التجـّـــــار: «فهموا إعلاناتنـــا غلــــط»

العدد: 9305

الخميــــــــس 28 شـــباط 2019

تكاد لا توجد واجهة محل في أسواق وأحياء وشوارع المدينة تخلو من عبارة التنزيلات والتخفيضات، فكلمة تخفيضات لها وقع سحري على الكثير من شرائح المجتمع، وبمجرّد أن تعلن المحلات التجارية عن عروضها نجد أغلبية الناس تتهافت إلى الأسواق لشراء حاجياتهم مما تقدّمه عروض التنزيلات.
تنزيلات تفتقد للمصداقية
وفي قلب السوق نرى العبارات الرنّانة والتي يمكن أن تكون مغرية للمستهلكين إذا كانت حقيقية، وأمام وقعها يستغل بعض التجار سحر هذه الكلمة لنصب فخّ باسم التخفيض أم أنّ الحقيقة عكس ذلك، وفي كلتا الحالتين ما نشاهده هو عبارة عن إعلانات وهمية لا صحة لها!. وحتى تكتمل الصورة بعمق أكثر التقينا شرائح متعددة من المواطنين لمعرفة حقيقة التخفيضات وتحدّثنا مع باعة وتجار وجهات معنية لبيان رأي كل منهم.
فوجدنا المحلّات تتسابق إلى الإعلان عن التنزيلات حتى أصبحت عنواناً للعمل التجاري لجذب المستهلك أو الزبون، وأمام ما تقدّم سنحاول أن نصف ذلك وصفاً كافياً بتسليط الضوء على المحلّات المختلفة التي تشهدها الأسواق بتنزيلات على الكثير من المنتجات المتنوعة.
وسيلة لإيقاع الزبون
* حدثتنا السيدة /سمر محمود/: نحن المستهلكين لا ندرك الغاية من التنزيلات وأحكامها في القانون، ونلاحظ أنّ ما تقوم به المحلات التجارية من عروض وتنزيلات هي أحياناً وهمية وتفتقد للمصداقية، وإنّ السلع التي تدخل ضمن عروض التنزيلات محدودة جداً ولا تشمل السلع التي تحظى بإقبال المستهلك لها، فنسبة التنزيلات الفعلية لا تتعدى «20-25 %» وبالمقابل تعلن الملصقات على واجهات المحلّات التجارية بأنّها تصل «75-80 %» وفي الواقع هذه الشعارات الرنّانة لا تنفع المستهلك لأنّه في واقع الأمر عندما نشاهد هذه النسبة المرتفعة نسارع لدخول المحل لشراء السلع فنفاجأ بأنّها تُباع بسعرها الحقيقي ويقول البائع بأنّ هذه البضاعة لا تشملها التنزيلات، لذلك أقول بأنّ غالبية التنزيلات وهمية وغالبية الإعلانات مزيّفة، وإن هذه العروض ضمن الواجهات ماهي إلا وسيلة لإيقاع الزبون.
ننتظر الموسم ونفاجأ بالأسعار
* السيّدة إيمان حميشة ومن ناحية أخرى ترى أنّه ليست جميع المحلات تعلن عن تنزيلات وهمية فهناك محلات تجارية تلتزم بتنزيلات حقيقية وغالباً تكون محلات ذات علامات تجارية وماركات معروفة غير إنّها قليلة، فالكثير من المحلات في أسواقنا تعلن عن تنزيلات غير حقيقية ووهمية وهي لا تخدم سوى مصالحهم التسويقية والربحية، فالتنزيلات لا تشمل كل البضاعة، فنحن ننتظر موسم التنزيلات لكننا نتفاجأ بالأسعار، وأعتقد بأنّ ما تشمله انخفاض في السعر هي بضاعة كاسدة في المخازن وأغلبها لم يتم تصريفه فيقوم التاجر بعرضه تحت شعار تنزيلات كبرى لجذب انتباه المتسوقين وهذه البضاعة لا تستحق حتى سعر التصفية، وحتى اللحظة لم نتوفق بشراء قطعة مميزة بسبب انعدام الموديلات الجديدة التي تواكب الموضة، وأبدت انزعاجها من عدم وجود مقاسات مناسبة فمعظم البضاعة الولّادية منها والنسائية والرجالية التي عليها تخفيضات لها مقاسات وألوان وموديلات محددة.
* السيدة عبير أحمد ترى بأنّ الأسعار ليست لنا ربما تكون لأصحاب المحال والتجّار فقط فهم يبيعون وعائلاتهم تشتري، فالعائلات ذات الدخل المحدود لا تستطيع شراء الألبسة من الأسواق بداية الموسم وخاصة أنّ سعر جاكيت الجوخ تبدأ من /20 ألف ليرة/ لذلك ننتظر موسم التنزيلات علّ وعسى نستطيع شراء واحدة للشتاء القادم.
* /مصطفى إبراهيم/ يقول: ارتياد المواطنين اليوم للأسواق هو فقط لتتبع موسم التنزيلات، حيث إنّه لا يشتري الألبسة في موسم الشتاء بل ينتظر التنزيلات حتى يتسنى له أنه يشتري لأولاده الثلاثة وزوجته فربما تكون الأسعار أرخص.
* /سهى علي/ ربّة منزل، كل عام ترتاد السوق في موسم التنزيلات كما تقول لأنه ليس باستطاعتها أن تشتري لجميع أفراد أسرتها مع هذا الغلاء غير المسبوق، وتتساءل ماذا يمكنه أن يفعل المواطن مع هذا الغلاء؟
لا سبب مقنع للأسعار الجنونية
وأيضاً لا تجد الموظفة /حنان صقر/ التي تعمل في مؤسسة حكومية أي سبب مقنع لهذه الأسعار الجنونية للألبسة الصناعية المحلية أو الماركات التي كما تقول، إنّ هناك نسبة محددة للأرباح يحق للتاجر أن يضعها ولا يمكن أن تصل إلى هذا الحد و تتساءل عن دور حماية المستهلك في ضبط الأسعار.
نسب الأرباح غير كافية
لاحظنا خلال الجولة أنه لا التزام بالإعلانات على واجهات بعض المحال فالأسعار لاتزال مرتفعة مقارنة بما يطلقون عليه نهاية الذروة الموسمية ودخل المواطن بالمحافظة بشكل عام، فسعر الحذاء في مرحلة التنزيلات يتراوح بين /6آلأف و25ألفاً/ أما الجاكيت الشتوي فيتراوح سعرها بين /9آلاف و30 ألفاً ليرة / والحقيبة النسائية بين /4آلاف و10آلاف ليرة/ حسب تصنيف السوق بين الشعبي و«العبّارة». لا يجد بعض الباعة نسب الأرباح المقررة كما حددتها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالقرار رقم / 169/ مناسبة أو كافية، بينما وجدها آخرون مناسبة ويعملون على تطبيقها وبحسب رأي أحد الباعة الذي قال: إن هذه الأسعار معقولة جداً مقارنة مع ما ننفقه من أجار المحلات وفواتير الخدمات وإنه يطبق نسب الأرباح المحددة في القرار رقم /169/. ومن خلال متابعتنا وما يندرج على عاتق البائع وللوصول إلى معرفة ما تقدم نشير في هذا السياق إلى أنّ رأي الباعة كان مخالفاً إذ قال البائع / قيس صالح/: أرفض وصف التنزيلات بالوهمية، حيث إنّ معظمها حقيق وهناك الكثير من المواطنين من مختلف الشرائح الاجتماعية والعمرية يقبلون على شراء البضاعة المعروضة في التنزيلات وخاصة أصحاب الدخل المحدود والذين هم أكثر استفادة من غيرهم من موسم التنزيلات كونهم معنيين أكثر من غيرهم بالسعر، وزاد موضحاً بأن التنزيلات هي عرف عالمي في عالم التجارة والأسواق، وللمصداقية أقول هناك نوعان من البضاعة في المحلات، بضاعة مشمولة بالتنزيلات وأخرى غير مشمولة، ونحن نقوم بالتصريح عن البضاعة المشمولة بالتنزيلات ولكنها بشكل عام لا تشمل كل البضاعة، فقد بدأ موسم التنزيلات مع نهاية موسم الشتاء ونحن نعلن عن تنزيلات تتراوح 40% حتى 50و60% وهذا يعتبر تقليداً موسمياً من شأنه أن ينشّط حركة السوق بعد فترة من الركود فهو يزيد من إقبال المستهلكين على الشراء بسبب انخفاض الأسعار.
نسبة الأرباح المحددة لا تنصف التاجر
وفي معرض ردّه على تكهنات البعض من المواطنين الذين يصفون هذه التنزيلات بالوهمية وغير الصحيحة دافع أحد أصحاب المحلات/ مهند آغا/ فقال: أفضل بيع البضاعة بنصف القيمة بدلاً من الاحتفاظ بها في المخازن للعام القادم لأن موضتها ستنتهي، وإن ضعف القدرة الشرائية تدفع بالتجّار إلى إعلان التنزيلات على موجودات المحلات، ونوّه بأنّه على الرغم من انتقاد التنزيلات فإنّ إقبال المستهلكين وخاصة في موسم التنزيلات كبير وللعلم الإعلان عن التنزيلات محكوم بالقانون.
يقول بائع آخر: إنه من الطبيعي أن تكون الأسعار مرتفعة فسعر الجاكيت الذي يبيعها بـ /20 ألف ليرة/ عادياً مقارنة مع ارتفاع تكاليف الاستيراد وأن النسبة المحددة من قبل وزارة التجارة الداخلية لا تنصف تاجر الجملة والمفرق لأنه كما يقول: نفقات كبيرة تقع على عاتق البائع من أجور نقل البضاعة وأجار وفواتير كهرباء وغيرها.
ويقول / ياسر مخول/: إنّه في محله يمكن أن يصل سعر الجاكيت إلى /30 ألف ليرة/ كونها مستوردة وهذا أمر طبيعي فالقماش الأجنبي ليس كالوطني، والتبريرات التي يضعها أصحاب المحلات تزيد من قلق المواطن وخوفه من ارتفاع الأسعار أكثر فأكثر: ويتساءل عن سبب ارتفاع أسعار الألبسة المستوردة والوطنية حتى يصل سعر الحذاء بين /12و15 ألف ليرة/ وسعر الجاكيت ما بين /12و20 ألف ليرة/ وسعر البيجاما/10آلاف ليرة/.
ضبوط لم تنفع
إن مفهوم الأسعار يعد تأشيراً اجتماعياً للمواطن مقترناً تماماً بالقوة الشرائية وطبقاً لما ورد رغبنا أن نتقصّى حقيقة موسم التنزيلات قانونياً والمواد الناظمة له والإجراءات المتخذة بالرقابة والمتابعة التي من شأنها ضمان حقوق المستهلك، فكان لنا وقفة مع المهندس بسام كامل رئيس دائرة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية الذي حدثنا: هناك رقابة ومتابعة على الأسواق من قبل دوريات حماية المستهلك عبر جولات ميدانية يومية على الأسواق والمحلات والكشف إذا كانت هذه العروض أو التنزيلات حقيقية أم أنها عروض وهمية حيث تقوم الدوريات بالرقابة والكشف والتدقيق بالفواتير المتداولة بين حلقات الوساطة التجارية وسعر مبيع السلعة قبل وبعد التنزيلات، وإذا ثبت أنّ هذه العروض تضليلية فإن التاجر أو البائع أو المنشأة التي قامت بذلك تقع تحت طائلة العقوبات القانونية. وأكّد كامل وجود ضبوط صارمة لمراقبة عملية التنزيلات وتماشياً مع القوانين المرعية منوهاً بتفعيل دور الرقابة الإيجابية حيث تقوم دوريات حماية المستهلك بتنبيه البائع وتوعيته وإعلامه بما لديه من مخالفات قبل وبعد التنزيلات والعمل على تلافيها خلال مهلة معينة قبل اتخاذ الاجراءات القانونية بحقه، وذلك لأن موسم التنزيلات يخضع إلى قوانين وتّراخيص حيث ينبغي على الفعالية التجّارية أو التسويقية تقديم طلب للحصول على رخصة تنزيلات وبدونها لا يمكن لأي محل تجاري في الأسواق مزاولة التخفيضات، ومن خلال المتابعات تم تنظيم أكثر من 20 ضبطاً منذ بداية كانون الثاني ولغاية 25 شباط.

بثينة منى 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار