ناقوس المياه بدأ يطرق أبوابنا من كل حدبٍ وصوب

الوحدة : 7-8-2021

الآن، وخلال هذه الأيام، بدأ ناقوس الخطر يدق بشكل جدّي، الآن علينا أن نطلب العفو والنجدة من رب العالمين إذا كنّا من المُحسنين، نحن الآن بحاجة التدخّل الإلهي، لأننا قد نكون من الهالكين إذا لم يسبق السيف العزل، فُطر الإنسان على التحمّل، لأن الله زوّده بنعمة الصبر التي هي من شيمه فقط، لقد تحمّل هذا الشعب ما لم يحتمله قوم على الإطلاق، لكن أن تصل بنا الأمور إلى حدّ العطش فهذا نوع من الشرك، كل الأمور والأحداث تُنذر بتلك الكارثة، العطش وما أدراك إذا حلّ علينا، هنا في ساحلنا المائي اللاذقية وطرطوس الغنيتان بهذه النعمة، فكيف سيكون حال الداخل والأطراف الجافة.

لكن كما يقال لكل زمان رجال، نحن الآن، ومنذ سبعينات القرن الماضي نستظل بتفكير القائد المؤسس حافظ الأسد الذي أعلن ثورة بناء السدود على امتداد المعمورة فتُوجت بفائض مائي أصبحنا نستخدمه في مجالات السقاية والري والزراعات على امتداد ترابنا الخصيب، فكان ذلك علامة فارقة عن باقي البلدان وأصبحنا يوماً من الأيام نعطي من مياهنا لبلدان أصابها الجفاف بقسوة، فردّت لنا الجميل بإنشاء غرف خاصة بقتل السوريين عندما أصبحوا بأحضان ذلك النمرود المتربّص.

والمهم الآن أن هناك شكاوى واستغاثات من كل حدبٍ وصوب، حتّى داخل المدن والأرياف القريبة والبعيدة، مصادر المياه من أنهار وينابيع وسُدود بدأت تعلن إفلاسها بعد موجة (عرمرمية) من ارتفاع درجات الحرارة وبالتالي الحاجة الماسة للمياه سواء كانت للري أم للشرب وهو المهم، الجميع على دراية بأن الموسم المطري السابق كان ضعيفاً جداً وغير مجدٍ لرفد السدود بهذه النعمة، أين القابضون على زمام الأمور بهذا المجال، هل فعلتم ما يجب لدرء هذه الكارثة أو على الأقل الوقوف في وجهها ومقارعتها بأسلوب عملي من خلال تجهيز آبار احتياطية خاصة بمياه الشرب في جميع المناطق وحتى داخل المدن بين الحدائق وعلى جوانب الطرقات لتكون قريبة من المستهلكين حتى ينظر الله بأمرنا، كذلك القيام بتجهيز بحيرات اصطناعية خاصة بري المزروعات الحقلية والمواسم الاستراتيجية للتصدي لهذه الوقعة والخروج منها بأقل الأضرار، أمّا قِصص إنشاء معامل لتحلية مياه البحر قد أعفيناكم منها بسبب الحصار المفروض على مستورداتنا وكذلك غِنى باطن أرضنا بالمياه الجوفية القابلة للاستخراج بأقل التكاليف، علماً أن دول الخليج وغيرها تعيش على تقنية التحلية منذ عقود مضت غير آبهة بعطش.. وبالعودة للوراء قليلاً، هل يعقل أن يكون أجدادنا الأميون أكثر حِنكة وذكاء ودراية من أصحاب الشهادات العلمية، وأبحاثهم واكتشافاتهم في مجالات العلوم وما بعدها، عندما كنا صغاراً كنا نراقب كبارنا وهم يقومون بتجهيز أنفسهم وأملاكهم ووضع طاقاتهم في سبيل الحفاظ على مياه الأمطار لتكون عوناً لهم في القادمات من أيام الصيف وإيجاد وسيلة لتخزينها في آبارهم التقليدية المحفورة بالأيدي، عن طريق ذلك المزراب المصنوع من التنك ليكون سبيلاً لوصول المياه إلى البير أو الجب العربي، جانب كل بيت كان هناك فم البير أو فتحته المنمّقة المميزة لتفادي الخطر، لا أحد يعرف طعم مياهه وبرودتها إلا من خَبِره وتعامل مع ذلك السطل المعدني الذي كان يعلن وصول المياه إلى شرفة البير من خلال تصادمه مع حجارة الفتحة لتجد مياه أشبه بعصير ثلجي من الصعب تحمّله، وهذا يقودنا إلى أفعال القدماء عندما يهذبون الينابيع التي تنفجر بأراضيهم وعلى الطرقات ليتم إيصالها إلى جورة عميقة بفعل اليد عبر ساقية ترابية أو جدول مائي يحمل تلك المياه العذبة، لتروي ظمأهم أيام الصيف والجفاف، والأكثر إيلاماً هو رؤية مياه تُهدر في وقت هي بلسم وترياق الكثيرين كينابيع الدريكيش المفتوحة لأودية واسعة ليل نهار تتسلّل إليها تلك المياه المعدنية من عدة ينابيع منها (نبع السوق والجامع وعين الفوقا وعين بيت تليجة) وجميعها لا زالت غزيرة معطاءة، كان من الضروري تجميعها عبر سدات تجميعية تفي بغرض السقاية والري أو القيام بإنشاء سدّ تجميعي صغير، والوضع هذا يتناقض بين نبع السن ومياهه الهاربة باتجاه البحر ونبع الدلبة ومياهه العذبة التي تنتهي إلى الاستقرار بجسم سد الدريكيش.

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار