الوحدة 30-6-2021
لطالما بحث الإنسان، ومنذ أوجده الله على هذه البسيطة، على من يعلمه أبجدية الحياة، يعينه على إدراك كنه هذا الكون بكل موجوداته الثابتة، ومفرداته المتغيرة، وكان هذا التوق للمعرفة محفوفاً، غالب الأحيان، بالخوف ومغلفاً بجهل هذ (البعبع) أي عدم المعرفة بالمستقبل، ما جعله دائم البحث عن حلول، وإجابات عن أسئلته،
توجه لقوى الطبيعة الخارقة، فعبدها في نوع لاتقاء شرها، أو دفعاً (لبعبع) كوارثها، أو تقرباً زلفى للاستفادة منها…عبد الكواكب والأنهار والبحار والحيوانات والأحجار وحتى أخاه الإنسان.. ولعل حديث الأساطير خير مؤكد لما تقدم من كلامنا.
منذ بداية الخليقة وهو، أي الإنسان، في سباق مع الزمن لمعرفة الحقيقة، أخطأ كثيراً، وأصاب قليلاً، وهو في بحثه عن كنه الكون والحقيقة، ظلوم جهول لحوح وأرعن ومتسائل..
والقصص بهذا الخصوص، وواردة في كتب التنزيل وسواها، مما طوته أغلفة الكتب.. فموسى عليه السلام.. وفي (سورة الكهف) طلب من الرجل أن يسمح له بمرافقته ليتعلم منه، واشترط عليه بألا يسأله أسئلة لا قبل له بها.. أو يتذمر أو يتحفظ على أي تصرف يتصرفه، أو أي سلوك يسلكه، وقبل موسى المتعلم بذلك، لكن إلى أي مدى؟
وفي بداية الخليقة، تم تحذير أبينا آدم وأمنا حواء من الاقتراب من الشجرة، ولكن بقي السؤال يدور في خلد آدم، وعندما وسوس له الشيطان الرجيم لم يتوان، ولم يتأخر، وكان ما كان.. أكل آدم وأمنا حواء من الشجرة، وأنزلا من الجنة إلى الأرض..
الشواهد والأمثلة كثيرة على أن الإنسان عدو ما يجهل، وأن حياته ماهي إلا سلسلة من الحلقات التعلمية الكونية، وصولاً إلى ضالته التي تتطلب منه أن يبحث عنها طوال حياته، وربما قضى عمره باحثاً عن جلالتها، أي صاحبة التاج والصولجان (الحقيقة) ولم يصل، وحين يعجز عن اكتناهها واكتشافها والقبض على جمرها، يتوجه إلى الحلم كمعادل الاحتمال للعقل، والإدراك والبحث والتنقيب والملاحظة، علماً بأن لا حدود قاطعة مانعة ما بين الأحلام والعمليات العقلية، فالحلم أولاً وأخيراً هو عملية عقلية إدراكية وإن كان قوامه – أي الحلم- اللاشعور..
المهم، أن الإنسان باحث دائم عما يجهل، الحقيقة، وتحقيق ما يرغب به ويصبو إليه،
هنا لا عبرة ولا أهمية للطريقة طالما أن النتيجة هي المطلوبة، وهنا- ولعلنا- نستعير هذا القول مع بعض التحوير:
لا يهمنا قتل الناطور بل قطف العنب هو ما به نرغب، ولسان حالنا يقول:
علّمتني الأيام
ألاّ أستمطر الأحلام،
وإن ظمئت لياليّ،لقاءات,
أو أجدبت نهاراتي بالمواعيد.
علمتني الأيام
ألا أستمطر الأحلام،
فسيّان عندي إن هلت كما الغيم بورد كلامها
أو حبست عنّي ماءها
أمطاره…
فأمرها عندي سيان..
خالد عارف حاج عثمان