الوحدة : 6-6-2021
أقيم في مركز ثقافي الحفة محاضرة بعنوان (تدمر منارة الشرق إرث لا يموت) ألقاها الأستاذ جميل عمر القيم الباحث في الأثار والسياحة، حيث أشار خلال هذه المحاضرة إلى أن مدينة تدمر هي أهم مدينة على لائحة التراث العالمي وقبلة السياحة الثقافية العالمية، وهي تحتضن التفاعل الحضاري العالمي بين الشعوب يعود ذلك إلى موقع تدمر على طريق التجارة العالمي أو طريق الحرير القديم، وتدمر تعني بالآرامية تدمورتا (الأعجوبة) ولدى الرومان بالميرا (بلاد النخيل أو التمور)، وبيّن الأستاذ جميل أن أهمية هذه المحاضرة تتجلى في كون مدينة تدمر تشكل عاصمة الثقافة العالمية خلال الحقبة الرومانية كما تشكل محور وواجهة عالمية بالنسبة للسياحة الثقافية وهي مدرجة على لائحة اليونسكو عام 1980م، وأضاف أن أساس نشوء مدينة تدمر هو نبع (أفقا) و(أفقا) تعني بالآرامية البداية أو المخرج ويعود هذا النبع إلى الألف السابع قبل الميلاد حيث كان الأساس في الوجود الطبيعي لتدمر وهو نبع حيوي وكبريتي حيث كانت تقدم القرابين في هذا النبع لإله الشمس يرحبول وعثر على العديد من المذابح النذرية التي ماتزال محفوظة في متحف تدمر.
وتحدث الأستاذ جميل خلال هذه المحاضرة على أن مدينة تدمر كانت تتمتع بالحريات الدينية بدليل كثرة المعابد الدينية وكثرة الآلهة كالإله بل وهو كبير الآلهة، وبعل شمين إله الخصب والمطر، والإله نبو وهذه الآلهة لها معابد في تدمر بالإضافة إلى معبد اللات آلهة الحرب والسلم، ومعبد بلحمون ومناة وهناك إله خاص للزيتون يسمى جدو مشحية، وبالإضافة إلى الحريات الدينية التي تمتعت بها تدمر كانت هناك حريات مدنية ايضا يعني أن هناك تساوي في الحقوق والواجبات بمعنى أن هناك حالة مدنية حضارية تعبر عن الديمقراطية في مدينة تدمر فتكريم أي شخص يبرز في شارع الأعمدة من خلال الكونسيلات والكتابات اليونانية لغة المعاملات الدولية وبالآرامية لغة التماثيل إلى جانب الكتابات والنقوش اليونانية والتدمرية التي تسمى بعلم الأبو غرافيا، كذلك الانفتاح الاقتصادي من خلال السوق العالمية الذي انعكس معه انفتاحاً ثقافياً فالتجارة في مدينة تدمر ليس سلع وبضائع بل هو انتقال للعادات والتقاليد والطعام واللباس والفن والأفكار والمعتقدات، فتدمر كانت حاضنة عالمية لكل الحضارات من الشرق إلى الغرب، وأضاف الأستاذ جميل أنه في تدمر كان للمرأة دور مهم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية بدليل كثرة المنحوتات التي تبرز جمال المرأة التدمرية من خلال المدافن الجنائزية التي نشاهدها في كل متاحف العالم، وأضاف: فقد كرمت المرأة في مدينة تدمر من خلال نقش عثرت عليه يتحدث عن امرأة تدمرية كرمت عام208م هذا التكريم قبيل زنوبيا اسمها بثينة بنت مقيم هذه المرأة كرمتها أسرة راعية هي قبيلة بني مثبول، هذه المرأة كان لها دور تجاري وحيوي وربما سياسي وثقافي، أيضاً هناك سرير جنائزي ما يزال في حديقة متحف تدمر نقش عليه امرأة تقود جمل وبيدها رمح هذا يعني أنها ممكن أن تكون تاجرة أو صاحبة قافلة.
كما سلط الضوء خلال هذه المحاضرة على العوامل التي أدت إلى ازدهار تدمر التي تمثلت في موقعها الجغرافي على طريق التجارة العالمية، وتحول طريق التجارة العالمي بعد ضم البتراء ، وأيضا العامل الذاتي للسكان فأهل تدمر كانوا رماة ماهرين ونبالة وأصحاب خبرة على طريق القوافل التجارية كما كانوا وسطاء في التجارة الدولية بشقيها البرية والبحرية، فالتدمريون كانت لهم موانئ على الفرات والخليج العربي نذكر منها ميناء ميسان وميناء خرج وموانئ في عمان وفي اليمن، وتحدث الأستاذ القيم عن ازدهار تدمر الذي بدأ عندما زارها الأمبراطور الروماني هدريان عام 129م الذي أعطى تدمر لقب تدمر الهدريانية فأصبحت تدمر تحقق جباية ضرائبها بنفسها ولها مجلس شيوخ وشعب وتحتوي على أهم قانون اقتصادي في العالم (التعرفة الجمركية) هذا القانون موجود في متحف هارمتاج بمدينة سان بطرس بورغ الذي اكتشفه الأمير الروسي لازاريف عام1881م ويحتوي أربعة أشياء: الجهة المشرعة، ثانياً النكوث والضرائب، ثالثاً فض النزاعات، رابعاً البيانات الجمركية الكاذبة.
وتطرق إلى أهم الأوابد التي تعرضت للدمار والتخريب من خلال العصابات الإرهابية خلال عامي 2015 و2016 وهي معبد بل الذي بني عام 32م، ومعبد بعل شمين إله الخصب والمطر، والمدافن البرجية التي تحتوي على عدة طوابق بالإضافة إلى تدمير قوس النصر الذي يعد درة أو وساطة عقد اللؤلؤ في مدينة تدمر، ومسرح تدمر تعرضت واجهته للدمار وأيضاً المدافن الأرضية تعرضت للأضرار والنبش، مشيراً إلى أن المرحلة القادمة ستشهد حالة من البنيان والعمران حيث تم توقيع مذكرة ما بين المديرية العامة للأثار والمتاحف ومتحف الارمتاج بالتعاون مع جمعية صناعة الحجر لترميم قوس النصر، وهناك بعثات أثرية وطنية وأجنبية زارت تدمر منها المركز الأثري المتوسطي البولوني الذي اطلع على موضوع متحف تدمر وإعادة تأهيله، واليونسكو عملت بعض الدراسة عن مدينة تدمر كمعبد بل ومعبد شمين من خلال الجهة المنسقة والمديرية العامة للأثار والمتاحف.
داليا حسن