الوحدة 18-2-2021
اقتربت كنسمة صيفيّة حانية، وشعرها الطويل المسدّل على أكتافها المرتخية التي لم تستيقظ بعد يتموج بفضول عن سبب إشراقها هكذا!
هناك عند النافذة! نَبَضَ القلب كما لم ينبض منذ شهور، تقف بهدوء بعد أن ارتكت بجبينها على البوابة السحرية، تبسمت بسكينة وكأنَّ الروح قد استأنست بعد غربةٍ طويلة…
إنه المطر!
لطالما كان صوته يطرب أذنيها، وكأنَّه سمفونية حاكتها قطراته والأرض وما تبقى من أوراق الشجر.
اعتادت أن تجلس طويلاً أمام تلك النافذة منذ أول لحظة تتهامر فيها حبات المطر وكأنَّها تحيي أحد الطقوس الدينية…
لقد غدت جلستها تلك من إحدى الشعائر المقدسة لديها، تجلس مستغرقة بتلك السمفونية زاهدةً عن كل ما يدور في ذلك العالم الكبير الذي غدا موحشاً مقابل خلوتها تلك، اكتفت به أنيساً يتراقص بصوته على أوتار أحزانها وأفكارها الصاخبة ليلاشي وجودها ويسرقها من نفسها، وكأنَّها جُبِلت من ماء المطر وانصهر كيانها مع حباته في الارض المشتاقة، فشكلت معه أجمل لوحات الاقتران الروحي بخلق الله، وما كانت نشوتها إلا أن حسبت نفسها بقعة صغيرة في إحدى صور جمال الله على الأرض… إنها فتاة المطر… صُقِلت من قطراته وجبلت من طين الأرض الممزوج بمائه.
عبير حميرة