فتيات تحت مشرط عمليـــــات التجميل والنتيــــــجة نـــــدم!

العدد: 9314

18-3-2019

 

الجمال هبة الله لعباده فخلقنا في أحسن تقويم، وصورنا في تصاوير، ولم يكن لنا نسخاً متطابقة غير إخوة من آبائنا لكنهم اليوم كثيرون، بأنف نانسي وقدّ هيفا ويمكن أن تصل نتائجها بشفاه أليسا تملأ طرقاتنا ودروبنا التي يمكن أن توصلنا إلى عيادات التجميل التي تكاثرت وانتشرت في بلدنا كما غيرها في العالم، حيث باتت الجراحة التجميلية هي الأكثر طلباً بين اختصاصات الطب، فالكل يسعى ليكون الأجمل في عيون الآخرين، وشبكات التواصل الاجتماعي والإعلان تروج لها والكل مشاهد لنجومها ووسط المنافسة الشديدة في الساحة والمبالغ الضخمة التي تضخ لأجل أن نعود بعقارب الساعة للوراء بمشرط ومبضع طبيب، لكن يبقى البوتوكس متربعاً على عرش التجميل بصيحة كصيحات الموضة والتجميل، بوتوكس وشد وشفط ونحت.
لم تعد ترى فتاة حتى في المدرسة والشارع والدوام من دون (تاتو) للحواجب واليوم نمش في الوجه، وقص معدة تطرحها في الفراش لأشهر بأوجاع وجوع، وماذا بعد؟ حتى الشباب والرجال هرولوا في المكان وبدؤوا السباق والتهافت على العيادات لقص وشفط وشد، ومن يبدأ بالخطوة الأولى ودخول الحلبة والميدان لا يسعه الرجوع فالمسير طويل والنتيجة!؟
ومــــاذا ينفع النّــــدم
* السيدة أمل أشارت إلى أنها كانت تعاني من السمنة وكلهن من حولها أقل وزناً، فما كان منها غير أن قصدت طبيب تجميل، وهو الذي أوهمها بكل ما حلمت به وطبع بذاكرتها صورة لم تهرب منها، لتسرع وتحجز سريراً في المشفى، وتجري عمليات جراحية لشد البطن وغيرها للصدر، وتستيقظ على آلام مبرحة لم تفارقها لأكثر من شهر، وأعظمها في الأيام الأولى ولم تبارح فيها السرير، كما أنه ظهرت بعض الندبات ولم تكن النتيجة التي أرادتها فقالت: ليست الصورة التي أوهمني بها الطبيب ووضعني في بروازها، وبعدها راجعته لثلاث مرات وهو يردد علي أنه يمكن إصلاح الخطأ بالليزر لكني لم أوافقه، فعمليات القيصرية الثلاث التي أجريتها عند ولادة الأولاد لم تترك أثراُ على جسدي بعكس التجميل والذي كان الأسوأ، وهذه العملية كانت قبل الأزمة بشهرين ولم تكلفني غير مئة ألف، واليوم تكلف بالتأكيد أضعاف، كما أن صديقتي تقيّح جرحها وبقي مفتوحاً فترة طويلة ينز بالأوجاع، ولم تكتف بقولها أنها توجعت بل عادت إلى سمنتها وكأنه لم يكن الأمر لولا هذه الندبات.
* أليسار عاملة في أحد صالونات التجميل ومع أنها تتمتع بجمال طبيعي ساحر وصغيرة في السن إلا أنها ترددت على عيادة طبيب تجميل فاليوم لم أر في وجهها غير شفاه تكاد تنفجر وحولها الانتفاخ والاحمرار فقالت لما حدقت فيها: إنه من الفيلر، إن عملي يتطلب مني أن أكون بهيئة آخر صيحات الجمال، وهو ما يجذب الفتيات، كما أنهن يسألنني عن السر، ولا أحب أن أجد نفسي يوماً عجوزة وكبيرة بالسن، أريد كلما نظرت بالمرآة أن أرى وجه الشباب، ودائماً ما يردد الطبيب قوله كلما بكرت بوضع البوتوكس والبلازما أخرت شبح التجاعيد، ولم أعانِ فيها غير بضع لحظات من الانتفاخ، لكن حقن الشفاه ألمني كثيراً وأتناول المسكنات وأدوية الالتهابات، حتى أني فقدت شهيتي ولا أستطيع الأكل، تضحك وتتابع: أفضل لي لأحافظ على نحافتي.
* مريم، فتاة جامعية لم تعد قادرة على ارتداء الألبسة بأكمام قصيرة فتشوه واضح للعيان في يديها، وتقول بحرقة وندم: ليتني لم أفعلها، لقد وسوست نفسي بما رأيته في الإعلانات، لأندفع إلى عيادة طبيب تجميل، باحثة عنده عن حل في سمنة عضد يديّ، وقد أطربني جوابه بأن الأمر يسير، وفي اليوم التالي كنت تحت مشرطه، الذي جاء يرسم خريطة كما في الكتاب، حيث انكمش الجلد وأصبح بندبات، ولم أتخلص من ذاك الرسم والتشطيب حتى بكل ماسح وعلاجات، وكنت أراجعه ليقوم بحل آخر فيه تجميل لكنه الوضع يزداد سوءاً وألماً في التنفس، وعندما زادت حدتي بالكلام طردني وأوصد في وجهي كل الأبواب، واليوم ألتفت لدراستي وأجلت التجميل لحين آخر.
* السيدة إيناس، مدرسة: كنت أعاني من صعوبة في التنفس عن طريق الأنف، وحجم الأنف كبير بالنسبة لملامح وجهي ولا بد من العمل الجراحي وبأسلوب الطبيب المتميز استطاع إقناعي بإجراء العمليتين معاً وكانت المراحل التالية:
قبل العملية الخضوع للتحاليل لمدة ثلاثة أسابيع والامتناع عن تناول أية أدوية، وكذلك الابتعاد عن التدخين وتناول المشروبات الكحولية، والعملية عبارة عن إزالة العظم أو الغضروف الزائد أو نحت الهيكل الأساسي للأنف من أجل سهولة التنفس، وبعدها تم تلميع الجلد والأنسجة وإغلاق الشقوق، وبعد العملية وهذه المرحلة لا تقل أهمية عن باقي المراحل الالتزام بتعليمات الطبيب سواء في التغذية أو الحركة، وعدم التعرض لضوء الشمس لمدة أسبوعين، وحصلت على النتيجة بعد زوال الألم الشديد والانتفاخ والحمد لله لقد تغير التنفس وشكل أنفي وما زلت أراجع الطبيب بين الحين والآخر.
* السيدة ابتهال: ظننت أن الشفة الممتلئة من مظاهر الجمال، خلق الله لي الشفة العليا رقيقة كنت ألجأ إلى أحمر الشفاه لتكبيرها وبعدها قررت نفخها وحقنها بالبوتكس عن طريق الإبرة وهي عبارة عن ملء الفراغات وهذه العملية لا تحتاج إلى البقاء في المشفى وكانت في إحدى مراكز التجميل، الأعراض احمرار في الوجه ونزف خفيف ومعالجتها بوضع مكعبات الثلج لإزالة التورم وبعد عدة أيام حصلت على شفة كبيرة وغليظة أدت إلى تشويه وجهي وهذا الشيء الذي كنت أخشاه وبقيت فترة على أمل أن تتحسن الأمور ولكن عبثاً بالنسبة لي حصلت على نتيجة معاكسة ولم يعد باستطاعتي إعادة الأمور كما كانت لذلك أتمنى من الجميع إن لم تكن الحاجة صحية الابتعاد كلياً عن إجراء مثل هذه العمليات أو عن طريق طبيب جراح واختصاصي.
* السيدة سعاد أردت إجراء عملية شد للثديين وبعد مرور عام تعرضتُ للإصابة بالسرطان ومازلت حتى الآن أتلقى العلاج، طبعاً شعور مؤلم وندم شديد ولكن ماذا ينفع الندم، لم أكن أعلم أنني سأحصل على هذه النتيجة المؤسفة والحمد لله ولا أنصح أحداً بالعبث بما خلق الله لنا من جمال طبيعي.
* إحدى السيدات قامت بإجراء عملية شفط دهون مما أدى إلى تعرض ذراعيها للتشوه وليس بمقدرها ارتداء ما تريد، فقط الكم الطويل لإخفاء العيوب، وأرادت أن تقدم نصيحة هناك أشياء يمكن القيام بها بعيداً عن عمليات الشفط مثل الرياضة اليومية أو الالتزام بالغذاء والمحافظة على رشاقة طبيعية وسلمية.

رأي طـــــــبي
* الدكتورة نور سليمان، جراحة تجميلية ترميمية وحروق أشارت إلى أن عملهم لا يقتصر على التجميل فقط بوتوكس وفيلر وبلازما و.. بتخدير موضعي، أو عمليات جراحية شد أجفان علوية وسفلية وشد وجه ورقبة وتجميل أنف أو شده بالخيطان ونحاتة جسم وتصغير أو تكبير ثدي وشد عضد وفخذ و.. وهي الأشد انتشاراً وإنما لدينا الترميم في حالات الحروق والندبات، ولدينا اختصاص أعمق من التجميل لجذور الندبة بالشرائح الحرة والموضعية وهي قليلة في بلدنا لكن قمنا باستخدامها لجرحى الجيش في المشفى.
يمكن أن تبقى بعض آثار للعملية الجراحية حيث يوجد خطأ طبي وغيره اختلاط وقد ذكرت في المراجع العلمية فأينما كنا حتى بأكسفورد وأوروبا الاختلاط موجود وبنسب، مثلاً بعملية شد البطن يتعرض الجرح لإنتان 1% وفي شد العضد تبرز ندبة واضحة وهذا اختلاط حيث أن الجرح كبير، وقبل العملية على الطبيب أن يذكر للمريضة ذلك ليسألها إن تتقبل ظهور خط واضح للجرح وندوب، وهذا الاختلاط يتبع طبيعة الجسم وفيزيولوجيته والوراثة أيضاً، لهذا من الواجب على السيدة التي تقصدنا أن تخبرنا إذا ما كانت الجروح التي تعرضت لها سابقاً لا تلتئم وعندها بالتأكيد نرفض طلبها بالجراحة لكن معظمهن لا تدلي بهذا القول، وبعد ستة أشهر أو سنة تتضح الندبة لنلجأ إلى علاجها بالليزر، حيث نعطيها بداية وعلى مراحل سيليكون وبعدها ليزر ليخف 50% منها، أما الخطأ الطبي فقد يتحاسب الطبيب عليه، فالجرح كبير وأن يوضع في المكان الخطأ يؤدي إلى انكماش بالمرفق أو بالعضد، من الواجب أن نحدد مكانه وطوله ولا نتجاوز ذلك، كما أن يكون لدى المريضة ترهل كبير والجرح الصغير غير نافع فيها.
وأكدت د. سليمان: حكماً جرح شد العضد غير مرغوب وبشع، لكن جروح الوجه تندمل بسرعة ولا تترك أثراُ وهذه حلاوتها فالشرايين فيه كثيرة تساعد على الشفاء، كما أن الأمراض الأخرى مثل الضغط والسكر تؤثر على التئام الجروح ويفضل ألا يقوم المريض بمثل هذه العمليات إلا بشروط محددة ولا نحبذها إلا إن كان مضطراً، فمريض الضغط الذي لديه بدانة شديدة يجب أن نعلمه بوجود خطورة 30% وهي كأي عملية جراحية تحتمل الخطورة، سواء قص معدة أو زائدة، وعليهم بعد الجراحة بنظام غذائي وحمية ورياضة، أما الترهل فيمكن معه الشد، هذا للجراحة لمريض وزنه فوق 100 كيلو أي سمنة مفرطة لكن منهم أقل سمنة يمكن معهم تكسير الشحوم ونحت الجسم .
الأكثر شيوعاً في بلدنا هي جراحة الأنف ونرى أخطاء في تجميله إذ يجورون عليه كثيراً كما أن بعضهم يتقيد بأنف فلان ووجهه لا يناسبه، حيث أن الأنف هو في واجهة الوجه وقد يؤدي بصاحبه إلى سوء بالتنفس ووظيفة الأنف وتشويه شكله هي أكتر الأخطاء التي تقع لتجميل الأنف، جميعهن مقلدات ولا يطلبن غير ما يرونه في الشاشات، حيث تأتي فتيات صغيرات تناسبهم البلازما فتشرق بشرتهم بالنضارة، أما النساء التي مرت بهن السنون فمن الأفضل لهن شد الأجفان وفيلر التجميل(شي كتير حلو) لكن بغير مبالغة شوهته وأعطت انطباعاً سيئاً عنه، عمليات التجميل غالية وأقلها 200ألف ليرة، والتجميل ممنوع على بطاقة التأمين.
فراغ واغتـــــــراب روحــــــي
* الأستاذ محمد كحيلة، علم نفس أشار إلى أن الموضة مترسخة في العقل الباطني للمرأة، وهي مقيدة ورهينة لصور بنات جنسها الجذابات والإعلان يفعل فعله في زمن استهلاكي بامتياز، لتكون حاجاتها تتعدى الكماليات، وتغيير شكل الأنف مثل شراء ثوب أو حذاء بغير ألم.
إن هذه العمليات التي تعمد إلى تغيير الشكل الخارجي واستبعاد جوهر الإنسان تشي باضطرابات نفسية تتعلق بنظرته لنفسه في المرآة على أنه غير جميل أو أن أحد ملامحه غير مستحبة، كما أنها تؤدي إلى نوع من التشتت في التفكير لافتقاد الهوية وعدم ثقة بالنفس وفراغ روحي واغتراب تحت وطأة الظروف الاقتصادية والاجتماعية المعيشية، كما في سعي الفتاة لتحظى بالجمال والكمال، لهو وسواس قهري يخلف القلق والتوتر والاكتئاب، حيث تلجأ لكسب الود والاهتمام من محيطها ولفت انتباه من تحبه، والاستحواذ على الأفضلية في اختيار العريس والوظيفة والدخل وحتى النجاح فالجمال وسيلة لخلق انطباع جيد ودوافع عمليات التجميل عندها كثيرة (نفسي واجتماعي واقتصادي وثقافي) منها: وفرة المال واتساع أوقات فراغها، غيرتها التي تملأ كيانها، شخصيتها الهشة والسطحية وعدم نضجها ووعيها المقصور على ومواقع التواصل وإعلانات شاشات التلفزة بالموضة والصرعات، كما أن المجتمع الذكوري يملي عليها نموذج الجمال وقد دخله اليوم من أوسع أبوابه وبدأ يتشبه بهن..

هدى سلوم- معينة جرعة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار