الاختراعات المحلية ومعوقات استثمارها

الوحدة 28-3-2021  

 

لم تكن الاختراعات المحلية السورية يوماً ما بعيدة عن المواصفات العالمية بل أنها شرط أساسي في حصول المخترع السوري على براءة الاختراع، والأهم من ذلك أن كل اختراع  له أهميته في بناء فكرة جديدة تؤسس لتطوير اختراع آخر يليه قد يكون أكثر أهمية.

ورغم وفرة نتاجات الاختراعات المحلية في كافة المجالات لكنها تبقى طي الأدراج ولا تجد طريقها إلى الاستثمار رغم الحاجة الماسة لها وتنتهي غالباً مدة ملكيتها وحمايتها دون الاستفادة منها.

أسباب عديدة تعيق الاستفادة من هذه الاختراعات علماً أن سورية تعيش ظروف استثنائية من المعاناة والحاجة للنهوض بواقع الخدمات والاستفادة من تلك الأفكار المبدعة لاسيما في أوانها، وهو ما حدثنا عنه الدكتور منير الجردي نائب رئيس جمعية المخترعين في سورية إضافةً إلى واقع المخترع السوري والتحضيرات الجارية لإقامة معرض الباسل للإبداع والاختراع.

يقول الدكتور الجردي إن أي اختراع جديد له أهميته، وبالتعريف هو ابتكار جديد  سواء لطريقة سابقة أو حديثة  من شأنه تحسين الإنتاج أو تخفض التكاليف ولا يخالف قوانين المجتمع المتعارف عليها، كما أن الاختراع ينبغي أن يكون جديداً على مستوى العالم وليس محلياً فقط، علماً أن هذه الشروط تتطلب المعرفة الشاملة من المخترع  بكل هو قائم من اختراعات والجديد حوله.

وتابع د. الجردي: الاختراع خطوة علمية تبني لتطوير اختراع جديد  قد يكون ذا جدوى أفضل، وسلسلة الاختراعات بأفكارها الجديدة تكمل بعضها بعضاً،  فالحضارات تُبنى بتطوير الأفكار وتجديدها على نحو أفصل وأبسط مثال اختراع السيارة التي لم تصل إلى هذه المرحلة المتطورة إلا عبر اختراعات مكملة لبعضها من قوة المحرك والشد والعجلات والفرامل…

– وماذا عن استثمار اختراعات الطاقة البديلة؟

تبقى الاختراعات السورية المحلية حول الطاقة البديلة أمراً محيراً وتدور حولها تساؤلات عدة عن أسباب عدم استثمارها لاسيما في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها سورية جراء التقنين الكهربائي؟

جواباً على هذا التساؤل بيّن الدكتور الجردي أن كل مشروع اقتصادي تؤخذ بعين الاعتبار جدواه الاقتصادية، أي تعويض تكاليفه خلال الخمس السنوات الأولى، وللأسف أن  اختراعات الطاقة البديلة رغم أهمية أفكارها ومحاكاتها للواقع وتطوراته لكن  تلك الاختراعات مازالت جدواها الاقتصادية منخفضة، وبالتالي لا تلاقي إقبال المستثمرين عليها لاسيما أن تكلفة تنفيذها حتى وقتنا الحاضر أعلى بكثير من استثمار الوقود الأحفوري لا بل الطاقة النووية أيضاً، وهذا ينطبق بالإجمال على الاختراعات المحلية والعالمية للطاقات البديلة.

اختراعات سورية لها مردود جيد

هناك مجموعة اختراعات سورية  أعطت مردوداً جيداً وتم استثمارها والاستفادة منها مثل التقويم العجيب التي قمت باختراعه، والحديث للدكتور الجردي، وكذلك اختراع مؤقت الغاز للمخترع محمد عجيب إذ تم استثماره جيداً بعد طرحه في الأسواق.

كذلك تم استثمار الزجاج الفينيقي وهو عبارة  عن مزيج الزجاج مع الفضة وفلزات السيليسيوم بطريقة خاصة  أي زجاج معشق بالفضة والذهب ويستخدم لأغراض تزيينية.

ولابد من التذكير ببعض الاختراعات المهمة لكن لم تستثمر لسبب عدم تصنيعها من المستثمرين مثل جهاز قياس الشد للحواجز البيتونية للمخترع طارق أصلان،   وجهاز جراحة العين للدكتور حاج صالح  وجهاز توليد الطاقة الكهربائية بالرياح للمخترع نعمان جبور.

قرارات تشجيعية للمخترعين ولكن!

من يطلع على القرارات التشجيعية التي تم منحها للمخترع السوري من قبل الوزارات والمؤسسات للإبداع والاختراع، يعتقد أن المخترع يمتلك تسهيلات عديدة لا تحصى ولا تعد، لكن على أرض الواقع يختلف الكلام كلياً ذلك أن استفادة المخترع من القرارات تواجهها عراقيل نفرت غالبية المخترعين من طلبها، ومن جملة هذه القرارات نذكر:

منح قرض مليون ليرة سورية لكل مخترع بضمان الاختراع، وموافقة مؤسسة الإسكان العسكرية ومؤسسة معامل الدفاع ومركز الاختبارات والأبحاث الصناعية على تصنيع النماذج تمهيداً لاستثمارها، وكذلك الإعفاء من أجور الإعلان في كافة الوسائل الإعلامية المسموعة والمرئية والمقروءة لمرة واحدة شهرياً ونشر المعلومات والوثائق الخاصة بالمخترعات من الناحية العلمية والتكنولوجية وتقديم المقترحات اللازمة بهذا الشأن، وكذلك مرسوم منح المكافآت التشجيعية للمخترع ين الموظفين ومنح علاوة استثنائية وأيضاً حسم 50 % من أجور النقل..

لكن كل تلك القرارات المذكورة تعترضها عقبات عند تطبيقها ما يجعل غالبية المخترعين ينفرون من الحصول عليها بسبب الروتين المتعب، لذلك نطالب، والحديث للدكتور الجردي، بتسهيل إجراءات تنفيذ القرارات التشجيعية للمخترع.

  تحضيرات معرض الباسل للإبداع والاختراع

يُقام معرض الباسل للإبداع والاختراع سنوياً ويستقطب مشاركات مهمة محلية وإقليمية وعالمية، وتحدد الهيئة المنظمة للمعرض سنوياً محوراً للمشاركات وأهمها خلال السنوات الأخيرة الطاقة البديلة وإعادة الاعمار والاستفادة من المخلفات، وهذا المعرض له أهميته في التقاء المخترعين الذين يشاركون مجاناً و توزع الجوائز والمكافآت عليهم حسب تقدير اللجان، وهذا المعرض يشهد ارتقاءً وتطوراً مستمرين والمعرض لهذا العا  هو المعرض العشرين حيث يستضيف أفضل الاختراعات القديمة والحديثة.

بقي للتذكير أن دور وزارة التموين، دائرة حماية الملكية، يتعلق بحفظ  الملكية للمخترع كجهة إدارية وبالتالي دورها قانوني، وليست جهة دارسة للاختراعات، في تسجيل وحماية وحفظ  الاختراع بشكل سري ، وتتم دارسة وتقييم الاختراع من قبل مراكز البحوث والجهات العلمية الدارسة مع العلم أن حماية الاختراع تنتهي بعد مرور عشرين عاماً و يتم تعميمه وطرحه علمياً  ويصبح ملكاً للجميع.

ازدهار علي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار