الوحدة 5-1-2021
أيّتها الآلامُ الموجعةُ, ما أقساكِ! وما أشدّ ألمكِ وأنتِ شوكٌ يقضُّ مَضجعي! فلا أرى إلى نومي سبيلاً, ولا أجدُ إلى وصالكِ طريقاً.
هي الآلامُ موجعاتٌ أعيشُها وقد فارقتْني, فسقتْني الآهاتُ مُرَّ الشّراب، من عيني قد انسكب, وصرتُ أبتلعُ الغصّةَ تقهرني, وأجدُ نفسي مُرتجفاً, يلتحفني الشّوقُ, وأضلعي براها تكسّرٌ ما زال يؤلمني, فلا قلبٌ يسكنُ بين الضّلوع, ولا جفنٌ يرفُّ لنومٍ مستراحٍ.
هي الّليالي تُعاتبني, وتسألُ عن القمرِ الـ غَابَ ضياؤهُ, فأصبحتِ الأماسي ركاماً منْ قلقٍ يشتاقُ الصّباحَ, ويبحثُ عن داليةٍ يُعشّشُ الضّوءُ فيها, وينثره قطراتٍ من ندًى صافٍ, حيثُ العصافيرُ تُنقّر عناقيدَ الحُبّ فيها, فتُزهرُ حياةٌ, وأراها قد باحتْ بسرِّنا, وانتشرَ الحُبُّ كالعبق يفوح شذًا من الأزاهير.
أيا حبيبتي وأنتِ بوحُ شوقٍ, وعشقُ غرامٍ, وأنتِ هيامُ صَبّ يُقلقلني ويؤرّقني, ارفقي بي, فقد اتّقد الجمرُ في أضلعي شوقاً, فأصبحتُ رماداً تطاير في الهباء, وصرتُ ليلاً حالكاً كما ليلةٌ عمَّ ظلامُها في ليل الشّتاء.
ها عمري يمضي والخيباتُ تمشي بلا توقّفٍ تتزوّد من آهاتي وأوجاعي وغربتي من نفسي وعنها تُوجعني وتؤلمني, فأراكِ تارةً حبيبةَ عمري الّتي أشتاقها وتشتاقني, وأراها على هدبي وتراني كما تشتهيني, وتارةً أراها غير ما أراها فأجدها ساعيةً للانتقام على الدّوام.
ما أقساكِ يا حبيبةَ عمري! وما أظلمَ ليلي وقد غاب عنه الضّياء! ما أشدّ ألمي وأنتِ عَكَرٌ يعومُ على وجه المساء! وما أبهاكِ وأجملكِ وأنتِ صفوٌ يعكس وجهَكِ ضوءُ البدر في ليل التّمامِ.
نعيم علي ميّا