الوحدة: 21- 12- 2020
أقدم جمعية في القطر تولد عام 1924م حلب لتكون الأم لبقية فروع أنشئت في عدة محافظات، وغطى نشاطها وجمالها مساحة سورية وأطرافها، وما هي غير سنوات قليلة وتحتفل قريباً بعيد ميلادها المائة عام .ولهذا تجد أغلب أعضائها والمشاركين فيها من كبار السن بقامات أكاديمية وفكرية وأدبية وأصالة متجذرة في عمق التاريخ والتراث، فهم من أمة الحضارة وأهلها، أشرقت على العالم بأبجديتها فكانت مهد حضارات الأمم.
زرنا الجمعية في إحدى المحاضرات التراثية وكان الحضور مهيباً, مجموعة كبيرة من رجال ونساء يتجاوز عمر أصغرهم الستين, اختبروا الحياة وخاضوا في تجاربها واستندوا في طرقاتهم الوعرة على ما ترك ورسم في خطوات الأقدمين, ولنتعرف عليهم دار حديث مطول حول الجمعية ونشاطها في لقائنا مع السيدة إيفيت الحلو_ المسؤول الثقافي في جمعية عاديات اللاذقية حيث قالت بداية :
سميت بالعاديات نسبة إلى اشتقاق الكلمة وفعلها عاد، أي العودة إلى الماضي البعيد الذي يعبق بالتاريخ المجيد والحضارة والتراث وهو الهدف الرئيسي للجمعية، ويرافقه أهداف أخرى متنوعة ومتلونة منها الاجتماعي والترفيهي والسياحي لتعرف الناس بالأماكن السياحية في سورية سواء كانت قديمة أو حتى حديثة .
قمنا بالعديد من الرحلات السياحية نقصد فيها الأماكن الأثرية والتاريخية العريقة وأخرها في الصيف إلى طرطوس وحصن سليمان وبانياس وقلعة الحصن وكنا حينها قد مررنا على مدينة جبلة لزيارة جامع السلطان إبراهيم ومدرج جبلة الروماني الأثري، كما قمنا برحلات خارجية منها إلى (تونس، مصر، الأردن، إيران، تركيا، ماليزيا، اسبانيا، الصين)
لقد خفت نشاطاتنا بسبب كورونا، وكانت قبلها قد هدأت وأغلقت أبواب نشاطات الجمعية بسبب الحرب منذ 2011 ولغاية 2019، لكننا عدنا لمزاولة عاداتنا وفعالياتنا الثقافية والترفيهية، وأولها المحاضرات التاريخية والتراثية ليكون أربع محاضرات في كل شهر،معظمها تتناول الحديث عن شخصيات تاريخية لها دور مهم في مجريات الأحداث وذات حضور حتى بعد الغياب إن كان الدور دوراً عسكرياً أو ثقافياً أو في التراث والآثار والفكر والأدب ولا نقارب السياسة والدين، وأود أن أشير إلى أن الجمعية لها عطلة صيفية في شهري تموز وآب من كل عام تقف فيها النشاطات وتعاودها في شهر أيلول، وكنا هذا الصيف قد استقبلنا أصدقاء من عاديات حلب في الأول من آب وقبل العطلة لنلاقيهم في رأس شمرا حيث كانت لنا معهم جولة موسعة تعرفوا فيها وتبينوا بملامسة الأطراف والعيون جمالية المكان وأهميته وقيمة كل حجر وحرف فيه .
وأيضاً من جديد الجمعية ونشاطها (اقرأ مع العاديات) وهو نشاط دوري شهري يوم الأربعاء من كل أول شهر وبدأناه بقراءة كتاب للأديب الراحل عبد الله عبد (مات البنفسج) وكانت الجلسة ممتعة ورائعة بالتفاعل والقراءة والمناقشة والحوار الذي دار بين الحضور،
ولدينا منتج ثقافي (مجلة العاديات) فصلية تصدر كل ثلاثة أشهر مرة وتعنى بشؤون التراث والفكر تصدرها عاديات حلب .
كما نعقد الاجتماعات عند الضرورة وفي كل أول شهر للتباحث في شؤون الجمعية وطرح المشكلات على طاولة النقاش لتكون لها الحلول، فلنا مجلس مؤلف من ستة أعضاء رئيس الجمعية ونائبه والمحاسب ومسؤول (ثقافي، إعلامي، العلاقات العامة ) وأمين السر.
العاديات لطالما تجري أمورها بخير وسلام ولا نعاني من صعوبات إلا من قلة السيولة وماء الحياة فيها، وهي كما غيرها اليوم تعاني من القلة والغلاء الذي تفشى في البلد وتحتاج لبعض الدعم المادي، كما أن الشباب لا يترددون على الجمعية وتفتقد وجودهم ولربما يعود السبب إلى تغيرات العصر وما يحمله طابعه اليوم من إنجرارهم وراء التقنيات الحديثة وتطبعهم بالنت والحداثة التي طالت العالم بأسره، وانشغالهم بدراستهم ومتطلبات الحياة, ولنا محاولات في جذبهم واستقطاب انتباههم عسانا ننجح.
هدى سلوم