قرارات حرمتنا البندق والكاجو والتمر!

الوحدة: 21-8-2021

 

كان لقرار وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بإيقاف استيراد ٢٠ مادة لمدة ستة أشهر تداعيات متشعّبة على المستوى العام، وأغلب تلك التفاعلات كانت تحمل طابع السُخرية والتهكّم مع الأسف، وخاصة أن تلك المواد كانت رائجة على واجهات المحال وفي الأسواق المعروفة والمشهورة على المستوى العام بأسعار يصعب على الكثيرين شرائها وتدخل ضمن المواد الغذائية وهي: جبنة الشيدر، الجوز، اللوز، الكاجو، الزبيب، والتمر، حيث كان الهدف من هذا القرار هو ترشيد الاستيراد والحدّ من استنزاف القطع الأجنبي.
نحن أصحاب القرار الفصل فيما يخصّ أمور مشترياتنا على جميع الصّعُد، وخاصة التي تتعلّق بتفاصيل حياتنا اليومية من غذائيات ومكملات أخرى يمكن الاستغناء عنها لسنين وليس لستة أشهر، نحن ذلك الصنف الجبّار الذي تعوّد على القسوة، تعوّد على الحرمان والحصار والقهر، بإمكاننا برمجة معيشتنا ولو بمادتين غذائيتين فقط، نحن أصحاب الجُود بالموجود، هذه الأصناف المذكورة هي بعيدة كل البعد عن برامج مشترياتنا وشهوات أبداننا منذ زمنٍ طويل – باستثناء التحضير ليوم الاحتفال برأس السنة- حيث تصحو داخلنا عادات الكرَم وشجاعة الفرسان المتأصلة، فنصبّ جام الراتب على ذلك اليوم، وطبعاً هذا على مستوٍ محدود جداً، فنقوم بشراء بعض الموالح التي تزينها بضع حبات من البندق والكاجو المتخفّية بين بذر الميال والقضامة المغبّرة والناعمة أيضاً، أمّا التمر فيقابله التين المجفّف الغني بعناصره المهمة وهو موجود بجميع أشكاله، وبعض حبّات الكستناء التي يقدّمها أصحاب الإجازات القادمين من المدن الكبيرة لقضاء تلك السّهرة العفوية الجامعة، وهي الفاكهة المحبّببة التي بدأت تجد لنفسها مكاناً خجولاً بين غابات النبي متّى ومحميته بالدريكيش وكذلك غابات ومحمية الشوح في صلنفة.
وبالعودة لأيامنا العتيقة وكنوز ذكرياتها الدافئة، فقد كانت صوبة الحطب هي فرن سعادتنا وخاصة أثناء الشتاء فعلى نارها كنّا نشوي دوّام السنديان والبلّوط لتكون بندقنا وكاجونا الّلذيذ، حرارة الدوّام المحروق تُنسينا مرارة تلك الحبات التي تُنعش أروحنا وتلوّن سهراتنا الجامعة إلى جانب تلك المناقيش المتنوّعة وأبريق الشاي الأسود وحبات البطاطا ورائحتها الطيّبة.
والمضحك المبكي أنه وبحسب القرار الصادر عن الوزارة فقد تضمّنت القائمة منع استيراد عدادات النقود، وأجهزة التبريد المنزلية (المكيفات)، وأجهزة العلاج الفيزيائي (تدليك)، فلله دُركم، أنتم لا تخاطبون سوى فئة محدّدة من الناس وهي ليست بحاجة هذه القرارات لأنها مكتفية من غدق وعطاء الله، وعدّ رُزم النقود يحتاج قليلاً من الّلعاب ليكون كفيلاً لهذه المهمة (الشاقّة)، ونحن بدورنا نتساءل عن قرارات وبِدع تلامس حياتنا وتفاصيلها البسيطة، قرارات وقوانين تعيل أُسر أصابها الكثير من الضّرر جرّاء تلك الحرب الإرهابية العبثية ومفاعيلها، فهل هذه القرارات التي تُصدرونها تنفي وجود عقوبات وحصار اقتصادي من قِبل المجتمع الدولي ؟، أم أن هناك ثغرات يمكن البناء من خلالها، وإن ووجدت هذه الثغرات والتسهيلات فعليكم تأمين المواد التي تناسبنا وحياتنا اليومية كتأمين الوقود والزيوت النباتية وأغذية الأطفال والأدوية وأُمور ضرورية أخرى.

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار