بعد منتصف الليل!

الوحدة: 14- 7- 2021

 

الثالثة بعد منتصف الليل القاتم..

وقد هجر الكرى مقلتي..

أشباه الوجوه منتشرة في زوايا الجدران الأربع في المنزل الأجم..

والليلة بكماء، صماء، بالكاد أنت قادر على سماع حسيسها..

ديجور الظلام طاغٍ، والأصوات معدومة، ولكنها منتشية صاخبة داخل جمجمتي تتأرجح مضطربة متسائلة:

– أحان وقت التوقف يا كلوديا!؟

ضربت رأسي بكفي وخرجت من كفن الخضوع لذاتك السادية، ضربتها لعلها تسقط مستسلمة متخلية عن ما تقمصها من مازوشية متعبة في سبيل إرضاء مشاعرك الساذجة..

فكم من مرة كنت عقربة تلسع نفسها آلافا وهي محاطة بنيرانك اللاهبة؟

وإلى متى سنخلط العكبر مع العسل بمقدار الألف ضعف عن الكمية اللازمة؟

وإلى متى سأبقى ك شجرة صفصاف بلغ عمرها مئة سنة وها هي تشحذ بمنشار لتسقط بدقائق معدودة!

خرجت من كفنك ولامست قدماي الأرض وارتعدت، ضربتها بكعبي وغدوت أمشي بخطوات الأتول المغناجة..

التقطت ذاك القميص القشيب، الأبلق، الذي تخمر برائحة عطرك المغرية، وقد كانت المرة الأولى الذي يبدو لي فيها بهذا البهتان، فلم أرَ خيوط الشمس تخرج من أزراره، ولم أسرع إلى مكامعته كعادتي، كان وبالاً بين يدي، لدرجة أن أرماء قلبي لم تغدق تتدفق كالسديم من فرط شعوري..

سامحني يا إيزل، فقد أتلفته بكل برود، وأخلفت بوعدي في المحافظة عليه…

أما بعد فوجهتي الثانية كانت على المنضدة التي قد قطعت أوردتك عليها بأصابعي تلك..

ورائحة الدماء هذه المرة لم يتقبلها أنفي على أنها رائحة ذكية كرائحة العرق الزلال أو النبيذ المعتق..

بل كانت عفنة، رديئة، لم أستطع تحملها..

يا إيزل، أبقيت أوردتك على المنضدة، لتحنط نفسها بنفسها، لعلنا من بعد تقطيعي لها ننعم بسلام الفراق الأزلي..

لعلنا ندفن ما قد بدا على وجهك من غوائل وترهات وألم أخرق..

لعلنا ننفي المعادلة بأنها غير محققة..

لعلنا نختفي..

لعلنا نكتفي..

لعلنا نمزق هذا الكتاب الذي نهشه غبار التعب..

فكفاني أن أعيش على أنك عقوبة لي وكفاك أيضاً العكس..

كاتيا نوفل اسكندر

تصفح المزيد..
آخر الأخبار