تجربة شعر الأطفال عند سليمان العيسى

الوحدة 10-12-2020

 

أقام المركز الثقافي العربي في عين الشرقية محاضرة بعنوان: (تجربة شعر الأطفال عند سليمان العيسى) قدمها السيد علي إبراهيم. بدأ المحاضر بالتنويه بالجوانب الوطنية والقومية والإنسانية والتجربة النضالية التي امتدّت قرناً من الزمن مشيداً بها وبشاعريته الفذة . وأعطى مثالاً على أنه شاعر العروبة الذي آمن بالانتماء إليها بقوله : وأبْعَــدُ نحنُ مِنْ عَبْـسٍ وَمِنْ مُضَـرٍ .. نعـمْ أَبعَـــدْ

لَنــا بلقيـــسُ والأهـرامُ والبَـــرْدِيُّ والمَعْبَـــــــــدْ

حَمــورابي وهاني بَعْلُ بَعْــضُ عَطــائِنا الأَخْلَـــدْ

وَمِــنْ زَيتونِنا عيســـى ومِـنْ صحــرائِنا أحْمَــــدْ

ومِنّــا النّاسُ – يَعْرِفُهــا الجَميــعُ – تَعلَّمــوا اَبْجَــدْ

وكُنّــا دائِمــاً نُعْطـــــي وكُنّــا دائِمــاً نُجْحَــــــــــدْ

وقد كان شاعر البعث ومؤسس حركة نضاله مع كوكبة من شباب اللواء ورفاقهم الطلاب في دمشق وبغداد وعلى رأسهم المفكر زكي الأرسوزي مبشرين ببزوغ فجر البعث يقول:

أرى وطن  الأحرار قد طال ليله‏         غداً يشرق الصبحان البعث والفجر .

تصدق البشارة فيتأسس البعث ويبدع الشاعر نشيده الخالد: يا شباب العرب هيا وانطلق يا موكبي وهو الشاعر المتجذر في تراثه العريق ولكنّه ابن الغد المتطلع إلى المستقبل: رست في تربة الماضي جذوري وكل كليلة في الترب ترسي ولكني لكي أنمو وأحيا أنا ابن غد ولست ابناً لأمس نوه السيد علي : على أن الشاعر ولد في قرية النعير “حارة بساتين العاصي “وتتلمذ على يد أبيه الشيخ أحمد العيسى شيخ كتاب القرية وحامل راية تنويرها فيحفظه القران والمعلقات وقصائد المتنبي وسواه وكان البيت هو المدرسة : في الحارة الصغيرة في بيتنا القرميد عاش أبي يكافح الأيام يا صغار يعلم الصغار والكبار في بيتنا يعلم القرآن والصرف والنحو وحسن الخط والبيان شيخ يحب الناس مبصرين ويتابع الشاعر رحلة الحياة بعد نزوحهم من اللواء في اللاذقية وحماة ودمشق وبغداد مع رفاقه وأستاذه الذي يحبّه ويجله ويتحدث عنه باحترام ويقول: الأرسوزي وجهنا وعلمنا وغذانا وأعطانا طريق الحياة عشنا أربع سنوات في بيت واحد بحي السبكي في دمشق بلا نوافذ .وفي هذا البيت ولد حزب البعث وأنا نسخت بخط يدي العدد الأول من جريدة البعث 16 صفحة ورسم رسومه أدهم إسماعيل أضاف السيد علي: بدأ الشاعر الكتابة للأطفال منذ عام1967مستمراً حتى عام 2013 وفاته وتعد تجربته الأولى والاهم في الوطن العربي من حيث غزارة الإنتاج وتنوّع الموضوعات وسعة الانتشار وغناها بالقيم التربوية والوطنية ولم تلق الاهتمام الذي تستحقه لا بل استبدلت أناشيده في المناهج بأناشيد لا ترقى إلى المستوى المنشود وقد تسابق أعضاء لجان التأليف لتسويق أناشيدهم لتكون البديل الأمثل . ولم ولن تكون . وتجربة الشاعر مع الأطفال هي تجربته الإنسانية والقومية والفنية ذاتها وقد أراد الشاعر نقلها إلى الأطفال بلغة تناسب سنهم وتطلعاتهم ولكم نحن محظوظون كوننا من الأجيال التي تربت ونشأت على أناشيده الرائعة التي سرعان ما حفظناها ولا نزال نرددها ونتغنى بها . واستعرض السيد إبراهيم : بعض تلك الأناشيد وما تحمله من قيم ومضامين تربوية تهذب النفس وتقوم السلوك من مثل : عصفور طلال شلال جمال منقار أحمر ما أحلى وجناح أخضر ما أغلى في الجو يحلّق عصفوري ويعلمني درب النور هانحن رفيقان أهواه ويهواني عصفور طلال شعر وجمال ونشيد وطني وما يحمله من القيم الوطنية : وطني أشجار وظلال وترابك قمح وغلال وطن الأبطال.. وطن الأمجاد يتسلّح بالعلم لا يركع للظلم ..أتفيأ ظلك يا وطني وأحب ترابك يا وطني ونشيد الفلاح صديق الحقول الأبدي ومقدم خيراتها : القبلة الأولى من الصباح لجبهة الفلاح لمعول الفلاح لساعد الفلاح الساعد المفتول تحبه الحقول تعطيه ما يشاء من ثمر المجد للفلاح ونشيد النجار الذي يعلم حبّ المهنة واحترام أصحابها ومتقنيها عمي منصور نجار يضحك في يده المنشار يبدع في يده المنشار ونشيد المدرسة: نشيد النور في شفتي تعيش تعيش مدرستي أحب معلمي الغالي احبك يا معلمتي أرى علمي أرى وطني أرى الدنيا بمدرستي ختم السيد علي إبراهيم محاضرته بالقول: تلك كانت إطلالة سريعة على حديقة الشاعر الكبيرة والجميلة والغنية بأزهارها وورودها ولا نجانب الصواب إذا قلنا إنها حديقة مميزة أبدعها صاحبها وأودع فيها روحه وفكره وثقافته وتجربته فجاءت تحفة فريدة تستحق أن تزار مرات ومرات ويستحق صاحبها منّا كل التقدير والاحترام والخلود في الوجدان رحمه الله وطيب ثراه .

معينة أحمد جرعة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار