ابتلع الجزء الأكبر من الواجهة البحرية.. مرفأ اللاذقية يُخفي أهم الأبعاد السياحية للمدينة

http://youtu.be/coUCBqQkqtY الوحدة 14-7-2021

 

 

مرفأ اللاذقية، كان الميناء البحري الأول، وهو شريان الحياة الاقتصادية في البلاد، يعتبر نافذة بحرية غاية في الأهمية على ساحل البحر المتوسط، بواسطته يتم استيراد وتصدير معظم الحاجيات الرئيسية، وهذا المرفأ يسيطر على مساحة واسعة من الواجهة البحرية للمدينة، يُقال أن تاريخ إنشائه يعود للحقبة الفينيقية وقد تم توسيعه عدة مرات بشكل متباعد، وهو ذو سعة تخزينية كبيرة، ساحاته الواسعة تستوعب أعداداً كبيرة من الحاويات، يتم التحميل والتفريغ عبر الشاحنات أو عبر سكّة القطار المخصّصة للمرفأ المرتبطة بجميع المدن السورية.

والسؤال القديم الجديد الذي يبحث عن جواب يُقنع العقل، من (المدبّر المخرّب) الذي أباح تلك الواجهة البحرية الرائعة وتحويلها إلى منطقة مُغلقة ممنوعة خرجت عن نطاق الرؤية، وأخذت تتوسّع شمالاً قاضية على المَنفس البحري الأخّاذ لهذه المدينة، وهنا يظهر تشابهاً ملحوظاً مع جارة البرّ والبحر طرطوس، وبذلك تظهر قناعة بأن الجهبذ الذي قتل سياحة مدينة اللاذقية هو نفسه الذي حاول خنق مدينة طرطوس، حيث يُستثنى كورنيشها البحري من تلك القرصنة البحرية ليكون قُبلة بحرية جميلة يتمتّع بها الأهالي وزوار السياحة الشاطئية، وبالعودة إلى مرفأ اللاذقية الذي هاجم البحر والمدينة بضراوة، هل يعقل أن سكان هذه المدينة غير قادرين على رؤية بحرهم وغروب شمسهم إلا بالتوجّه نحو الكورنيش الجنوبي المتفرّد بميزة الرؤية البعيدة للبحر الأبيض (في بعض الأمكنة)، أو الاستسلام للخروج باتجاه المناطق الواقعة على طريق برج إسلام والشبطلية وكذلك مناطق البصة وما يحيط بها وهذا الوضع ينطبق على مالكي السيارات الخاصّة فقط ، لأن آجار التكاسي للوصول لتلك المواضع تقارب الخيال خاصة هذه الأوقات.

وقد التقت الوحدة بعض أهالي حي الصليبة من كبار السن فأكدوا أنهم كانوا يخرجون إلى اللهو والسباحة على شط البحر مباشرة بدون موانع طبيعية أو صناعية، كما أن الكورنيش الغربي كان خالٍ تماماً من المنشآت باستثناء بعض المقاهي الشعبية مثل البطرني وفينيسيا ولاكابان وكذلك الكازينو جانب حديقة البطرني والقائم حتى الآن وأيضاً العصافيري ومسبح فارس الشعبي وأندراوس، بالإضافة لمعمل صغير لدباغة الجلود، أما حرم المرفأ قديماً كان يستحوذ على الواجهة المقابلة لشركة الكهرباء حالياً وحتى أن عملية توسيعه كان من الممكن تنفيذها جنوباً باتجاه الكورنيش الجنوبي الصخري قليل الأهمية القابل للترصيف والبعيد عن أنظار السياحة الشعبية والمنظر العام، وقد أكد ذلك أيضاً بعض كبار السن في الرمل الشمالي والطابيات.

وعلى الطرف الحضاري المقابل في الغرب القريب وعلى نفس المياه البحرية يتغيّر الأُمر كلياً، الشط البحري لدى مدنهم يعانق المنازل والطرقات السياحية، أمواج البحر تداعب المُشاة على الأرصفة، هم تخلّصوا من غبائهم وقدّموه لنا بعدة طُرق أهمها الاستعمار الذي لا يعنيه هذا البحر ومرفأه أو سكّانه، أغلق المنظر العام أم لا، المهم أن يكون هناك مجال لتفريغ حمولات بواخرهم من خلاله سواء أضرّ بأهل المدينة البيضاء أم خرّب معالم واجهتها البحرية، لكن كان من الممكن تجاوز تلك الأخطاء بعد أن أصبحت الأمور وزمامها بأيدٍ وطنية، لكنها استمرت على نفس الجهل العتيق، واتخذت القرارات المتلاحقة بضرورة توسيع المرفأ شمالاً لتدك الشواطئ الشعبية البريئة وتُبعد التجمعات الأهلية عن مياه بحرهم.

أمّا عن الأضرار التي لحقت جراء هذا التوسع المرفأي فهي تتلخّص بعدة أمور أهمها الضّرر بحرم البحر وثروته السمكية وتلوث النسمات الغربية التي تعشق أزقّة المدينة وحواريها، البواخر ومعدات العمل القائمة على محركات الديزل تلفظ أنفاسها السوداء فتطلي أوراق الحدائق والأشجار بالسواد والرماد، عداك عن الفاقد الطبيعي من الفيول الذي يحرّك مراجل محرّكات السفن والروافع.. فهل يُصلح العطّار ما أفسد الدهر؟

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار