الوحدة 30-6-2022
لما كانت الأسرة المتماسكة عنواناً واضحاً لاستمرارية المجتمعات ، وجب علينا الإشارة إلى أهمية تأمين أفضل المقومات التي تمكن الأسر من بناء ذاتها وبالتالي الحفاظ على قيمها ومبادئها الاجتماعية والأخلاقية والإنسانية التي تهم المجتمعات برمتها، وخاصة أثناء المراحل التي تأتي على عجل كوقوع الأحداث والأزمات المفاجئة، فالبناء القوي القائم على أسس متينة بطريقة مدعمة لن تهدمه أية عاصفة حديثة مهما اشتدت.
وهنا لابد من التطرق لموضوع التأثير السلبي لتدهور الوضع المعيشي والفروق الشاسعة بين المردود الذي يتقاضاه الفرد مقارنة بغلاء وارتفاع الأسعار الطائش الطاحش على العلاقات الاجتماعية ككل الفرد والأسرة والمجتمع.
حول بحثنا هذا اختصاصية علم الاجتماع والأستاذة في جامعة تشرين د. رندة اسماعيل قالت :
إن العلاقات الإنسانية هي قوام حياة الإنسان الذي هو كائن اجتماعي بالطبع والفطرة، ولا يمكنه أن يحيا إلا في ظل مجتمع يحيط به وبيئة اجتماعية تكتنفه بما لديها من إمكانات، وهذان القطبان اللذان يشكلان محور الحياة وجوهرها بمنشأ ذلك التفاعل.
فمهما تعددت الأسباب لبيان حاجة الإنسان إلى المجتمع والحياة الاجتماعية يبقى هو الأساس في بناء المجتمع وإدارة الحياة فالحاجة تعني الافتقار إلى شيء مطلوب أو ضروري أو مرغوب فيه وهي مطلب إنساني، يحول غيابها دون تمكن شخص ما كفرد أو عضو في عائلة من تلبية ما يلزم، ويتم في العادة التعبير عن الاحتياجات الإنسانية على أنها اجتماعية اقتصادية أو صحية… أو غيرها.
وأضافت د. اسماعيل :
نحن نعيش الواقع الذي نحاول التأقلم معه، وخصوصاً بعد الحرب الإرهابية على سورية، ومحاولة زعزعة الأمن الاجتماعي والاقتصادي من قبل أعداء الوطن، فقد بات الوضع المعيشي وتأمين مستلزمات الحياة اليومية يتصدر قائمة المساعي الرئيسية لدى أغلب الأسر خصوصاً والمجتمع السوري عموماً، كما شهدت الأوضاع في الآونة الأخيرة تردياً واضحاً تجلت آثاره في عجز الكثير من الأسر السورية على تأمين احتياجات حياتهم الأساسية نتيجة ارتفاعات الأسعار الجنونية وباتت مشاهد الفقر كحالة اقتصادية واجتماعية تزداد ،
مما نتج عنه الوصول إلى مرحلة (المجتمع الجماهيري)
أي التجانس بين جمهور المواطنين وضعف الحياة الاجتماعية والعلاقات المتبادلة، أو ما نسميه الحشود المعزولة، وغياب الحس الجماعي.
وتوضح الدكتورة رندة أسباب انحطاط الحياة العائلية قائلة: لقد حلت الأسرة الصغيرة مكان الأسرة الكبيرة وأصبح أفراد الأسرة يمضون وقت أقل مع بعضهم البعض، والأطفال ينتسبون لمدارس غير رسمية، مركزية ضخمة نتيجة غياب الأمهات العاملات عن البيت وحلت مشاهدة الشاشات الصغيرة محل الأحاديث العائلية، في وقت نحن فيه بحاجة ملحة للحفاظ على الترابط الاجتماعي.
جراح عدرة