رقــم العــدد 9312
14 آذار 2019
تعتبر المناهج التربوية أداة أساسية للنهوض بالمجتمع وعكس تطلعات وطموحات أجيال متعاقبة وأداة فاعلة في بناء شخصية الأفراد وفق الثقافة التي تمليها.
وتطوير المناهج الدراسية حاجة أساسية لمواكبة التقدم والتطور العلمي وتكوين العادات والاتجاهات الإيجابية لدى الطلاب ومراعاة الفروق والميول والاهتمام بالجانب العلمي.
وبعد أن كانت الثقافة المدرسية تعتمد على المدرس في توصيل المعلومة أصبح التعلم الحديث تشاركياً وفق مناهج متطورة تربط المدرسة بكل مفاصل المجتمع من خلال الخبرات والتفاعل والتجريب والشمول والتعاون بخطوات تحدد استراتيجية التطوير وتدرس الواقع وتصنع الخطط والأهداف لتنتقل إلى التنفيذ والمتابعة.
وهذا ما سعت إليه وزارة التربية مع انطلاقة تغيير المناهج السابقة واستبدالها بالأفضل للارتقاء بالواقع العلمي.
وفي خطوة تعتبر الأخيرة بعملية التطوير للمناهج، نشرت وزارة التربية عبر حساب المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية مسودات الكتب التعليمية الجديدة والتي تشمل مناهج مراحل التعليم الأساسي والثانوي للعديد من المواد بهدف استقصاء الآراء وإبداء الملاحظات، لإجراء التعديلات على المناهج إن وجدت قبل طباعتها وهي خطوة إيجابية كونها تسمح بالمشاركة الواسعة بالمناهج وتقييمها قبل وضعها بالتدريس.
مادة العلوم هم ثقيل
وبداية كان لنا وقفة مع مادة العلوم، هذا الحمل الثقيل على طالب البكالوريا العلمي والتي تحتاج للوقت والجهد الكثير للتمكن منها وحفظها.
فهل ستصبح مادة سلسلة أم أنها ستبقى المرافق الأساس لخوفهم وضرورة التمكن منها، فهي بحاجة للتكرار والإعادة مخافة نسيانها ورأينا طبعاً مبني على استطلاع أجريناه مع العديد من الطلبة الذين يجرون امتحاناً تجريبياً في المادة بالمعاهد الخاصة التي تغص بهم.
وكأنها همّاً ثقيلاً يريدون التخلص منه، فالدقة المتبعة في تصحيحها قد تغير من مستقبلهم وتقتل طموحهم فحرف جر كفيل بإضاعة العلامة عليهم.
فهل المنهاج الجديد جاوز هذه المشكلة أم أننا سنرى إعادة لما كان بأسلوب أكثر تطوراً؟
الأستاذ جهاد خير بك مدرس مادة العلوم أوضح أن مسودة المنهاج الجديد فيها ميزة إيجابية، فقد خلا من الحشو وزاد من نسبة الرسومات والمخططات البيانية التي تسهل على الطالب الفهم وتوفر الجهد والتعب من حالة البصم التي كان يعاني منها في المنهاج القديم.
وأكد خير بك أن العبء أصبح بشكل متناظر ما بين الطالب والمدرس، وقد يكون نصيب المدرس أكبر.
ويعاب على المنهاج الجديد دخوله في تفاصيل علمية بكل بحث مثل الحاثات والعين وهي زائدة تهم ذوي الاختصاص.
بالإضافة لتذييل المنهاج ووضع أسئلة مثل (ابحث)، (ماذا تتوقع أن يحدث) وهذه الأسئلة تفتح المجال واسعاً أمام الإجابة التي يجب القبول بها كونها استمدت من البحث، ولكي نتدارك أي خطأ قد نطالب بالإسراع بطرح دليل المعلم لإعطاء المعلومة الدقيقة التي سيحاسب عليها الطلاب في إجابته الامتحانية.
ورأى الأستاذ خير بك أن هذا المنهاج سيحد من الدروس الخصوصية كونه بحاجة لآليات وتقنيات في الشرح توضح المنهج العلمي بشكل أيسر كشاشات العرض ووسائل الإيضاح الأخرى.
الفيزياء والكيمياء تبديل بلا إمكانات تطبيق فعلي
مادتا الفيزياء والكيمياء كان لهما النصيب في مواكبة المناهج الحديثة والتطوير في منهجيهما العلمي فقد اعتمد طرق جديدة في العرض تسهل على الطالب حفظ المعلومة والاستفادة منها بحسب ما أوضحه الأستاذ كسار مريم مدرس الفيزياء والكيمياء، حيث يعتمدان على أفكار جديدة برسم بياني وخطوط وتجريب وعرض للتجربة للخروج بنتائج تطبق على أرض الواقع.
فالمضمون والعناوين الأساسية للمنهج لم يتغيران إنما التغيير في عرض المادة.
وتساءل مريم هل لدينا الإمكانات لتطبيق المنهج حرفياً؟
فالأعداد الكبيرة للطلبة في المدارس لا تساعد على إيصال المعلومة بدقة وليس لدينا شاشات ذكية للعرض أو مخابر مجهزة للتجريب ولو توفرت فالأعداد الكبيرة لا يمكن التوضيح لها.
وهناك الاستنتاج والبحث عن المعلومة المكلّف بها الطالب، فهل سيضيع وقته لاستخراجها وتطبيقها، وأضاف مريم: لن نحكم على المنهاج مبكراً فهو في مرحلة المخاض بالتطبيق الفعلي سنرى النتائج بشكل أوضح.
لنا كلمة:
ما يهمنا في متابعة أي تغيير في المنهج العلمي هو الطالب نفسه وتجهيزه للدخول في المرحلة الجامعية بكم من المعلومات يساعده على التفاعل والانفعال في الجامعة والمجتمع، والتطوير في المناهج لا بد أن يتم بناؤه على خطة علمية سليمة تبتعد عن التقليد والمنهج السردي وتلحظ الواقع كذلك وتتغلب على المعوقات قد يكون بدورات تأهيلية للمدرسين ولحظ أعداد الطلبة وتوفير الإمكانات والوسائل التوضيحية لربط المضمون بالتطبيق والواقع والاستفادة القصوى من مضمون التغيير.
فمناهجنا القديمة عناوينها ومضامينها كانت تعتمد التدريس فهذه الإمكانات الواقعية، فهل الجديدة ستحمل الأفضل وتبعد طالبنا عن هواجس الخوف وكابوس الدراسة والبصم والتكرار.
وهل نحن سنستعد جيداً وننتظر نتائج مثمرة، أم أننا سنكتفي بالتغيير لتكون مناهج حديثة والإمكانات قديمة ليصار إلى مناهج متطورة بطرق تدريسية تقليدية.
سهى درويش