د. شفيعة عبد الكريم سليمان في دار الأسد باللاذقية.. ومحاضرة لـ (أثر منصات التواصل الاجتماعي)

الوحدة: 18- 1- 2021

 

لغة الاتصال والإعلام هي لغة الإنسان منذ ولادته على هذا الكوكب ومنذ أن أبصرت عيناه النور وهو في حالةٍ من البحث الدائم عن تماس للروح مع الروح الأخرى، فخلق العديد من الوسائل والطرق في هذا السبيل، وأضحى البحث عن لغات وأدوات هو مراده دائماً كي يبوح، ولعلّ مروره القصير على عقارب الزمن جعله يحاول أن يستنبط أي طريقة للتواصل في دلالة حيّة ومصرّة على وجوده الذي وشم الكثير والكثير من حياه.

ومع تقدّم وسائل الاتصال عبر عصور خَلَتْ، وصل العالم إلى عصرنا الحالي ليصيّر الكون قرية واحدة بحق بعد التطور المذهل للتكنولوجيا ويمحو الأنترنيت كل مسافة وليجعل  اللقاء والاتصال بالثانية أو ربما بأجزاء منها…

وسائل التواصل الاجتماعي نافذة من هذه النوافذ الكثيرة و المتشعبة، جعلت لكلّ فردٍ منصّة لخطابه الذي يريد أن يبوح به ويوصل مراده منه، ورغم الفائدة العظيمة من هذه المنابر الالكترونية إلا أن نتائجها في الاتجاهين السلبي والإيجابي مازالت في حالة من الجدل حول ماهية التأثير!!

حول هذا الجانب الأساسي والهام في حياتنا كان للدكتورة شفيعة عبد الكريم سليمان  وهي الباحثة التربوية في المجال الإعلامي كان لها محاضرة حول أثر منصات التواصل الاجتماعي كأفراد وجماعات تناولت فيها جوانب كثيرة حول هذا الفضاء الذي يلفّ حياتنا اليوم.

بدأت د. شفيعة حديثها بالترحيب و الشكر للحضور قائلة: “شكراً لحضوركم الذي أتى لاستقبال نسيم سوري محّملاً بزهر الياسمين وعطره. ومازال ببحر اللاذقية  موصلاً له تحيات بردى المعطرة بما حمل، مغترفاً من مائه غرفة يتوضأ بها فيلاقي ترحيباً ولا أجمل فكانت سعادته لا تقلّ عن سعادة جدران المكان أو من وجدوا به”

لتتابع د. شفيعة بادئة محاضرتها بالتعريف بالإعلام مستعرضة الجوانب المتعددة لهذا المفهوم لننتقل إلى مقدمة حول حوامل وأدوات ووسائل الإعلام في العصر الجاهلي والإسلامي، ثم تعريف منصات التواصل الاجتماعي للوصول إلى أنها أفرزت نوعاً جديداً من الإعلام هو الإعلام الاجتماعي والذي يعدّ أحد فروع الإعلام الجديد، كما تناولت الآثار السلبية والإيجابية التي اقتضتها التحولات التكنولوجية على الواقع الإعلامي وأوجه التجاذب والتنافر بين الإعلام التقليدي والإعلام الاجتماعي كما ختمت المحاضرة بمقترحات للحدّ من الآثار السلبية للتحولات التكنولوجية الالكترونية الإعلامية على الشباب والناشئة.

من باب الإيجابيات والسلبيات لوسائل التواصل الاجتماعي نقتطع الآتي مما قالته د. شفيعة: من منافع منصات الإعلام و التواصل الاجتماعي ما يلي:

أ- إن هدف المواقع الاجتماعية خلق جو من التواصل في مجتمع افتراضي تقني يجمع مجموعة من الأشخاص من مناطق ودول مختلفة على موقع واحد، تختلف وجهاتهم ومستوياتهم وألوانه، وتتفق لغتهم التقنية.

ب- إن الاجتماع يكون على وحدة الهدف سواء التعارف أو التعاون أو التشاور أو لمجرد الترفيه فقط وتكوين علاقات جديدة أو حب للاستطلاع والاكتشاف.

ج- إن الشخص في هذا المجتمع عضو فاعل وليس مفعولاً به.

– يتيح الانترنت عالماً مفتوحاً لمستخدميه كما أنه يعطي فرصاً للتعلّم عن بعد وتمكن الطالب من تحقيق المتعة والفائدة، وهي بوابة لتنمية المهارات وصقل المواهب، والجدير بالذكر ان الرابح هو من يستثمر هذه الموارد أولاً، ولا يقبل بتضييع وقته بما لا ينفعه، ويهتم بتحقيق إنجازات ترفع من مستواه وتقرّبه من طموحاته أكثر من خلال التالي:

1 – كسر احتكار المؤسسات الإعلامية الكبرى.

2 – ظهور طبقة جديدة من الإعلاميين وأحياناً من غير المختصين في الإعلام، إلا أنهم أصبحوا محترفين في استخدام تطبيقات الإعلام الجديد، بما يتفوقون فيه على أهل الاختصاص الأصليين.

3 – ظهور منابر جديدة للحوار فقد أصبح باستطاعة أي فرد في المجتمع أن يرسل ويستقبل ويتفاعل ويعقب ويستفسر ويعلق بكل حرية وبسرعة فائقة.

4 – ظهور إعلام الجمهور إلى الجمهور.

5 – ظهور مضامين ثقافية وإعلامية جديدة.

6 – نشوء ظاهرة المجتمع الافتراضي والشبكات الاجتماعية وهي مجموعة من الأشخاص يتحاورون ويتخاطبون باستخدام وسائل الإعلام الجديد لأغراض شتى (مهنية أو ثقافية أو اجتماعية أو تربوية) وفي هذا المجتمع تتميز العلاقات بأنها لا تكون بالضرورة متزامنة والأعضاء لا يحضرون في نفس المكان والتواصل يتم دون الحضور وقد يكون المجتمع الافتراضي أكثر قوة وفاعلية من المجتمع الحقيقي وذلك لأنه يتكون بسرعة وينتشر عبر المكان ويحقق أهدافه بأقل قدر من القيود والمحددات.

كما تطرقت د. شفيعة في هذه المحاضرة إلى موضوع تفتيت الجماهير من خلال تغيّر النمط العائلي الاجتماعي وارتباطها بالتكنولوجيا الجديدة حيث قالت في أول دالة: ” التفاعل بين المصدر والمتلقي فهو يتيح فرصة التعليق والنقد والخاصية الثانية فهي تحول المتلقي إلى ما يريد.

2 – إنه إعلام متعدد الوسائل.

3 – اندماجه مع مخرجات الإعلام التقليدي واستيعابه لها إضافة إلى انتشار المضمون المختصر المقدم من خلال التدوين المصغر كـ (تويتر أو فيسبوك ويوتيوب) كما أنه أسهم في صنع الكثير من التغيرات في الإعلام التقليدي الأمر الذي دعا الكثير من المؤسسات الإعلامية إلى الاستعانة بخطة 360 درجة أي الدورة الكاملة بحيث تقوم المؤسسة الإعلامية بتحديث دائم على الانتشار والوجود من خلال ما هو ممكن و متاح من وسائل آليات للوصول إلى عدد أكبر من الجمهور.

وبين السلب والإيجاب لحالة التواصل الاجتماعي تحدثت د. شفيعة عن تأثير وسائل التواصل على الأفراد والجماعات قائلة: “من التأثيرات السلبية والإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي هي أعراض نفسية تتجلى بالانعزال في غرفة صغيرة ليكون العالم بين يدي المستخدم، ويعتبرها بعض الأطباء النفسيين هي حالة من السكون والخمول حيث يفقد المرء متعة الحياة من مغامرة وتشويق وتعارف مباشر والاطلاع القريب على التجارب.

2 – انتهاك الخصوصية وهدر الوقت ومشاكل زوجية متعددة ذهب بعض الأطباء إلى أن من إيجابية التواصل الالكتروني هو أنه يسمح للمشترك بالبوح ما في نفسه من دواخله دون خوف أو خجل.

3 – المخاطر التي يواجهها المجتمع بغياب الضوابط والتوجيه لمستخدمي التواصل الإلكتروني .

أما عن كيفية المعالجة فكان الجانب الختامي لمحاضرتها حيث أشارت إلى النقاط التالية: 

– محاصرة الفاحشة في عدم نشرها وتوعية الناس بأساليب متعددة عن أضرارها لغربلة ما ينتشر وتمييز الطيب من الخبيث في هذه الوسائل. 

و إيجاد بدائل من النشاطات الجاذبة و الترفيهية و التطوعية للمراهقين و الأطفال داخل الأسرة.

 أما بالنسبة للتوصيات والمقترحات فهي:

1- سن قوانين رادعة لمراقبة المحتويات الإعلامية و الاتصالية المستوردة من الدول الأجنبية  2- اخضاع المواد الاعلامية المستوردة من الوكالات الإعلامية الأجنبية لعملية المراقبة .3- تفعيل الإعلام المحلي و دور السينما في الدول العربية لترميم و تغطية العجز المسجل في الشبكات البرامجية العربية.

 4- تفعيل دور المؤسسات الاجتماعية (الأسرة – المدرسة …) من خلال قيامها بمراقبة ما يشاهده الشباب و الأطفال.

 5- تعريف الشباب بأخطار التكنولوجيا الاتصال من خلال دورات تدريبية في المدراس و الجامعات و مختلف المؤسسات.

6- العمل على تنمية الوازع الديني.

7- المراقبة الذاتية لأنفسنا أثناء استخدام هذه الوسائل.

 8- إجراء المزيد من الدراسات عن فرضيات  كل نموذج لتلقي و نموذج المجال العام و تطبيقاتهما في مجال الدراسات الميدانية على فئة الشباب.

 9- ضرورة الانتباه لخطورة تأثر مرضات الاتصال الاجتماعي بإجراء المزيد من الأبحاث.

 10- دعم التوعية الأسرية و الإعلامية بالمخاطر الاجتماعية و الأخلاقية الناجمة عن استخدام هذه الوسائل.

 11- وضع برامج إعلامية توعوية للشباب لترشيد استخدام تلك الشبكات ,وإصدار نشرة إعلامية إرشادية جامعية توزع داخل الجامعة لنشر الوعي لدى الشباب بضرورة الاستفادة من الانترنت بشكل إيجابي.

و يجب على المعنيين بالمجتمع أن يتلقوا إلى أن الدول الكبرى تعتمد على إضعاف المجتمعات العربية ليسقطوها ومن ثم ليمسكوا بها كوسيلة احتلال جديدة، وبعد زوال الاستعمار المباشر وإحدى طرق الوصول إلى ذلك إضعاف الأسرة العربية لما في ذلك من تأثير على ضعف المجتمع لسهولة الإمساك به.

 سلمى حلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار