وادي قنديل… كوارث وأوجاع ومطالب أهلية محقّة

الوحدة 27-1-2021 

 

 

هو درّة الشواطئ على البحر، وهو المتفرّد بصفاء بحره الأزرق ونقاء مياهه ذات الكثبان الرملية السوداء الوافرة، يبعد عن مدينة اللاذقية حوالي ٢٣ كم، يعد من أجمل الظواهر الطبيعية نظراً لتداخل الجبال والأنهار وقربها من البحر، شطّه لا يجيد المزاح مع السبّاحين الهواة، فذلك الزبد الأبيض والأمواج الهادئة تختبئ تحته هوة الموت غرقاً لمن لا يجيد السباحة بسبب وقوعه على منحدر بحري شديد فهو مخصّص للمتمرسين بهذه الرياضة، فيكفي السير لمترين فقط وبعدها مفترق طريق الموت غرقاً أو التمتع بسباحة نوعية بكل المقاييس، كان يُعد من الشواطئ الشعبية المفتوحة للجميع، الخدمات المقدّمة على هذا الشاطئ متنوعة سواء من جهة القطاع الخاص الشعبي وهو المسيطر أو من جهة الاستثمارات الأخرى، جمالية هذا المكان المتواضع تلازمت مع صفاء ونقاء وبساطة أهل تلك المنطقة، حيث يقدمون جلّ الخدمات للزوار بأسعار تناسب الجميع رغم الظروف التي أخذت تتحكّم برزقهم وممتلكاتهم، غير أن قسوة الطبيعة زادت من معاناتهم وأضافت حملاً على أحمالهم، ففي البداية كان لهم نصيب كبير من قسوة النيران التي أتت على ذلك المرتفع العالي ثم انحدرت ألسنة لهبه إلى بساتينهم ومزروعاتهم فكان لأشجار الزيتون النصيب الأكبر وبعض المساحات من الحمضيات والممتلكات الأخرى، أما أصحاب تلك المساحات اختصروا الكثير من الأحاديث والتأويلات بقولهم (قدّر الله وما شاء فعل) وترافقت هذه الكوارث بانتشار الوباء العالمي (الكورونا) وتوقّف ارتياد الزوار والسواح لتلك المنطقة، فأصبح حتى تناول الأراكيل على الشط ممنوعاً بقرار من الفريق الحكومي المعني بالتصدّي لوباء الكورونا، علماً أن حياة أغلبية سكان وادي قنديل يعتمدون بمعيشتهم على مقدرات الخدمات السياحية والشعبية سواء من خلال تأجير شاليه صغير أو خيمة قصبية متواضعة أو شمسية مع بعض الكراسي والطاولات بالإضافة إلى التنور الذي يقدّم ما لذّ وطاب من الفطائر والمناقيش والخبز وجميعها من خيرات تلك الأراضي والمزروعات الحقلية التي تعيش على شرايين النهر الهادئ الذي يخترق بساتينهم، أما الصفعة الأخرى التي تلقاها الأهالي مستسلمين لقدرهم فكانت منذ مدة عندما هبّت أعاصير بحرية فعلت فعلتها بتلك الأملاك والخيم والممتلكات، حيث غيّرت معالم ذلك الشاطئ الذي كان ينبض بالحياة مقدّمة دليلاً آخر على صلابة وصبر أهالي وادي قنديل وتحمّلهم للشدائد.

(الوحدة) التقت بعض أهالي تلك المنطقة المنكوبين متجمّعين لترقيع أوصال شبكة صيد متواضعة حيث شرحوا المعاناة التي أرهقتهم أكثر من قسوة الطبيعة وهي قصّة الاستملاك التي تسيطر على مقدرات حياتهم وأرزاقهم منذ عام ١٩٧٦ من شط البحر بعمق ٢،٥ كم شرقاً مطالبين بإزالته ليتمكنوا من التصرّف بهذه الممتلكات، وقد أكد أحدهم أن المادة ١٥ من دستور الجمهورية العربية السورية تنص على أن أي استملاك مضى عليه ١٥ عاماً ولم تقوم الجهة المستملكة بتنفيذ أي مشروع عليه للنفع العام فإنه يعود إلى أصحابه الأساسيين فوراً.

كما كان لهم مطلب آخر محق وهو إنشاء مرفأ صغير للصيد والنزهة على شط وادي قنديل ينظم عملية الصيد البحري والنزهات البحرية السياحية، وقد تعرّض بعض أصحاب المنشآت السياحية الصغيرة لجور وزارة النقل حيث اعتُبر شط وادي قنديل من الدرجة الثانية، وهذا يترتب عليه ارتفاع بدل إشغالات بحرية عامة، وبالتالي ارتفاع هذه الأجور على الزوار والسواح، علماً أنه يقع على عاتقهم تنظيف المناطق وإزالة الأوساخ والبقايا التي يلفظها البحر والقيام بترحيلها على نفقتهم الخاصة.

كما تعرّض أهالي وادي قنديل لانتشار قنديل البحر، الأمر الذي شلّ حركة الشاطئ لأكثر من شهر وكذلك النشاط السياحي، كما طالبوا بتعبيد وتوسيع طريق الوادي الوحيد نظراً لازدحامه أثناء الصيف وإنشاء وتوسيع العبارات عليه لاستيعاب أكبر قدر من المياه وفيضانات الأمطار.

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار