الخيال الأدبي بين الأمس واليوم

الوحدة: 3-11-2021

 

 

قدّمت الدكتورة سوسن الضرف بقاعة المحاضرات بجمعية العاديات في اللاذقية محاضرة بعنوان: (الخيال الأدبي بين الأمس  واليوم)، الخيال الأدبي  بمعناه البعيد عن المعنى الذي اعتدنا عليه، وَالذي ارتبط غالباً بالرومانسية وَالإبداع في التصوّر، فالخيال الأدبي يأتي هنا مساوياً وَموازياً للخيال العلمي الذي اجتاح الأدب وَالسينما معاً، هذا ما بدأت به الدكتورة سوسن حديثها وتابعت:

يُقصد هنا بالخيال الأدبي قدرة  الكتّاب على مقاربة مجالات يظن البعض أنها مُحكَمة الإغلاق أمام أي تحليل أو وصف.

  لقد سبق وَقدم لنا الأدب مثالين عظيمين لهذا النوع من الخيال الأدبي، أحدهما من الأدب الغربي، وَهو ملحمة ( الكوميديا الإلهية ) للشاعر الإيطالي (دانتي) في القرن الخامس عشر الميلادي، وَالتي تناول فيها وصفاً مفصلاً للسماء بجنتها وَجحيمها وَمظهرها، مع تخيل لما يحدث هناك..

أما المثال الثاني فهو (رسالة الغفران) للشاعر العباسي  أبو العلاء المعري وَالتي كتبها بين القرنين العاشر وَ الحادي عشر ميلادي، وَفيها تخيل رحلة عجائبية للسماء العليا حيث يلتقي بعدة  شخصيات تنعم بالجنة وَآخرين من أهل الجحيم، وحتى لقاء العفاريت.

وأشارت د. سوسن إلى أنه مرت قرون دون أن يتكرر هذا النوع من الأدب لدرجة أننا اعتدنا على غيابه، لكن فكرة  أن التاريخ يعيد نفسه، وَ العقل البشري كذلك، جعلتنا نميز كتباً مشابهة سواء في الأدب الغربي أو العربي.

وَهناك مثالان أيضاً من كل جهة، فكان كتاب ( السيرة الذاتية للرب ) والذي كتبه الفرنسي (جان لويس فورنييه)  متخيلاً أن الرب،  وَبعد انتهائه من خلق الكون، قد ضجر فهبط إلى الأرض بحثاً عن عمل، وَهنا يرسم حوارات تدور بينه وَبين مدير العمل، وَمن خلال هذه الحوارات يطرح تساؤلات جديّة لم يجد لها أجوبة، فيتخيلها. وَالكتاب يُجسدّ رحلة معاكسة تماماً للكوميديا الإلهية لكن بنفس الإبداع والجرأة.

أما من جهة الأدب العربي فهناك كتاب (تقرير الهدهد)، للكاتب اليمني حبيب عبد الله سروري، حيث يتخيل مصير أهم الشخصيات التي فقدناها فيحاول تخيل ما لا يمكن حدوثه، وَهو توكيل (أبو العلاء المعري) بمهمة النزول إلى الأرض لتبيان ما جرى بعد موتهم، وَهنا أيضاً (وَللصدفة البحتة ربما) تأخذ الرحلة اتجاهاً معاكساً يستحيل تحقيقه.

بالنتيجة يؤكد لنا هذا النوع من الخيال الأدبي على استمرارية تطور الفكر وَعلى رفض كل الحدود التي يمكن فرضها عليه، وَعلى محاولاته المستمرة لتحرير العقل البشري.

نور محمد حاتم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار