الوحدة : 27-6-2021
عندما تجتمع المسؤولية مع الإحساس العالي بأهميتها عند من يزاولون مهنة إنسانية غايتها سلامة المجتمع ورفعته، عندها فقط يقترن القول بالعمل، ويصبح للكلمة دورها التربوي والهام في تسليط الضوء على الظواهر الإيجابية لإبرازها كحالة نموذجية يُقتدى بها، أو على الظواهر السلبية للإشارة إلى مواقع الخلل والتقصير والوقوف على الأسباب للوصول إلى النتائج المرجوة.
وبمناسبة اليوم العالمي للحد من عمالة الأطفال وردت إلى (جريدة الوحدة) مساهمة جميلة، هي عبارة عن تسجيل واقعي عن هذه الظاهرة مرفقة بقصة تربوية هادفة من المربية عايدة بليدي، وحدة الشهيد يونس رضوان، التي تقوم وعلى مدار سنوات عملها بتدريب الأطفال وإشراكهم بأنشطة فنية هدفها التوعية وإلقاء الضوء على البيئة المحيطة بالطفل بشقيها السلبي والإيجابي.
بداية تقول المربية عايدة بليدي: لأن الطفل والوطن وجهان للحب المقدس، ملامحهما تعكسان البراءة والطهارة والنقاء، لهذا نعمل بإخلاص ليبقى الوطن، وليغفو في حضنه طفل بأمان وسلام، فمنذ بداية الحرب على بلدنا الحبيب، يعاني الطفل السوري من الأزمة التي تركت غبار الخوف والقلق والحزن على ملامحه، وهذا ما دفعني للكتابة عن معاناته، لأبلسم الجرح وأمد يد العون لتثمر الجهود في مستقبل الغد المشرق، وتبقى جذورنا راسخة كأشجار السنديان، نرويها بعرقنا وبدماء الشهداء، والاهتمام بأطفالنا ليس فقط واجباً علينا، بل هو حق لنا لأنهم مستقبلنا القادم.
عمالة الأطفال السبب والنتيجة
ومن المسؤول في ظل الوضع الاقتصادي بسبب الأزمة؟ كيف نحتوي الطفل وندعه يعيش كطفل بعيداً عن الهموم والعمل الشاق الذي يترك الآثار السلبية جسدياً ونفسياً؟ شغلنا الشاغل هو أسباب تسرب الأطفال وعملهم في فترة الدوام المدرسي، في التعليم الأساسي تُقدر ظروفه، ويحضر الامتحان بغض النظر عن انقطاعه طوال العام الدراسي، ويكون السبب تدهور الوضع الاقتصادي للأهل أو اليتم أو التشرد، وفي قصتي، كتبت عن حالتين من واقعنا ربما سيجد مجتمعنا الحلول لها ولو أقلها تسجيل اسمه في جمعيات خيرية ومساعدات إنسانية مادية ومعنوية وتبرعات وحملات تطوعية للعطف على الصغار فهم أملنا وغايتنا.. فنحن نتألم كثيراً عندما نرى طفلاً جائعاً أو يرتجف برداً.. هنا الأولويات ليست للعلم أو للتربية بل لتأمين حقه في العيش من لعب وحب وأمان وصحة ورعاية وغذاء متوازن.
أما القصة التي كتبتها المربية عايدة بليدي من وحي هذه الظاهرة التي بدأت تظهر في مجتمعنا كحالةٍ لا يمكن تجاهل أسبابها وآثارها، فقد حملت عنوان (الأمل في عيونهم) رصدت فيها حالتين من أهم ما أفرزته الحرب على شرائح مجتمعنا بشكل عام وعلى أطفالنا بشكل خاص:
(الأمل في عيونهم)
المديرة: أمجد ما سبب غيابك عن المدرسة؟
أمجد: كنت أبحث عن عمل لأساعد والدي بتأمين المال لنعيش، هذا هو الحل الذي أراه مناسباً حتى لا يبيع الأرض التي احترقت ونرحل بقصد العمل وتأمين متطلبات الحياة، كنا ننتظر الموسم لنبيع الزيت والزيتون فالأرض هي مصدر الدخل لأسرتنا، كان حلمي أن أصبح مهندساً زراعياً لأزرع أرضنا بالعديد من أصناف الغراس وأرويها باستخدام التقنيات الحديثة، لا أريد أن أكون أجيراً عند من يشتري أرض أجدادي.. تعلقت بأرضي ولن أرضى بهجرها لأنها الكنز والعرض والكرامة ومصدر الرزق والخير والعطاء.
المديرة: سأتواصل مع والدك ليعدل عن فكرة بيع الأرض والهجرة وسنتعاون مع فريق العمل التطوعي في المدرسة بالتعاون مع الوحدات الإرشادية والمصارف الزراعية بتقديم القروض والغراس والري والأسمدة وستكبر الغراس وتثمر من جديد.
وأنتِ يا عبير ما سبب تأخرك وتراجعك في دروسك؟
عبير: لقد توفي والدي بسبب الحصار، ثم مكثنا في الملجأ، وبعد عناء وصبر انتقلنا إلى هنا لتعمل أمي في مشغل للخياطة وفي يوم عملها أغيب عن المدرسة لتأمين الخبز لأسرتنا والحليب لأختي الصغيرة.. أحل وظائفي وأعتني بأختي وأعمل على تزيين العباءات التي تحضرها أمي بالخرز على الرسوم التي أعدتها مسبقاً لأخفف عنها تعبها وأساعدها في الحصول على المال لندفع أجرة المنزل ونعيش بكرامة، ببساطة نصبر وأملنا أن تتحسن أحوالنا.
المديرة: واجبنا أن تعيشوا طفولة سعيدة بعيدة عن هموم وقسوة الحياة والحرب التي تركت غبارها على وجوهكم البريئة، أنتم أملنا ولأجلكم نعمل ونتعاون ونضيء الطريق بالعلم والعمل والإرادة لترتقوا وتحققوا أمنياتكم يا صناع الغد المشرق.
فدوى مقوص