الوحدة : 6-6-2021
تتشابه الأسواق الشعبية في اللاذقية بأنّها أم المحتاج، وتتمايز عن بعضها بدرجة الفوضى التي توسمها.
لكن سوق الريجي، هو الحالة الأكثر جدلية، بسبب نشأته المشبوهة، كفتى من أولاد الشوارع يصحو وينام على الرصيف دون أب يتبنّاه أو أم ترعاه، كان على الدوام الابن غير الشرعي لمجالس مدينة اللاذقية المتعاقبة، التي تكافحه علناً وتغض طرفها عنه سراّ، عومل كلقيط يملأ عويله الأنحاء، تأخذهم به الشفقة تارة، وتنهاهم عنه مصالحهم طوراً، التي عندما تغيب تراهم يشنون حملاتهم المصحوبة بكاميرا الإعلام على البائعين المتعيشين تحت اسم التنظيم، في حالة استثنائية لم تنف حقيقة أن هذا السوق صار أمراً واقعاً لازماً، اغتصب بفوضاه أكثر من كيلو متر ونصف الكيلو، يستلقى مسترخياً على جانبي شارع أبي فراس الحمداني نعلاه عند مبنى الريجي القديم التي حمل اسمها وحملت وزره، وكتفاه ورأسه عند تقاطع مقبرة الفاروس، مشاغب، متنمّر على ما حوله، كشريد، يمسح لعابه بأزرار أكمامه، ويترك فضلائه حيث يجثو، يخالط الغادي والبادي، لا جنس له، يمتهنه السمّاك، والمزارع، بائع الخردة، الأحذية، والقرطاسية، والألبسة.
صاحب القلنسوة يشبه الفتى الخشبي، أنف طويل، لا يخطئه أبداً كل سائل عن أعشاب بريّة، أو مستنفع بعطارة طبية، أو مقتصد بمصروف، حتى روح الفكاهة والنكتة لم تغب عن فلاحة عجوز يممت شطر المدينة تبيع بيض دجاج تقول أنه ولد (بقيصرية) فارتفع سعره تحميلاً على كلفة العملية.
أو بدوية، جبنتها من الغنم الضأن مستعدة للمساومة على السبعة آلاف ليرة للكيلو الواحد إن امتلك الزبون الجلد على الدفع.
ربما كل شيء في السوق يوحي بالفوضى ما عدا تنظيم الأماكن، فبائعو السوق معروفون، كل منهم يشغل مكاناً محدداً، مساحة كرسي وبسطة، لم تخصص عن عبث، كل شيء بثمنه!
يحتل السوق المركز الثاني بقلة النظافة والتنظيم بعد أسواق الرمل الفلسطيني، بسطاته، موقعه، تنوعه، والاقبال عليه، ولا مجال لتنظيمه إلا باجتثاثه لأنه يحتل أرصفة هي ملك للمارة، ويبقى ذلك الشارع بؤرة مستعصية، لا يعرف المرء هل يدين الحالة ويطالب بتغييرها وقطع رزق عشرات العائلات التي تعتاش منه أم يصمت عن حالة لصيقة بالواقع يزيد عمرها عن ربع قرن!
خديجة معلا