عزف منفرد..

الوحدة 10-12-2020

 

وحده فنجان قهوتنا الصباحي يذكرنا أننا لازلنا حديث المطر والشرفات..

 نتنفس برئة الوقت، نرش العطر على قمصان الخيبة، نجدل ضفائر التعب ونركض عكس اتجاه عقارب ساعاتنا الموشومة بحزن دفين وغصة في القلب!

وحده فنجان قهوتنا الصباحي يترك لنا فسحة للتأمل، وتصفح جرائد الحنين، ومحاورة ما بقي من جنوننا، وكأننا نهرب من مقصلة الأحاديث اليومية، ونشرة الطقس، وإحصاء أرقام ضحايا الوباء، وأسعار فقدت السيطرة على اتزانها، وراتب ظل واقفاً في منتصف الدهشة وبدأ يعيد مبادئ الحساب والصرف ألف مرة!

في ظل هذا الماراثون اليومي، والوجوه الغائمة، والأرصفة التي كتبت قصائد حزنها فوق جباه أطفال في عمر الدراسة بدؤوا يبيعون أشياءهم الصغيرة بثياب ممزقة وعيون لم تتذوق حلاوة الحلم منذ مدة طويلة.. لنا أن نتساءل عن نجمة هاربة من دفاتر أيامنا.. أو موجة تركت كراسات الرسم والضياء وبحر الطفولة وراحت تركض في الوحل..

لنا أن نفتش عن مطر يتساقط من سماء القلب ولا يتعب.. عن ليلة ميلاد بكينا فيها  فوق وسادتنا ولم نجد من نرسل له همومنا وشجوننا.. وكتبنا رسائل الصمت التي أزهرت فوق رفوف العمر وكأننا نتذكر في كل مرة رسالة فانكا الصغير في رواية (تشيخوف) وهو يبث الى جده معاناته ووجع الطفولة لأنه يعمل لدى (اسكافي) قاسي القلب، وعلى غلاف الرسالة يكتب (الى قرية جدي)، دون عنوان محدد أو طابع بريدي أو تاريخ، وينام مطمئنا رغم البرد والحرمان إلا أن رسالته ستصل إلى جده بينما يواصل العالم احتفالاته في تلك الليلة العظيمة غير آبه بآلامه والتي هي قد تكون انعكاساً لألم الكثيرين ..

وحدها أوراقنا وأقلامنا وقيثارتنا الى اضطررنا مراراً إلى الدفاع عنها بدلاً من العزف عليها.. تكمل بقية الحكاية!

منى كامل الأطرش

تصفح المزيد..
آخر الأخبار