لوريس فرح.. (خلف ستائر فيينا)

الوحدة: 5-8-2021


إذا كانت في النفس البشرية وفي حكايانا دائماً جانب صامت يقف جانباً موارباً خلف أبواب البوح, كيف ومتى تهرب تلك الجوانب الخفية, وتسترق الهواء إلى الضوء, من يحملها؟ ومن يوصلها؟ ومن ينتشل القيود من أوصالها؟ لطالما كان للبوح وسائله وأدواته في زمن التاريخ, تنوعت وتشكلت, تؤسس على بعضها صوراً وأشكالاً مختلفة في نضال لإيصال ما يود القلب والروح أن يبوحا, الرواية شكل أدبي يلاصق تطور الحياة ومجرياتها, يحاول جاهداً في جلّ الأحيان أن يفتح الستائر والأبواب على مصراعيها, أن يكشف الأقنعة أو أن يلبسها إياها في أحيان أخرى, لتظل تدور وجوه الحكايا بين الانكسارات والخيبات والنجاح والأمل كلٌّ بما يحملانه من شغف وحب وأحلام وأحزان موشحة بهم.

خلف ستائر فيينا… للكاتبة لوريس فرح رواية تغوص في الحب وأهواء النفس البشرية وتقلباتها وأحلامها, تعاصر فترات متداخلة بين دمشق وفيينا فتسافر وتنسج أحداثها على دروب الحياة في رحلة رومانسية أو مأساوية أو درامية تحكي ما يقال خلف ستائر ما, في مكان ما, في روح ما… أو ربما لأحلام تختبئ تارة خلف الستائر أو في القلوب, أو ربما تطلق العنان لشغفها.

الرواية من إصدار دار كنانة للطباعة والنشر في دمشق في 2021 وتتواجد حالياً تقريباً بأغلب المحافظات علماً أنّ الكاتبة السورية لوريس فرح تقيم في فيينا والتي هي عضوة باللجنة الأدبية بالبيت العربي النمساوي وبملتقى التواصل العربي النمساوي و بملتقى pen القلم النمساوي في فيينا.

 حول (خلف ستائر فيينا) ومع الكاتبة لوريس فرح نقتطف نسمات من هواء دمشق ونستكين مع ظلال في فيينا لنعرف أكثر ما يمكن أن يقال عنها.  

 – في بطاقة تعريفية, ماذا تصف لنا لوريس نفسها؟

أنا لوريس الفرح سورية من ريف حمص عشت في دمشق ودرست الثانوية البيطرية والأدب الانكليزي فيها, أقيم حالياً في فيينا, أصدرت مجموعة قصص قصيرة ترجم منها للألمانية ونشرت مع مجموعة قصص لكتاب من العالم, فزت بالمرتبة الثانية بمسابقة سورية الدولية للقصة القصيرة كما أن لي مقالات وقراءات نقدية عن روايات عربية وغربية.

*- وأنت تعانقين أكثر من رحلة, في البدء ومع رحلة الأدب, كيف كانت البداية؟

في الحقيقة ورغم أن بداياتي في الكتابة بدأت منذ العاشرة من عمري وكنت قد خصصت دفتراً لكتابة القصص منذ ذلك الحين لكن البداية الفعلية كانت منذ أربع سنوات تقريباً.

إذ بدأت الرواية وأنا في دمشق قبل قدومي بشهرين إلى فيينا، لم أدع حينها أني نضجت أدبياً وفكرياً بعد لأبدأ بالعمل لكني قررت خوض التجربة بكثير من الإرادة والحذر من الوقوع في فخ الإعجاب الشديد بما أكتبه والذي سيفضي بي كمبتدئة إلى الفشل لا محال.

– قبل تقييم الآخرين للعمل, يقوم الكاتب أو الأديب بتقييم عمله وفي استكانة الأعمال التي قدمها, كيف تقيمين لوريس فرح الكاتبة والروائية؟

أعتز كثيراً بتجربتي وبإعادة كتابة العمل مرات عديدة حتى انتهى إلى هذه الصورة عندما أنهيت المسودة الأولى ورغم إعجابي بها إلا أنني كنت متيقظة لفكرة أني لا زلت مبتدئة ومن الطبيعي أن العمل يحتوي على الكثير من الفجوات ومواطن الضعف التقني في السرد والحوارات والحدث واللغة والسبب أني غير متمرسة ولا زلت أعتمد على موهبتي فقط ولكني لا أمتلك الحرفية، فنحيت العمل جانباً واتجهت إلى قراءة الكتب التي تعنى بتقنيات الكتابة والتي وجدت فيها الكثير من الفائدة والمتعة في القراءة والتطبيق وهذا ما منحني جرعة قوية من الوعي الكتابي لأعيد  صياغة العمل من جديد وهذا ما حدث بالفعل, نقلة نوعية انتقلتها في الكتابة وبدأت أعيد التركيز بكل تفصيل يخص النص حدثاً وزمناً وسرداً ولغة على مدار أربع سنوات حتى وصلت إلى هذا الشكل النهائي للعمل.

– الرواية دائماً, حكايتنا نحن … ما بين دمشق وفيينا وخلف ستائرها أين تقف لوريس؟

 كانت أحداث الرواية في المسودة الأولى في دمشق فقط ولكن بعد انتقالي لمدينة فيينا وبعد ارتقاء وتطور في بنية السرد ارتأيت أن أنقل الأحداث إلى فيينا فيما يخدم العمل وفكرته، ولا أعتقد أني كنت سأقدر على هذه النقلة بهذا النجاح لو لم أكن أسكن بالفعل في هذه المدينة فما تسمعه وتشاهده في التلفاز عن مكان ما بتقاليده ونظامه وأفكاره يختلف تماما عم تعايشه به على أرض الواقع، العمل يقارب بطريقة ما بين دمشق وفيينا كطريقة حياة وتقاطع طرق أبطال العمل فيما بينهم كونهم عرباً، جزء منهم كان قد ولد في فيينا وجزء جاء محملاً بعادات دمشق ليشاركهم عاداتهم وهنا بدأت الرحلة في العمل , لا زلت حديثة العهد في الغربة ولكني أرى أني أميل إلى انتصار العادات السورية بطريقة ما بداخلي على التحرر المغالي به عند الغرب وهذا ما يتلمسه القارئ في العمل رغم توضيح الإشكاليات حول عادات كل بلد على حدة.

 – في التقاء الثقافات غنىً فكري وثقافي, ماذا تقيمين تجربة السفر والانفتاح على الآخر الغربي؟

 وجودي هنا قدم لي الكثير من الفرص التي منحتني الانفتاح على آفاق أدبية جغرافية حياتية لم أكن لأعيشها لو لم أكن هنا.. معرفتي المباشرة بأدباء من كل أنحاء العالم وإقامة أمسيات وأعمال ترجمة وتشبيك مع الآخر كانت من أجمل الأمور التي دفعت بموهبتي إلى أن تُصقل وتتخذ شكلا أقوى مع مرور الوقت

– غالباً ما يتنقل الكاتب بين أنواع الأدب المختلفة ليستقر على نوع أدبي واحد ,أين لوريس بين أهواء الأدب وأنواعه؟

– أنا بدأت تجربتي الكتابية بالشعر النثري وثم انتقلت للقصة القصيرة وانتهيت إلى الرواية التي أعدها الجنس الأدبي الذي يحتاج الوقت الأطول لإتمام عمل منه. أحب كتابة الرواية لأني بطبعي تفصيلية وأهوى السرد والتعبير بشكل موسع وهذا ما لا تمنحني إياه القصة القصيرة لكن لكل جنس أدبي منهم لذته الخاصة لدي.

– ماهي إنتاجاتك الأدبية حتى الآن؟

 لي عدة قصص قصيرة منها شال أبيض وملائكة مترجمة للألمانية ومطبوعة في كتاب يضم مجموعة أعمال لكتاب وشعراء من كل أنحاء العالم، قصة أخرى بعنوان أردتني حيّاً فازت بالمرتبة الثانية بمسابقة سورية الدولية للقصة القصيرة, ولي أيضاً قصة أخر سطر في الرواية وهي عن ظاهرة التنمر وقصة حول اللجوء السوري أيضاً.

– أغوار النفس البشرية وتعقيداتها العصية على الفهم بغالب الأحوال, لماذا اجترت هذا الجانب بموضوع الأصعب وهو الحب؟

 أجد دائماً أن كتاباتي تدور حول صراع الإنسان مع نفسه ومع الخارج، هذه من أهم المواضيع التي تستهويني في الكتابة لأني أعدها من الأساسيات التي ينطلق منها الإنسان إلى الحياة.. وهذا ما تركزت عليه روايتي وظهر المنولوج بشكل واضح في جزء كبير من العمل لشدة ما يعنيني كيف تفكر الشخصية بينها وبين نفسها قبل أن تتعامل مع الأحداث الخارجية ما بين ما نرغب به وما نعجز عنه، ما هو مسموح وما هو محرم، ما بين إرادتنا وإرادة القدر والتي تفرض في كثير من الأحيان نفسها على إرادتنا.. مفهوم التضحية والخذلان والإرادة والخيانة والحب والغيرة والتوهان كلها عناوين لأحداث تمت في الرواية ناقشتها بشكل أرجو أن أكون قد وفقت به بعد أن تركت النهاية جدلية مفتوحة أمام القارئ بعد أنت تنحيت جانباً في آخر المطاف في نهاية العمل.

سلمى حلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار