الوحدة : 26-6-2021
في متابعة دؤوبة وحيوية للنشاطات الثقافية المحلية أو العربية أو العالمية, حيث يكون الحوار هو الحاضر الأول والأخير لملتقى ( بين دفتي كتاب ), التي تناولت رواية (ساعتان .. ساحتان ) للكاتب السّوريّ (زهير جبور) فبحضور عضو المكتب الفرعي لنقابة المعلمين ريم الغدا وأصدقاء الكتاب والمهتمّين بالقراءة والفكر والأدب بدأت الجلسة رحاب جعبري رئيس شعبة المنطقة الأولى لنقابة المعلمين والمسؤولة عن النشاط بالترحيب بالحضور واستعراض محاور الجلسة التي كانت في بدايتها التعريف والتحدث عن مؤلف الرواية وتاريخه الأدبي والثقافي فقالت: الكاتب والأديب زهير جبور هو كاتب روائي وقاص سوري عمل في عدة مجالات أدبية وصحفية، كما عمل مديراً لمكتب جريدة البعث، ثم رئيساً لفرع اتحاد الصحفيين في اللاذقية وطرطوس، ومعدّاً لبرامج التلفزيون في الساحل السوري، ورئيساً لفرع اتحاد الكتاب العرب في اللاذقية، لديه العديد من الأعمال القصصية والروائية منها (الورد الآن والسكين، وحصار الزمن الآخر، وموسيقا الرقاد، و مياه آسنة من أجل الإسفنج) وآخر أعماله المجموعة القصصية (خيبات) التي نشرها في العام 2018.
وتناولوا في المحور الثاني الرواية شكلاً ولغة, أما المحور الثالث فكان عن الرواية مضموناً وفكرة, ليكون المحور الرابع نقاشاً عن دور الأديب في مواجهة التطرف, هذه المواضيع الجدلية خلقت حواراً من المشاركين، فقدم الأديب بسام جبلاوي دراسة مستفيضة عميقة حول المحور الثاني من لغة وشكل للرواية وبدأ مداخلته عن اسم الرواية (ساعتان.. ساحتان) بعنوان المَثنى والمُثنى وأشياء أخرى حيث أضاف لعنوان الرواية تفرداً وألقاً من خلال ما قدمه من معلومات مهمة في اللغة العربية وما استخلصه ضمن الرواية حول التثنية وأناره لنا كما قدم دلالة العنوان حيث جعل المتحول مملوكاً للثابت والوقوف على قضية الإنسان وعلاقته بالزمان وهاجس الكاتب حول الزمان من خلال أعماله الأخرى ودراسة موثقة حول شكل الرواية وما فيها من إشارات ودلالات.
كما قدم الدكتور هاشم دويدري، دكتواره في اللغة العربية، مداخلة مهمة حيث بدأ بما قدمه الكاتب في الإهداء وربطه برؤية الكاتب قال عن الرواية: إنها واقعية وضع لها ستة عشر عنواناً بدأها بصورة حمص الجميلة ونهر العاصي وأنهاها بما آلت إليه حمص وعاصيها في فصل سماه (أعد لها تربة) وتحدث الدكتور عن البيئات في الرواية مستشهداً ببعض منها وعن جماليات الصور الفنية ومنها الساعة عمياء، الشتاء بلا مصدات، النهر يهمس بخجل, وتوظيف الرواية أحداث تاريخية مستقاة من ابن بطوطة، وأيضاً توظيف الرواية لصالح رؤى سياسية واقفاً على الصراع بين جيلين وعقلين، بين واقع لجيل يتغنى بالمال وجيل يتغنى بالتراث.
تحدثت إحدى زميلات الملتقى جدوى عبود عن قراءتها للرواية حيث قالت: (ساحتان ..ساعتان) زمن يحوكه الأستاذ زهير جبور بأنامل حرفي مُتقِنٍ ينسج تفاصيل الأحداث كأدقِّ ما تكون الصناعة هو تاريخ نازح، وتاريخ مدينة تقاطعت بينهما الأماكن والشخصيات والأحداث (جوادة رمز المرأة الحلم والجمال والغموض, والدة الكاتب رمز الواقع والجذور الانتماء والتقاليد, الحلاق المبدع المحظوظ، فريد رمز الفرص والحياة المتغيرة والمتناقضة، والعمل والقوة في آن، الأهل والأقارب شخصيات تحدثت من خلال الكاتب), أسلوب مباشر، أحداث قصة توثق الأماكن والحياة الاجتماعية والسياسية في مرحلة معينة مرت بها سورية ومدينة حمص ثم في الجولان والقنيطرة, هي قصة متقنة غنية ومشوقة.
كما تحدث الدكتور محمد يوسف عن الرواية فقال: (نهر العاصي يمضي عكس الاتجاه… أنا و جوادة أيضاً جرينا عكس الاتجاه!).
مفارقات مشوّقة ينقلها لنا الكاتب، ساعتان تمثلان نمطي الفكر السائدين في المجتمع، ساعة قديمة ترمز للفكر المتصلّب القديم، موروث عفن كان نتيجة قرون من الجهل والتخلّف، توقّفت عقاربها ولم تُصلَّحْ فأخذت الساعة الجديدة دورها! وفي ساحة ثانية للمدينة استُحدِثت ساعة جديدة في زمن لاحق ترمز بتصميمها الحديث إلى الانفتاح والحضارة, حيث يقول الكاتب: فمنهم من واكبها ومنهم من بقيَ مع القديمة لا تقدّم ولا تراجع!! وأنا برأيي الشخصي، الوقوف في المكان هو تراجع بما لا يقبل الشك! التّقابل والتّضاد يطالعنا في كامل الرواية… جوادة المتحررة و أبوها في مقابل النسوة المُلتحفات بالسواد والصغيرات بأغطيتهن البيضاء في مدارس تعليم القرآن، هناك من يذود عن الوطن في مقابل من يعيشون في حياة الترف، وقصر عاصم بيك في مقابل المقبرة عند جورة الشيّاح، وحمص القديمة وحمص الحديثة, تجنّب الكاتب ذكر الأحداث الحالية التي تمرّ بها سورية رغم أن الرواية تمتلئ بالإسقاطات التي دفعتني مباشرة للتفكير والمقارنة دون أن يتحمّل الكاتب مسؤولية محددة، وهذه نقطة ذكاء لافت تُحسب لكاتبنا القدير، عمل أدبي مشوّق وحافل باللوحات الفنية..
كما قرأت اعتدال الحسن بعض المقتطفات من الرواية.
وفتح باب النقاش مع الأديب فأكد الحضور من خلال تقييمهم للعمل حين أبدوا تأثُّراً شديداً بالُّلغة وآليات السّرد ورسم الشّخصيّات ليتحدث الدكتور محمد دويدري تحدث عن إعجابه بالرواية وأكد على أننا يجب أن نقرأ لكتابنا وأن نسلط الضوء عليهم وعلى فكرهم كما أكدت المربية ريم الغدا عن إعجابها بالرواية وأن الكاتب قدم وصفاً دقيقاً لجغرافية المكان وألبسها ثوب الحياة بمشاعر إنسانية وعلى الفكرة العامّة والأساسيّة الّتي تتمحور حولها الرّواية والّتي تمثّل تمسُّك الإنسان بكلّ طاقاته بالوطن والهويّة و الأرض.
سلمى حلوم