الوحدة: 1-7-2021
في بلد ما، تمّ التخلي عنه بعد ملء فراغ خدماته بأحد أقرباء المدير، ليجد نفسه بلا عمل.
اكتظ الحي بالمغيبين عن أعمالهم، وأغلبهم ممن صودرت أفكارهم، ولم يعد الواحد منهم يمتلك سوى اسمه وبضع كلمات يتنفسها قبل أن يلفظها.
مجمل القول: تميّز معظمهم بتعويض بسيط، وقلة كانوا أوفر حظاً بشبه راتب هو أقرب لشجرة لا تثمر ولا تغني من ظل.
لم تمض أيام حتى تلقى اتصالاً لاستلام أمانة ماليّة، وفي الموعد المحدد، حمل المبلغ بتعليمات مكتوبة تؤكد إخفاء المصدر، وعدم صرف أية ورقة نقدية، إلى أن يصل تصريح واضح ودون ذلك فهو مرشح للسياحة بين نجوم الظهيرة.
تمر الأيام ولا يعرف كيف يشرب حين يعطش، إلى أن استوقفه بقّال الحي، يعرض عليه تقديم الخدمات ديناً وكذلك فعل الجزّار ثم الخبّاز، وكل منهم يصرّ على تأجيل الدفع إلى حين ميسرة متدفقة تجرف من أمامه الفقر مهما كان عنيداًّ!
مرّ عام بأكمله، وكان اقتراضه يطابق مبلغ الأمانة.
لم ينتظر إلا بعض يوم، ليأتيه خبر الاتفاق، فيفهم فيما بعد أن المغيبين في الحي، قد حصلوا على أمانات تمّ تسديدها للدائنين.
اختلطت المخاوف بالحيرة والارتباك والريبة! فجمع أغراضه وما كاد ينطلق إلى وجهة قصيّة حتى لحق به الباعة والحرفيون والحلاقون وعمال النظافة، يشيرون له بالعودة، لاستلام أمانة سنوية جديدة، وليتبين أن هؤلاء هم مراقبون من الحكومة لرصد وصدّ آدميتهم في تأسيس جمعيات للمهمومين والمتعبين.
عاد لبيته هو يتلفت ويقول بصوت خفيض: لو سمح لنا بمزاولة أعمالنا وبقليل من الانتعاش، لجنّب المدراء الحكومة كارثة استعجال حصاد لم يحن أوانه ونضوجه، شريطة استبعاد الأقرباء والمقربين، وإلا فسنستمر في الفرجة على أسراب تحط فتفقأ وتلتقط، ثم تطير بما التقطت، وإن لم تجد فستبتلع الهواء بقشوره، ولم تترك شيئاً.
سأتخيل (قيساً) مسكين (ليلى)، وقد تخلى عنها، وقوعه في غرام حذاء يقطع به مسافات هذا العصر الذي لا يعترف بالحفاة، ولو كانوا شعراء!
سمير عوض