الوحدة : 8-5-2021
مع المغيب، يعيد أبو عهد أغنامه الأربع عشرة من المراعي القريبة، يحضر لها الماء ويسكبه في وعاء كبير حتى يتسنّى لها الشرب، بعد يوم رعي ناجح قضته في الحقول القريبة.
الجو ربيعي والأمطار الجيدة في ريف القرداحة الشرقي، وفّرت بعض الكلأ، للغنمات السارحات بين المروج.
جز أبو عهد بعض خرافه، إحداهنّ حامل، نسأله بأي شهر فيقول السابع.
سبق أن ولدت غنمة لديه حملين صغار عوّضه الله بهما عن خسارته بغنمة أخرى نفقت الشتاء الفائت، نتيجة البرد الشديد..
يبدو المنظر محزناً في بساتين الزيتون القريبة، لا يتغيّر المشهد كثيراً عن الأيام الأولى للحرائق بعد الكارثة التي ألمت بالمنطقة، لا جديد، يقول مزارعو المنطقة: (كنا نأمل فرعاً جديداً، واخسارتاه)، الأمطار غسلت السواد الذي خلفته أعمدة الدخان المتصاعدة لنار التهمت الأخضر واليابس في مزرعة رضوان الجبلية- قرية شديتي، لم تتنفس فروع أشجارها بعد نسائم الربيع، كان لأرض أبو عهد حصّتها من أضرار الحرائق، ومن التعويضات التي استحقها اشترى غنماته، ومن معونة مؤسسة العرين ربّى خمساً وعشرين دجاجة وزّعت على ذوي الشهداء مطلع هذا العام.
يختلط ثغاء الأغنام، مع نقنقة الدجاج وصباح الديكة، يلاعب الحمل الدجاجة فتفرّ من أمامه كأنها كرة ريش بجناحين، يناطح خروف آخر، نزالاً بالقرنين، لا تفهم أهي مداعبة أم منافسة!.
الجلبة التي أحدثها قدوم القطيع، أعادت الذاكرة إلى عقود أربعة للوراء، ورنين الأجراس في أعناق مئات الماعز التي كان أصحابها يودعونها فجر كل يوم عند راعي القرية (داغر) الرجل الطيب الذي كان يسرح بها في الأودية والتلال البعيدة قبيل شروق الشمس، ويعيدها مع غروبها… طبيعة لا تشيخ وذاكرة ضيعة لا تموت.
خديجة معلا