الوحدة : 18-11-2021
الجاهل عدو نفسه، وإذا لم تكن من العقلاء فلا تصاحب الجهال، فلا مصيبة أعظم من الجهل، فهو مطية من ركبها ذلّ ومن صحبها ضلّ، وداء يورث العلل للآخرين ويسود البياض ويشوه الجمال ويطمس طريق الارتقاء بالغباء، وآفة تحفر في اللاوعي وفي حميميات الإنسان تقوده حيث تريد في أردية السواد الكاتم للضوء.
العقل المغلق خلية خبيثة مثل كهف عفن لا يحلق فيه إلا الخفافيش التي لا تعرف إلا الليل والظلام يجب استئصالها، فعندما تهب رياح الجهل يخمد العقل ويحول الإنسان إلى وحش داجن بلا ذهن وتفكير ويساهم في تصنيع الأفكار الهدامة الإنسان والمكان والزمان التي تعيق حركة الأقدام على الأرض ويتجه نحو التفكير المنغلق الهدام للمجتمع وتفشي البشاعة والشرور والأحقاد وتغييب الجمال والمحبة والتسامح وفقدان الإحساس بالانتماء للمجتمع والوطن.
الجهلاء رؤوس محنطة في غياهب التاريخ، عقول موصدة عفنة قاصرة تنعق فيها أشباح اليأس، عشوائيون فائضون عن اللزوم، أصحاب أفكار عفنة ووساوس غامضة وتهويمات لا معنى لها، والجاهل إنسان يتمترس بالجهالة العمياء يمشي للأمام ورأسه ملتفت إلى الوراء، صاحب عقل هش وذكاء محدود يهتم بقشور الأمور ويترك الجوهر وانجراره بسهولة إلى الأعمال السلبية الضارة بالمجتمع، رأسه مقفل كصندوق مختوم بالشمع الأحمر غارق في مستنقع الجهل يتخبط ويدور فيه إلى ما لا نهاية.
الجهل يعيق العقل عن التطور ويضرب على الأبصار والبصائر ستاراً من العمى ويهدد العيش والكرامة ويغتال المستقبل ويوفر بيئة خصبة للغيبيات وإنعاش غرائز الضغينة والبغضاء، وردّة بربرية إلى العصور الغابرة والتقدم إلى الخلف والانفصال عن الواقع والهجرة إلى قرون الظلام السحيقة المغروسة جيداً في تربتنا.
العالم العربي استشرى فيه اللاوعي وفقد حكمة العقل الذكي، يعيش أزمة شقاء العقل والإحباط الفكري والفقر المعرفي والاستعصاء الحضاري والنكوص والانغلاق والارتداد نحو الجاهلية العمياء والتناقض الصارخ بين عالم يشكو الجهل والتخلف وندرة المعرفة وعالم متخم بالمعرفة في زمن أطاح فيه الجهل بالكثير من العقول ووضع الشعوب العربية أمام أبواب مواربة كثيرة كمتاهات يلهثون في حجراتها ولا يعرفون السبيل للخروج منها.
المغلق جثة عفنة يتوجب دفنها في حجراتها ولا يعرفون السبيل للخروج منها.
المرن وتفكيك أدوات صناعة الجهل وغسل العقول من تراكمات التاريخ ورواسب التخلف ونشر وتعميم الفكر النير النقي للخروج من هذه الكهوف المعتمة وتوفير سبل العيش الكريم لكافة أفراد المجتمع بما ينعكس خيراً على الجميع.
نعمان إبراهيم حميشة