والتلقائية.
وحين تكون المتعة والحب هي المحرك الأساسي والمسيطر في فن الطفل، فإن المعرفة الممنهجة هي المحرك في فن الكبار.
الطفل يرسم ما يعرف، فتتوالى الصور المدهشة في لوحاته، أما الكبير فيرسم ما يراه ويبقى عمله حبيس الحرفية والمهنة والامتهان .قلائل هم الكبار الذين حافظوا على عوالم الذاكرة الممتدة إلى طفولتهم، وربما إلى ما قبل ولادتهم ليغرفوا بمحبة منها بعد أن امتلكوا المعرفة والخبرة التقنية التي تمكنهم من تحويل صور الذاكرة هذه إلى إبداعات. وكثر من أخذتهم الحياة وسلبت منهم أجمل ما يميز إنسانيتهم من صفات.
مهى الشريقي