الوحدة 20-1-2021
عناوين كثيرة رفضت أن تكون مجرد حروف باردة على رفوف خشبية أهلكها غبار الزمن، على العكس تماما كانت عناوينا براقة صاخبة دخلت قلوب قرائها من خلال هوامش منصة فكرية تسلط الضوء على محطات ثقافية وعلمية وفكرية لعشاق القراءة.
القراءة والكتاب، هاتان الكلمتان الساحرتان اللتان تغمران النفس بسعادة لا توصف وبمحبة كبيرة لا حدود لها ولا تكاد تخلو جلسات المهتمين مع الأحباب والأصدقاء من هاتين الكلمتين.
حسن صاحب مكتبة هوامش يتحدث عن انطلاقة مشروعه وهدفه:
أنا حسن خضر الهيفي من أبناء محافظة طرطوس، المحافظة الصغيرة الرائعة وتخرجت من قسم الفلسفة، كلية الآداب جامعة تشرين، وأفتخر بأنني الآن أقوم بأداء واجبي الوطني في الجيش العربي السوري الذي ما زال يخوض معاركه ضد القوى الظلامية الإرهابية وداعميهم الآتين من كل حدب وصوب.
عشقت وأحببت القراءة والكتاب منذ كنت في الصف العاشر وأكملت دراستي الجامعية في قسم الفلسفة متأثراً بمحبتي للقراءة والكتاب ولآراء المفكرين والفلاسفة الذين ساهموا في بناء الوعي الإنساني وخدموا البشرية بما قدموه من فكر سامي وعقلية مبدعة وخلّاقة…
وكنت عندما أدخل إلى مكتبة ما وأفتش بين عناوين الكتب كنت أعتبر نفسي كالذي غاص في بحر ووجد كنزاً من اللآلئ والجواهر.
منذ أن دخلت عالم الكتب والقراءة وأنا أحلم أن تكون لدي مكتبة كبيرة تكون ركناً ثقافياً يجتمع فيه القراء يتبادلون الآراء وما قرؤوه من عناوين والكتب التي ساعدتهم في تطوير حياتهم وهذا الاجتماع الرائع فيه ما فيه من غنىً ثقافي وتقارب فكري وضرورة اجتماعية تقتضيها مسيرة الحياة الإنسانية…
كنت في بداية الأمر أعمل في مكتبة بأجر زهيد جداً لا يكاد يذكر ولكن بسبب محبتي للقراءة كنت سعيداً جداً في هذا العمل، فالعمل على خدمة القراءة ونشر الثقافة وتامين عناوين الكتب للقراء كانت بالنسبة إلي لذة وسعادة لا توصفان.
كل أصدقائي وأحبائي كانوا يعلمون مدى عشقي للقراءة والكتاب ومدى لهفتي الكبيرة لتحقيق هذا الحلم الذي كان بالبداية صعب المنال نتيجة الظروف المادية الصعبة ولكن مع وجود الإرادة القوية والتصميم الدؤوب ومساعدة بعض المحبين
تمكنت من تحقيق هذا الحلم الذي يكبر الآن شيئاً فشيئاً متمثلاً بـ (مكتبة هوامش).
في البداية أنشأت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) وكنت أعمل تأمين كتب القراء ونشر بعض العناوين وإيصالها للقراء من دون أن تكون لدي مكتبة وأثناء إجازتي كان جل وقتي وعملي على هذا الأمر…
وكما قلت بفضل مساعدة بعض المحبين تمكنت من استئجار محل وأصبحت لدي مكتبة تحتوي العديد من العناوين في شتى المجالات الفكرية والروائية والأدبية والتراثية والفلسفية والتنمية البشرية وغير ذلك من متون الكتب وأشهرها.
أسميت المكتبة (مكتبة هوامش) ليكون اسماً جديد وغريباً بين أسماء المكتبات كما عادة المؤلفين الذين يسمون أسماء كتبهم بأسماء غريبة ولافتة، ولأبين كم أن الهامش مهمّش في قراءاتنا للكتب فالكتاب يحوي على (متن الكتاب) ويحوي (هامش) في أسفل الصفحة واعتاد الكثير من القراء تجاوز الهامش أثناء قراءتهم مع العلم قد يكون الهامش مهم ويشرح أموراً في المتن أهم من المتن نفسه (ربّ هامش حوى على علم ومعرفة مفيدة أكثر من المتن ونحن لا نقرأه).
بدأت العمل الدؤوب في مكتبتي الجديدة (مكتبة هوامش) مواجهاً عدة صعوبات في مقدمتها الصعوبات المالية لكي أتمكن من شراء كم كبير ونوعي من الكتب لأخدم فيها القراء ووضعت منهج عمل بالنسبة إلي واعتمدت مقولة (أنا قارئ ولست تاجراً)…
اخترت عناوين الكتب التي تحتويها مكتبتي بعناية مع مواكبة لكل كتاب جديد والسعي لتأمين طلبات القراء، فالعناوين التي في مكتبتي أقوم باختيارها من خلال عدة أمور:
– متابعة أشهر عناوين الكتب في كافة مجالات العلم والمعرفة عن طريق البحث في وسائل التواصل الاجتماعي.
– التواصل المباشر مع دور النشر السورية ومتابعة ما يقومون بنشره من كتب جديدة.
– الأخذ بنصيحة القراء الكرام الذين يرتادون المكتبة (ينصحنا القارئ بكتاب قرأه وأستفاد منه علماً ومعرفة وسلوكاً وطوّر من طريقة تفكيره فنقوم جاهدين بتأمينه للمكتبة وننصح به لباقي القراء).
من خلال العمل وفق هذا المعيار استطعت أن أجمع في المكتبة عناوين عديدة خَدَمتْ الكثير من القراء الذين قاموا بشرائها وبأسعار مناسبة وتشجيعية حيث نقوم بشكل دائم ومستمر بتقديم عروض كثيرة والقيام بمبادرات هدفها الأول التشجيع على القراءة واقتناء الكتب آخذين بعين الاعتبار الظروف التي يمر بها الناس، وقمنا لاحقاً بتقديم مبادرة لدعم القراء من خلال إحداث قسم لإعارة الكتب في المكتبة بأجر رمزي حتى يتمكن من لا يستطيع شراء كتاب أن يقوم باستعارته وقراءته، وتقديم الهدايا مع الكتب بالمناسبات والأعياد لتصل للقارئ بشكل غير متوقع لتخلق لديه حالة من الفرح والسعادة والذكرى الجميلة، ونقوم بإيصال الكتاب مجانا ضمن مدينة طرطوس لمنزل القارئ تقديراً منا للكتاب وتسهيلاً للقارئ الكريم ليحصل على كتابه من دون أن يبذل عناء المواصلات، ونقدم الكتاب لجرحى الجيش العربي السوري المحبين للقراءة بسعر تشجيعي وهذا نعتبره واجباً علينا.
يأتي إلى مكتبتنا قراء من جميع فئات المجتمع ومن جميع الأعمار نتعلم الكثير منهم وأيضا نقترح عليهم عناوين الكتب، واقتراحنا للكتاب يكون حسب القارئ وأنا أحب أن أنوه إنني لا أحب إطلاق كلمة (زبون) على مرتادي المكتبة بل أحب أن أقول (قارئ) فالشخص عندما يسألك عن كتاب أما أن يكون قارئاً أو يحب أن يكون قارئاً، فعندما يطلب منا كتاب (رواية مثلاً) فنسأله إذا كان قارئاً أم لا؟ … فإذا لم يكن قارئاً نقترح عليه أسماء بعض الروايات القصيرة حتى لا يدخل عليه الملل أثناء قراءة الروايات الكبيرة، وكذلك الأمر في باقي العناوين (سواء اكانت فلسفية أم أدبية أم علم نفس أم تنمية بشرية)، إن قيمة الكتاب بالنسبة لمكتبتنا (قيمة مقدسة).
علاقتنا مع الكتب علاقة محبة وعشق لا نعتبر الكتاب سلعة تجارية بقدر ما نعتبره حقاً للقارئ يجب أن يحصل عليه بأدنى سعر ممكن ( يعلم روّاد مكتبتنا المجهود الذي نبذله وكيف نحافظ على الأسعار قدر الإمكان ليتمكنوا من القراءة).
نقوم بنشر معلومات وافية وموجزة عن أي كتاب نقوم بنشره على صفحتنا من خلال جمع عدة معلومات عنه وصقلها وتهذيبها إملائيا ليتاح للمتابعين قراءته بلغة عربية خالية من الأخطاء اللغوية.
ومن الأمور التي تحصل معنا وتبعث في النفس السرور عندما يتواصل معنا قراء على بريد الصفحة من خارج القطر ليطلبوا الكتب (الجزائر- العراق- تونس…) وعندما يعرفون أن المكتبة في سورية فيكتبون لنا تحياتهم إلى الجمهورية العربية السورية وطن الثقافة والفكر والأبجدية الأولى …. فالقراءة تجمع ولا تفرق، تبني ولا تهدم، تسمو بالفرد إلى أعلى مراتب الإنسانية وبالمجتمع إلى أعلى مستويات التطور والتقدم، فالقراءة في الكتب هي جسر التواصل الأكبر بين شعوب العالم وثقافات المجتمعات.
لدي تفاؤل كبير وأمل أكبر فبالرغم ما نشاهده من إحصائيات القراء في الوطن العربي والتي هي في أدنى مستوياتها إلا أنني أرى القراء بازدياد وطلبهم للكتب بازدياد وفي محافظة طرطوس يزداد عدد القراء وخصوصاً الفئة العمرية اليافعة وهذا شيء يدعا للتفاؤل حقاً.
ما زلت أسعى لأن تكون مكتبتي مكاناً ثقافياً يحوي أكبر عدد من الكتب كماً ونوعاً وأتمنى ألا يكون الظرف المالي حائلاً دون تحقيق ذلك لأن متعة القراءة ومتعة الأحاديث مع القراء في المكتبة يطلبها العقل وتتشوق إليها النفس باستمرار آملاً عند انتهاء واجبي الوطني الذي أقوم به في الجيش أن أتفرغ كاملاً لمكتبتي وأقوم بواجبي الوطني في نشر الثقافة والفكر، فسلاحنا يقتل الإرهابيين وفكرنا التنويري يقضي على الإرهاب الظلامي.
كلمة أخيرة ..
( لا تشيخ الحياة في الصدور التي تقرأ، نحن أبناء الحياة، على هذه الأرض ما يستحق الحياة).
زينة وجيه هاشم