نفايات الكترونية تتزايد بنسب 18% سنوياً هل تحـّل الألياف الضوئية محل الإلكترونيات في شبكات الاتصالات؟

العدد:9307

7-3-2019

صارت المشاكل البيئية اليوم الشغل الشاغل لجميع الأمم وخاصة المتطورة منها, تعقد لها الجمعيات والمجالس وتخصص لها مؤتمرات, وكأنه لم تكفِنا المشاكل المعروفة والشائعة كثيراً والناتجة عن تلوث الطعام والهواء والماء والتربة، وما ينتج عنها من أمراض خطيرة قد يكون السرطان أبرزها وليس أولها أو آخرها, ليأتينا اليوم همٌ بيئي جديد ناتج عن استخدام التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصالات الذكية.. أ.د. عادل عوض دكتوراه بالهندسة البيئية وهندسة تخطيط المدن، يحدثنا عن هذا الهم البيئي الجديد، وما أسبابه وكيف تتصدى له كبريات الدول..


يقول د. عوض: لا شك إن لأنظمة الاتصالات المتقدمة التي تشهدها الألفية الجديدة مظاهرها الإيجابية, إلا أنه بنفس الوقت لها آثارها السلبية الناجمة عن هذا النمو السائد على البيئة العالمية وكان جلياً حدوث التغيرات المناخية وتآكل طبقة الأوزون واستنزاف الموارد المائية وفقدان التنوع الحيوي، ولهذا فإن حماية النظام البيئي العالمي والمحلي وحماية الموارد الطبيعية والأجناس يماثل في الأهمية حماية النمو الاقتصادي, وطريق ذلك هو اعتماد سياسة التنمية المستدامة على أنها قضية عالمية, دون أن يكون ذلك على حساب قدرة أجيال المستقبل على تلبية حاجياتهم، جاء ذلك الطرح في تقرير برنتلاند للجنة الدولية حول البيئة والتنمية، ومعنى هذا أننا إذا لم نتحرك في اتجاه التنمية المستدامة فإننا سنواجه تدميراً بيئياً شديداً يستحيل إصلاحه، وضمن هذا الإطار جاءت الرؤية الأشمل لمجموعة مجلس الامتياز البيئي للاتصالات التي تعتبر أن التنظيم المتنامي لأجهزة الاتصالات مثل الأنترنت والخدمات الالكترونية كالتعليم والبريد والاقتصاد الالكتروني قد يساعد في دفع العالم باتجاه الديمومة، واليوم هناك سباق بين الضوئيات والالكترونيات، فعلى سبيل المثال حلّت تقانة الألياف الضوئية محل الإلكترونيات في شبكات الاتصالات البعيدة المدى، ويتواصل هذا السباق مع محاولة علماء الحواسيب بناء حواسيب تحل الفوتونات منها محل الالكترونيات أو تطوير نسخ ضوئية أو فوتونوية للحواسيب الالكترونية، ويتابع د. عوض التوضيح لفكرة الحواسيب الضوئية فيقول: فكرة الحواسيب الضوئية التي تقوم على استخدام الضوء بدلاً من الالكترونيات, حيث يستطيع الضوء الانتقال عبر الفضاء الحر دون الحاجة إلى الأسلاك أو الألياف كما تستطيع الفوتونات الانتقال عبر بعضها البعض دون إحداث أي تغيير، وتستطيع الحواسيب الضوئية القيام في بعض الحالات بما تقوم به الحواسيب الالكترونية وبشكل أفضل وأسرع, أما الالكترونات فتولد الحرارة بشكل لا يمكن تجنبه أثناء انتقالها عبر النواقل وأنصاف النواقل, بينما يكاد يكون ضياع الطاقة من الضوء العابر للفضاء الحر مهملاً، وفي هذه الطرق الضوئية حماية مثلى للبيئة كما أنها مثالية في أنظمة الذكاء الاصطناعي وخاصة الشبكات العصبونية التي تتمتع بقدرٍ عال من التفرعية وتعتمد على تفاعل كل وحدة فيها مع جميع الوحدات الأخرى.
ويتابع د. عوض في الشرح لكيفية التخفيف من الأخطار البيئية في الاتصالات فيقول: تنعقد الآمال على أن يحل الإشعاع الفلوري الذي تطلقه البلورات الثانوية محل الأسلاك الناقلة في الإلكترونيات السيليكونية التقليدية, ما يمكّن من تزاوج الدوائر الضوئية والالكترونية ممهدة إلى ظهور جيل جديد من المفاتيح وغيرها من العناصر الأسرع والأقل استهلاكاً للطاقة لاستخدامها في أنظمة الاتصالات والحواسيب.
ويطول الحديث في هذا السياق وباختصار: إن مشروع مجموعة مجلس الامتياز البيئي للاتصالات قد قام بمبادرات هامة لصالح البيئة عموماً كمؤتمرات مع ممثلين بارزين لهيئات بيئية من أجل دستور بيئي صناعي شامل، أو عبر التعريف بالفرص المتاحة لتحسين كوكب الأرض والتغيير الناتج عن تكنولوجيا الاتصالات, أو من خلال اجتماعات مع موظفين قياديين من برنامج الأمم المتحدة للبيئة من أجل الدستور البيئي، ومع التميز في كل النشاطات التي قامت بها (مجموعة مجلس الامتياز البيئي للاتصالات) إلا أنها بالمقابل أهملت موضوع تراكم النفايات الإلكترونية والتي تقدر بملايين الأطنان في كل عام ،وتزداد سنوياً بنسبة 18% وباتت بعض الدول النامية مثل الصين وباكستان والهند تحوي مناطق لمكبّات عالمية لأجهزة الكمبيوتر والنفايات المعلوماتية السامة الأخرى, ومن الطبيعي فإن المشكلة التي تطرحها هذه النفايات على صعيد الصحة والبيئة ستتفاقم مع ازدياد عدد أجهزة الكومبيوتر المهملة، ويعمل في مثل هذه المكبات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال الذين ينكبون بالمطارق والمقصات الفولاذية على تفكيك أجهزة الكومبيوتر القديمة وشاشاتها محاولين إعادة معالجة النفايات المعلوماتية، وهم غالباً ما يجهلون المخاطر على الصحة والبيئة التي تتسبب فيها أنشطتهم خصوصاً إضرام النار في الهواء الطلق في الأسلاك والمواد البلاستيكية واستخراج الأسيد وتلف الأنابيب المهبطية المليئة بالرصاص والمستخدمة في شاشات أجهزة الكومبيوتر.

مهى الشريقي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار