الوحدة: 28- 12- 2020
لقد قدمت سورية للحضارة الشيء الكثير من احتضان الإنسان منذ مليون عام إلى الأبجدية الأولى إلى التدوين الموسيقي واكتشاف السلم الموسيقي السباعي قبل فيثاغورس بحوالي 800عام, كما قدمت العديد من الملاحم العالية المستوى الفكري كما قدمت الأباطرة والملوك والمهندسين والعلماء ولذلك حملت لقب مهد الحضارات عن جدارة، هذا ما قدّمه الأستاذ زياد عجان في بداية محاضرة بعنوان (سورية.. والموسيقا) في جمعية عاديات اللاذقية، والتي تعنى بالتراث والتاريخ وأستاذنا الكريم مفكر وباحث ومؤلف موسيقي غني عن التعريف لما له من اجتهادات في البحث والكشف والتنقيب عن حضارة أجدادنا العريقة والأولى في التاريخ ، فكان أن سلط الضوء عن أهم اكتشاف في أوغاريت فقال: الرقيم الموسيقي hl6تم العثور على هذا الرقيم الطيني والمكون من ثلاث كسرات تم استكمالها عام 1968 في القصر الملكي ويتكون من الأقسام الآتية: اللحن الديني المكرس للربة نيكالا ويتكون نص اللحن الديني من أربعة أسطر مكتوبة على وجه وظهر الرقيم، والقسم الثاني مكتوب على الوجه فقط ويوجد فيه فاصلات موسيقية عددها (33) والقسم الثالث الذي سجل فيه اسم المقام والمؤلف والكاتب.
وقد جرت العديد من المحاولات لفك رموز هذا الرقيم وذك منذ عام 1971 وحتى عام 2010 حيث قمت بتفسير جديد لهذا الرقيم إضافة إلى أنشودة الابتهال التي مر ذكرها فإننا نلمح من خلال النصوص الأوغاريتية المكتشفة مقاطع عدة تدل على الغناء والعزف غني إكراماً لبعل .. وراح يرتجل ويشدو الطجان في يدي …البطل ذو الصوت لجميل يشدو إكراماً لبعل الساكن في أعلى الجبل وفي مقطع آخر نلحظ الآتي: أشد وأسمع بعض الموسيقا .. من القيثارة والناي من الطبلة والصنجين .. من الصيجات العاجية وفي ملحمة الملك دانييل وعند ولادة ابنه البكر نرى الآت : وإلى مسكنه يسرع .. ويأتي الفنانون إليه والبنات ذوات الصوت الحلو ..والعصافير المغردة وفي ملحمة (كارت) يطلب الملك من ابنته المساعدة في تقديم الأضحية قائلاً لها: خذي الدف بيدك ..والطنبور احضنيه وقفي مكانك مع مغنيات الملك وقدمي طلباتك على أنغام الموسيقا فإن الرب سيصغي إليها الآلات الموسيقية المستخدمة في أوغاريت هي : الآلات الإيقاعية (الدف، الطبول، الصنوج بنوعيها العاجي والبرونز) آلات النفخ ( الناي والبوق) الآلات الوترية (القيثارة أي الكنارة والطنبور أي العود).
وقد عثر في أوغاريت على صنج من البرونز في بيت رئيس الكهنة كما عثر على دمية طينية تعود إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد تمسك بيدها الصنوج وعثر على بوق من عاج الفيل في القصر الملكي.
وتحدث مطولاً أيضاً عن الموسيقا السورية السريانية حيث كان اهتمام السريان ومنذ العصور القديمة واضحاً ولأسباب ثلاثة : مناهضة ألحان الوثنيين وأصحاب البدع وثانياً للاستعانة بها على النشاط في عبادة الله وثالثاً تنبيه الحواس إلى إدراك الصلاة ويوجد كتاب يحتوي على 550 نشيداً واسمه مستودع الألحان ويضم ألحان الكنيسة السريانية الانطاكية منذ تأسيسها في القرن الأول للميلاد وحتى القرن الثاني علماً بأنه كان يحتوي على 2500نشيد ولم يتبق منه إلا الأناشيد المذكورة، والموسيقا السريانية عرفت السلم الموسيقي السباعي كما عرفت المقامات الموسيقية.
وأشار الأستاذ عجان إلى المقامات الموسيقية السريانية وما يقابلها اليوم كما ذكر أسماء أهم الموسيقيين السريان القدامى وأكد أن موسيقا الكنيسة المسيحية في الشرق وثم في الغرب ترجع إلى أصول سورية كما ذكر أسماء الأعلام ومؤلفاتهم وجاء على الأعضاء المؤسسين للنادي الموسيقي في اللاذقية عام 1946 وقد استفاض بحديثه عن المبدعين والأوائل في قراءة النوتة الموسيقية وتدوينها وأول من ألف في الموسيقا ودرس فيها وهو الأستاذ محمود عجان وغيره الكثيرين محمد عبد الكريم (أمير البزق) وكميل أول عازف بيانو بالوطن العربي وأدخل الأوبريت لأول مرة في التاريخ العربي الموسيقي وسامي الشوا( أمير الكمان) وغيرهم الكثير.
هدى سلوم