الوحدة:24-6-2021
يعاني أهل العربية مشكلة في نظرتهم إلى لغتهم، فمن قائل: إنها لغة بدوية لا تصلح للحضارة، ومن قائل: إنها لغة أدبية لا تصلح للعلم، ومن قائل: إنها لغة كثيرة التعقيد صعبة الفهم، إلى آخر ما هنالك من تهم، وهكذا لا يضعون أنفسهم موضع لوم، ولا يسألون أنفسهم عما إذا كانوا أحسنوا قراءتها وفهمها، والحق أننا لم نقرأ لغتنا قراءة حسنة، ولذلك نحن لا نفهمها فهماً صحيحاً يمكّننا من استثمار طاقاتها على النحو الذي يمكّننا من الاستغناء عن غيرها من اللغات في التعبير عن العصر ومستجداته. بهذه المقدمة استهلّ الدكتور: عدنان أحمد محاضرته التي حملت عنوان: (نحن والعربية)، وذلك في صالة الجولان بمقر فرع اتحاد الكتاب العرب في اللاذقية. الوحدة حضرت النشاط الذي أداره مدير فرع الاتحاد الدكتور محمد إسماعيل بصل.. في مادتنا الآتية نسلط الضوء على أهم ما جاء في المحاضرة من أفكار ومعلومات وإيضاحات أغنت موضوع المحاضرة…
بداية أثار المحاضر د. عدنان جملة تساؤلات بقوله: نسأل ذوي الاختصاصات عن سبب لجوئهم إلى الألفاظ غير العربية في علومهم، فتأتي الإجابة لأن العربية تخلو من الألفاظ القادرة على التعبير عن مستحدثات العصر، ولنا أن نسأل: هل قرأ أصحاب هذا الحكم مفردات العربية كلها حتى خلصوا إلى هذا الحكم؟ وقد يقول قائل: ليس عليهم ذلك، بل على مجامع اللغة العربية أن تفعل، ومجامع اللغة تفعل ولكن من ذا الذي يلتفت إليها؟ أنا أعرف أنّ مجمع اللغة العربية بدمشق قد أعدَّ معاجم للطب والهندسة والصيدلة والرياضيات، ولكن هل رجع أبناء هذه العلوم إلى تلك المعاجم؟ ولابد من الإشارة إلى أن تلك المعاجم لا تملك استقلالية تمكنها من القيام بمهمتها على النحو المرجو، ولا تعمل إلا فرادى، بمعنى أنه ليس ثمة جهة عليا تنظم عمل هذه المجامع وتساند قراراتها، وهذا يجعل عملها قليل الفائدة إلى حد يمكن إهمال ما أنجزته عند الحديث عن واقع اللغة العربية.
ثم تحدث د. عدنان عن التهم التي تلاحق العربية وهي أنها عاجزة عن التجدد لكونها ذات مهمة دينية وهي حفظ لغة القرآن الكريم، وإذا كان ذلك قد ساعدها على البقاء إلى اليوم فإنه قد منعها من التطور والنمو، وهذا قول فيه كثير من البعد عن الحقيقة ليس لأن العربية كانت قبل القرآن الكريم، بل لأن اللغويين والنحاة والفقهاء أهملوا لغة القرآن إهمالاً شديداً، وانشغلوا عنها بلغة الشعر ولغة الأعراب، وليس أدل على ذلك من أن ثمة ألفاظاً قرآنية كثيرة لم يستعملها القدماء ولا نستعملها نحن اليوم، وقد جمع الباحث الدكتور محمد الجوادي في كتيب له بعنوان: كلمات القرآن التي لا نستعملها حوالي مئتين وخمسين مفردة قرآنية لم يستعملها العرب إلى اليوم حتى أنهم استعملوا بعض ألفاظ القرآن الكريم بدلالات غير الدلالات التي حملتها في النص. والمشكلة أنه لم يكن أمام اللغويين إلا اللغة التي جمعها النحاة, وهؤلاء اكتفوا بما كان عند قيس وتميم وأسد مع قليل مما كان عند هذيل وبعض كنانة وبعض الطائيين، وتركوا القبائل العربية الأخرى، وهذا يعني أنهم أهملوا أكثر اللغة العربية واكتفوا بأقلها واعتمدوا هذا القليل في القواعد بدلاً من أن يعتمدوا لغة القرآن الكريم، وجعلوا الغاية من النحو النحو ذاته، وهكذا نفخت النظرية النحوية في مادة النحو إلى تسعة أمثال حجمها. وشدد المحاضر د. عدنان أحمد في ختام محاضرته على وجوب الاهتمام بالقواعد والمفردات التي تقوم بها الفصيحة، والاهتمام بالقواعد العشر الأولى في النحو التي تحتل بؤرة المركز في تركيب الفصيحة والاهتمام بحفظ النصوص الرفيعة وتحفيظها لتتقوم ألسنتنا.
رفيدة يونس أحمد