زيارة خاصة

الوحدة 6-7-2021

في زيارة ودية لمؤسسة تعليمية خاصة، جلست قبالة الباب المفتوح لأحد الفصول، كان الطلاب ينصتون للمدرس، كل على طريقته، فبعضهم يجيد الاستماع بالتحدث كيفما شاء، وآخرون تنفجر عندهم نوبات الضحك باستمرار… طالبة راحت تقلب هاتفها النقال وتتصفحه بتثاقل، وحولها طلاب يتسابقون في التثاؤب، غير آبهين بزملائهم الذين يمارسون عادة الجلوس والوقوف باستمرار، وفي ركن قصي من القاعة طالب تميز عن الآخرين بأسئلته التي لا تستحق أن تذكر في كتبه المقررة، والملفت حقاً: استرسال الطالب بأسئلته وقد فاقت حدود الجرأة، فيما المدرس أخذ يستوعب ويسمع بمرارة، فتارة تقرب الطالب من فقرات الدرس المكتوبة على السبورة، وتارة يحاول صرف انتباه الطلاب إلى مسألة حيوية تخفف من تعليقات ذلك الطالب، وأخيراً اضطر أن يوقف الدرس ليطلب منهم إخراج دفاترهم ونسخ بعض الملاحظات، فازداد الصخب وكأننا أمام شاحنة تفرغ حمولتها دفعة واحدة.

أما أنا فبعد أن كنت أمن النفس بالوقوف أمام حديقة بشرية أحسست بأنقاض ناطقة، تؤكد  وصولها قبل الأوان إلى (الجامعة) من باب زخرفوه بأمنيات لا يتوقف هطولها حتى لو شرد الانتباه! بلحظة غريبة ومتسارعة: انقلب كل شيء إلى الحديث عن مباراة كروية مرتقبة، لتكثر التكهنات في نتيجتها، وانقسم الفصل بين موافق ورافض، أما المدرس فتلقى الاتهامات بالتحيز.

تغير المشهد قليلاً بوصول طالب متأخر عن الحصة، وهو يلقي اللوم على برامج ومواعيد المؤسسة التي لا تناسبه دائماً، ثم التفت إلى الجدار وقال: المركبات الفضائية وصلت لأبعد الكواكب والمؤسسة بكاملها عاجزة كل العجز عن وضع برنامج يناسب رغبات الطالب المستجدة، وما أكثرها مع بداية كل يوم؟!

ولأنني ارتبكت ولم أجب،  تفوه بكلمة دعتني للاعتذار ففعلت عن طيب خاطر!

في تلك الأثناء خرج مدرس الحصة ونظر لهيئتي ثم سأل: هل أنت مدرس سابق أم مجرد زائر له حاجة؟

ارتبكت أكثر من ذي قبل ولم أجب فقال عبارة لم أذكر أنني سمعتها من قبل فارتبكت أكثر واعتذرت هذه المرة أيضاً!!

حين هممت بالخروج، اصطدمت بي دراجة هوائية يقودها طالب داخل قاعة الجلوس، قدمت الامتنان قبل أن يتفوه بكلمة واحدة ثم أثنيت على موهبته ووصفته بالطالب العملي الميكانيكي، بعدها رحلت بعيداً حيث زرقة البحر والسماء، وأنا أسأل نفسي: هل للسماء أمواج كالبحر؟ أثناء ذلك تخيلت نفسي داخل لوحة تضم آلاف الطلاب الذين ساهمت في تنشئتهم، فتنبهت لقناديل الماضي التي تضيء القادم المجهول، و.. هذا يكفي.

سمير عوض

تصفح المزيد..
آخر الأخبار