الاستهلاك الإعلامي المفرط يعرض طفلك للخطر؟

الوحدة 14-12-2021

يدخل الطفل إلى روضة الأطفال بهدف تأسيسه وتهيئته للانخراط بأطفال آخرين يشكلون بالنسبة له مجتمعاً جديداً يعيش أحداثه المختلفة والتي يقابل فيه سلوكيات متعددة، منها ما يتقبله ومنها ما قد يخيفه، إضافة لخوضه تجربة ابتعاده عن والديه لساعات بعد اعتياده رؤيتهما بشكل دائم، ما يثير استغرابه ويدعوه للبكاء في بدايات ارتياده روضة الأطفال كل صباح.
الطفل كائن بشري ذكي، لديه قدرة كبيرة على الاستيعاب والحفظ والتعلم، فتأسيسه قبل إرساله لأول اختبار تعليمي واجتماعي خارج منزله يعد أهم خدمة يمكن للوالدين تقديمها له على الإطلاق، لأنها الخدمة التي ستحدد شخصية وسلوك الطفل مستقبلاً، مما سيشعره باستقرار داخلي عند تعرضه لسلوكيات الوسط المحيط، طبعاً هي مهمة الوالدين، لكن مهمة الأم هي الأصعب نظراً لشعور الطفل أنه يملكها، ما يؤكده الفيلسوف اليوناني أرسطو بقوله: إن الأمهات مفضلات عند أطفالهن أكثر من الآباء، وهنا تكمن حقيقة تربية الطفل. يرتبط شعور الطفل بالاستقرار بعد شعوره بالاستقرار العاطفي الذي يعزز الأمان داخله من خلال تعريضه لسلوك إيجابي، فلا يمكن للطفل أن يشعر بالأمان وهو يشهد مشادات كلامية بين الزوجين على سبيل المثال، المشاكل، الأصوات العالية، ردود الأفعال التي تودي إلى تحطيم أو رمي الأغراض أمامه، كلها ستعزز الخوف داخل الطفل، والذي بدوره سيعيق قدرته على تطوير نفسه.
إن الأطفال الصغار ليس لهم أي شأن باستخدام الهاتف الذكي، هذا ما قاله الطبيب اوفه بوشينغ في مؤتمر ترأسه سابقاً والذي أقيم لرابطة الأطفال الألمانية، حيث شدد على وجوب تقليل فترات تعريض الطفل للهواتف الذكية والتلفاز قدر الإمكان، وأضاف: إن الاستهلاك الإعلامي المفرط يبطئ تطور اللغة، وله صلة باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط السماح للطفل بقضاء فترات طويلة لمشاهدة التلفاز والهواتف الذكية وأجهزة الآيباد بهدف إيجاد مساحة للراحة هو أمر خاطئ، فإشغاله المستمر بهذه الطريقة سيجعل منه عدوانياً بشكل أو بآخر(التعلق بالهواتف الذكية، الأضرار في العينين، فرط النشاط، عدم تقبله لتنفيذ ما يطلب إليه..) وغيرها الكثير. يمكن تحديد أوقات معينة ضمن أيام متباعدة يسمح فيها للطفل بمشاهدة وسائل الإعلام، وهو الحل الأفضل نظراً لما تساهم به وسائل التواصل البصرية في التعليم، أي يمكن أن تكون عملية مكملة لما يتعلمه في المنزل من خلال إشراكه في الأعمال المنزلية والنقاشات التي ستسمح له بالحديث لطرح مشكلاته والإزعاجات التي يتعرض لها لاحقا بشكل غير مباشر، ومن خلال تقديم الكتب المصورة التي تطلق العنان لمخيلته التي ستبقي الكتاب أقرب إليه من أي وسيلة ثانية، بهذه الطريقة سينقل الوالدان طفلهما للشعور بأنه جزء مهم في هذا المكان الذي يعتبر مجتمعه الحقيقي الأول . إن تحديد أوقات التسلية للأطفال والتي ستقابل بالرفض في البداية، إضافة لإشراكه في واجبات المنزل وعدم تعريضه للمشاكل الزوجية ستشعره باستقرار عاطفي، كما ستحميه من خطر التقدير الخاطئ في فهم الآخرين، وستمهد له طريقاً آمناً في فهم المجتمع لاحقاً والخوض فيه.

حسن إسماعيل

تصفح المزيد..
آخر الأخبار