الوحدة : 29-8-2021
تتبلور رؤيتها للمشهد الثقافي من خلال مشاركاتها الميدانية ومساهماتها في رفد الساحة الأدبية بمختلف صنوف أنواعها من – شعر وقصص وترجمة – إنها الشاعرة والكاتبة ثراء الرومي التي تلخص تجربتها الخاصة بقولها : ( دوري كأم ومربية وناشطة في ميادين الثقافة الفكرية يحتّم عليّ أن أحاول ما استطعت ترميم ما تهدمه مفرزات التكنولوجيا وأن أساهم في إعادة ألق الكتاب، ولعلّ رسالتي في أدب الأطفال والترجمة تكمل هذه المهمة الإنسانية التي أتميز بأنني أحمل شغفها وهواجسها، والتي تتجسّد عند اختياري لنص أترجمه، سواء للأطفال أو للكبار، ليكون رافداً مهماً لرسالتي ودوري في الإبداع ) . وهذه الرسالة الإنسانية تتواصل عند الكاتبة ثراء الرومي خاصة في نتاجها القصصي الموجه للأطفال ، الشريحة الأكثر احتياجاً للاهتمام والرعاية والتوجيه السليم المبني على عدة مرتكزات أساسية في الأسلوب والصياغة واللغة وكذلك في استخدام العناصر المكملة التي تجذب الطفل لأدبه سواء أكان شعراً أو قصة أو مسرحاً .. وكل ذلك نراه يتجسد في قصتها الموجهة للأطفال والتي حملت عنوان – من الفائز ؟ – والصادرة حديثاً، ضمن سلسلة ( أطفالنا – إبداعات ) ، والمزينة برسوم الفنان فادي كيوان.
فالفائز في الرسالة السامية التي تضمنتها القصة هو الوطن – بكل أطيافه وألوانه ومشاربه – والفائز هو المجتمع المتضافر الذي يتكامل ويندمج بكل مكوناته لتشكيل النسيج المتين والمزركش والحاني كغطاء يحمي الإنسان والطفل بشكل خاص من كافة المخاطر والعوامل التي تحيط به لينتقل بأمان إلى ضفة الوطن العامر بالمحبة والعطاء . ففي نهاية القصة ختمت الكاتبة الحوار بين شقائق النعمان وأزهار الياسمين وحبات القمح وأوراق الريحان – وهم يتنافسون على المركز الأول ومن هو الأجدر بلقب الفائز بينهم – ( رفرف علم الوطن قائلاً : عودوا إليّ جميعاً ، ففي أي مكان أعلو وأرفرف تكونون جميعاً منتصرين ومزدهرين ) . قيم سامية وسلوكيات متجذرة بالأصالة والحضارة هي من فازت في نهاية قصة – من الفائز ؟ – لتؤسس عملاً أدبياً متكاملاً في الشكل والصياغة واللغة والفكرة ، ولتكوّن الركيزة الأساسية لمبادئ التربية الصحيحة لجيلٍ من الأطفال عانى – وما زال يعاني – كثيراً من تبعاتٍ وآثار قاسية لما تعرضت له سورية من تدمير وطمس لكل ما هو إنساني وحضاري في كل مجالات الحياة . وفي دراسة مبسطة لتجربة الكاتبة الرومي ، نوجزها من خلال حديث سابق لها مع – سانا – عن كتاباتها وترجمتها للأطفال حيث قالت : ( كل الأجناس الأدبية تفضي إلى بعضها ويثري بعضها الآخر ولكن لا بد من وجود الموهبة بالدرجة الأولى لتستمر العملية الإبداعية . ورأت الأديبة والمترجمة الرومي أن هناك نهضة بأدب الأطفال واهتماماً لافتاً من قبل المعنيين بثقافة الطفل . وختمت الكاتبة بالقول : إن من يمتلك ثقافة قادرة على البحث عن مكامن الجمال وتقديمها بأسلوبه الإبداعي ليكون ما يقدمه أدباً حقيقياً يكون الأقدر على وضع بصمته للأجيال القادمة لافتة إلى أن مهمة المبدع غالباً تكون خطيرة لأنه مسؤول عن غرس بذور الإبداع في الأجيال الجديدة التي تنأى بها التكنولوجيا عن الثقافة إلى حد كبير) . وفي مقال للأديبة الرومي في العدد / 1054 / من ملحق صحيفة الثورة الثقافي أكدت على الدور الهام والأساسي للقراءة بالنسبة للجيل القادم وأشارت إلى الدور الجوهري لمجلتيّ شامة وأسامة في إغناء هذا الجانب المعرفي والتربوي لدى أطفالنا لا يخفى على أحدٍ، دور السّلاسل الإبداعيّة والدّوريّات التي تصدرها الهيئة، وخصوصاً ما يتوجّه منها إلى عمر الطفولة المبكّر، كمجلّة – شامة – وما يتوجّه إلى عمر الطّفولة الذي يليه كمجلّة – أسامة – التي رسمت ملامح وعينا وثقافتنا كأطفال، فهاتان المجلّتان تشكّلان صمّام الأمان، للأهل الذين يبحثون عن سبل اجتذاب أطفالهم، إلى عالم القراءة والرّسم والإبداع.. فما تضمّه دفّتا كلّ منهما، يشكّل إرثاً لغويّاً وفنّيّاً وثقافيّاً، يغني ذائقة أطفالنا ويوسّع مداركهم اللّغويّة، وآفاق تخيّلاتهم لتقدّما غايتهما المنشودة، عبر أسلوبٍ سلسٍ يتناسب مع هذه الأعمار الغضّة.. كما أنّهما تفتحان بوّابة عالم الإبداع، عبر ما تتيحانه من فرصِ النّشر على صفحاتهما، بالنّسبة للأطفال الموهوبين، جنباً إلى جنب مع كتّاب وشعراء الأطفال والمترجمين. فمن حقّ هذه الأجيالِ علينا، أن نغرس في نفوسها حبّ القراءة وشغف الثّقافة، مهما ساءت ظروفنا وأحوالنا، لأنّ ذلك ينتج جيلاً منفتحاً سويّاً، ولعلّ أنسب مقترح لتعزيز كلّ هذا، نشر ثقافة الكتاب المُهدى، وجعل القراءة أجمل ما نكافئ به أطفالنا مادّياً ومعنويّاً، وبهذا نضمن بناء مجتمع صحّيّ، لا تزعزعه عواصفٌ أو رعود. إنّها مهمّة وطنيّة جوهريّةٌ، يتشارك في مسؤوليّتها الوالدان والكادر التّدريسيّ، وجميع الفعّاليّات المؤثّرة في جيل الأطفال والشّباب، كلّ من موقعه، فالهدف أسمى من أن يتوانى أحدٌ عن القيام بواجبه تجاهه، وتجاه هذه الرّسالة الإنسانيّة والتّنويريّة العظيمة..) الجدير بالذكر أن الأديبة ثراء الرومي تشغل حالياً منصب رئيسة المركز الثقافي في ضاحية الأسد. وهي حائزة على شهادة ماجستير في الأدب الانكليزي- ولها عدة مؤلفات منها كتاب ( بسيم في كلمات: رثائيات في رؤى شاعرة ) ، كتبت الشعر من عمر/ 9 / سنوات، وصدر لها العديد من الدواوين الشعرية، وهي مترجمة حيث ترجمت مجموعة قصائد من أدب أمريكا اللاتينية، وتكتب أدب الأطفال. ومن مؤلفاتها في الترجمة سيرة ذاتية بعنوان (الحقيقة دائماً تسود).
فدوى مقوص