شهرة..

الوحدة 21-6-2022

 

مع الاعتراف بأن عصرنا هو عصر السرعة ، إلا أن السرعة التي يريد إنسان هذا الوقت أن تجري الأمور فيها مبالغ بها .

فالفنان يريد أن يصبح فناناً كبيراً مشهوراً بين يوم وليلة ، بمحرد إمضائه فترة إقامة جبرية لمدة شهر أو شهرين في فيلا ترصدها الكاميرات أربعاً وعشرين ساعة، وتنقل حياته مباشرة إلى أفراد الجمهور الذين طبعاً ، يحبونه بسرعة عجيبة ويعجبون به وهو يترنم بأغانِِ ليست له، ويردد مقاطع من جهد فنانين آخرين ليصبح محبوب الجماهير بين ليلة وضحاها،وبعد ذلك تتدخل الشرطة لفض جيش المعجبين الذي تجمع في المطار لاستقباله استقبال الفاتحين،على رغم أنه لم يفعل شيئاً،وكل مافي القصة سحر التلفزيون الذي كرّس له صورة مكبرة لشخص ربما يكون مشروعاً لفنان واعد فإذا بحملة الدعاية تحوله إلى شخصية مهمة،وهو قبل شهرين كان قد ركب الطائرة دون أن يتعرف عليه أحد. ربما بعد قليل سوف يسقط في دائرة النسيان ، وربما سبب له هذا الصعود السريع صدمة نفسية فوق احتماله، وربما يكون هذا الفنان عبارة عن شخص باحث عن الشهرة تحت أي ظرف من الظروف، ومن يشاهد نوعيات الناس المتقدمين لاختبارات لجان الفحص يصدم بانخداع الناس بقدراتهم الحقيقية. حين يتقدم للاختبار أشخاص لا علاقة لهم بالغناء ، ما يجعل المشاهد يغمى عليه، من شدة الضحك وهو يرى هذه النوعيات من الناس .فهل قدمت برامج الشهرة السريعة شيئاً إضافياً إلى ساحة الغناء من منظمي هذه التقليعات الجديدة ؟  أم أنها مجرد تقليعات عابرة لا أكثر ولا أقل ، تظهر ثم تختفي لتحل محلها تقليعات أخرى وتشكل في جملة ما تشكله مصادر لسحب الأموال من جيوب الناس البسطاء الذين تستهويهم مثل هذه البرامج ، فيتسمرون أمام البرامج التي بفضلهم تحقق نسبة مشاهدة عالية ، مايؤدي إلى إقناع شركات الإعلان بتخصيص حملات إعلانات بأسعار عالية لهذه البرامج ، فتحقق بذلك مكاسب مالية كبيرة لو أضفنا إليها طبعاً فاتورة الاتصالات الهاتفية ( والمسجات ) التي ترشح الفنان ( الفلاني ) وتفضله على زميله الفنان ( العلاني ) وهلّم جرا في الترشيحات ، وشفطاً من الدهون الزائدة في محافظ المساكين الذين أدمنوا الترشيح للفنان الذي أحبوه وصوتوا له ، ليفوز بعد ذلك ، ويعود إلى بلاده متوجاً بأكاليل الغار والفخار ولكن من دون أن يضيف شيئاً سوى ما أضافه إلى رصيد المحطة الفضائية التي ما أن تنتهي من حملة فنية حتى تبدأ في حملة أخرى مع مرشحين آخرين ، لتكسب المزيد وتلهي الناس بما لا يفيد.

ولكن هناك أناساً دائماً (  فاضيين ) ولا عمل لهم سوى التجول على الفضائيات والانشغال مع وصلات الغناء حتى يأوي كل واحد منهم إلى فراشه، وبعدها يستيقظ في اليوم التالي ، ويجد نفسه

الأشهر والأفصل من دون أن تكون له حتى أغنية واحدة في الساحة ، وكما يقولون: ( رزق الهبل على المجانين ) وما دامت السرعة الزائدة خطراً على السائق فإنني أقول لكل هؤلاء : إن السرعة الزائدة في أي شيء خطر على صاحبها.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار