المسابقة العربية الأولى لأفضل قصة قصيرة جداً

الوحدة: 7- 12- 2020

 

طالت أم قصرت الحكاية، هي صورتنا ومناجاتنا عبر الزمن… على ضفاف الصباحات والليالي ترسم الرؤى وتنسج البوح بكل أطيافه.

القصة القصيرة جداً، قالب أدبي جميل، يلتقط زمن يعلقه على صورة تحمل كل ملامحنا، وعند هذه الملامح توشم القصة.

القصة القصيرة جداً، انتشرت انتشاراً سريعاً كنوع أدبي، وفرض نفسه على الساحة الأدبية بقوة، سورياً وعربياً وعالمياً، وقد ساعد في انتشارها وجود الأنترنت والفضاء الإلكتروني الواسع، وقد تميزت القصة القصيرة جداً في سوريا بنوع المحتوى وقيمة الأدب فيها وكتابها من حملة الشهادات والكفاءات والمبدعين فصار وجودها يحمل روحها الغنية الشفافة، وتضم أسماء مهمة في عالم الأدب والثقافة، الأمر الذي ميزها بنوع نشاطاتها وملتقياتها في المراكز الثقافية في مختلف المحافظات السورية، وعبر الأنترنيت مع الوطن العربي والعالم، يقوم بإدارة الرابطة بالإضافة إلى مديرها عدد من الكتاب العرب في سورية وخارجها.

في المسابقة الأولى عربياً والتي تنطلق من سوريا كان لنا هذا الحوار مع مؤسس رابطة القصة القصيرة جداً في سوريا الدكتور الجامعي والأديب (د. محمد ياسين صبيح ) فقال لنا في لقاء مع جريدة الوحدة حول المسابقة الأولى للقصة…

– عبر عمرها الزمني إلى اين وصلت القصة القصيرة جداً السورية والعربية؟

بدأ الكثير من الكتاب بتجريب كتابة قصص قصيرة مختصرة باكراً ومنذ بدايات القرن العشرين لعلَّ أولَّ ظهور للقصة القصيرة جدًّا كان مع الكاتب الأمريكي الشهير (إرنست همنغواي)، عام 1925م، مع نصِّه الأشهر الذي عنونه بعبارة (قصة قصيرة جداً، الذي لا يتجاوز عدد ألفاظه ست كلمات، وهو كالتالي: (للبيع، حذاءٌ لطفلٍ لم يُلْبَس قطُّ)، ثم توالت بعد ذلك، كتابات مُشابِهة، عن كُتَّاب ينتمون إلى أمريكا اللاتينية من قبيل الكاتب الغواتيمالي (أوجوستو مونتيروسو)، والأرجنتينِيَّيْن (خورخي لويس بورخيس)، و(أدولفو بيوي كاساريس)، وكُتَّاب غيرهم، والبعض يرى أن نتالي ساروت في كتابها انفعالات (1938)، كتبت قصصا قصيرة جداً، لكن بالتدقيق في نصوص الكتاب تبين أنها لم تكن قصصاً قصيرة جداً، بل يمكن اعتبارها فصولاً من رواية أو قصصا قصيرة.. ويشار إلى أن أول من نشر أقصر نص أدبي سردي هو الجواتيمالي الجنسية هندوراسي المولد أوغيستو مونتيرروس بعنوان (الديناصور): عندما أفاق، وجد الديناصور لا يزال هناك، حين استيقظَ، كان الديناصور لا يزال هناك.

وكانت ولادتها الفعلية عربياً في العراق وسورية وفلسطين، ويمكن اعتبار ما كتبه جبران خليل جبران في مجموعتيه: (المجنون والتائه)، كبدايات لمحاولة كتابة القصة القصيرة جداً، ثم تتالت المحاولات، حيث نشر القاص اللبناني توفيق يوسف عواد مجموعته القصصية (العذارى) عام 1944 ونشر المحامي العراقي يوئيل رسام قصصا قصيرة جداً، وكذلك فعل العراقي شكري الطيار في محاولاته الأولية، ومن سورية. فأول من حاول كتابتها زكريا تامر في بعض أعماله، وطلعت سقيرق وعزت السيد أحمد، ونور الدين الهاشمي وضياء قصبجي ونبيل جديد ويوسف حطيني غيرهم، وهذه تعد جذور نشوء هذا الجنس الأدبي سابقاً، ولكن لا يمكن اعتبارها كنموذج نهائي لها، بل محاولات اقتربت احياناً عن مفهومها وابتعدت أحياناً، وبالتالي لا يمكن لأحد الادعاء باكتشافه حديثاً أو التفرد باكتشاف أساليب الصياغة التكثيفية، انما يمكن القول إن البعض ساهم في تطورها، كما في كل الانتاجات الإبداعية، حيث تتراكم الخبرات والتقنيات، التي تساهم في تطور المكون الإبداعي المعني، لكن أعمال الرواد الأوائل لم تكتمل بلورتها كقصة قصيرة جداً بشكل بحت كما هو مفهومها اليوم، إنما كقصص مختصرة وسريعة حققت بعض الاختراق في القصة القصيرة العادية، وشكلت تحدياً قصصياً يستوجب الاختصار والتخلص من الإسهاب المفرط والوصف الطويل، لصالح الاختصار فقط، وبقيت تتعثر بتحديدها كجنس أدبي مستقل، يخضع لاعتبارات التكثيف والإيحاء والحفاظ على عناصر القص المعتادة، وكان نشوؤها نابعاً عن مواكبة السرعة الحياتية المتعلقة بالتطور التكنولوجي وبتطور أساليب الحياة، ومن خلال التأثر بالأعمال الأجنبية..

لذلك أرى أن المشهد القصصي القصير جداً في سورية والوطن العربي يسير بخطوات إبداعية مهمة لتحقيق التأصيل المناسب لها، وأنه يشكل حالة تطورية، وأنها بدأت تأخذ بعض الاهتمام الخجول من الكثير من الجهات، الرسمية والخاصة، ومن العديد من النقاد، رغم أن البعض منهم لا يوافق على أجناسيتها، ويعتبرها حالة فريدة تشكل جزءاً من القصة القصيرة.

ولا يعني وجود عدد الكبير من الكتاب الذين يكتبونها، أن ما يكتبون ينتمي إليها، وهذا طبيعي في ظل الانفلات الكتابي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن هذا يبدو حالة صحية، لأنه يعني زيادة الاهتمام وزيادة الانتشار، لذلك ندعو النقاد إلى إعطائها اهتماماً أكبر من خلال رصد الانتاجات الجديدة والحراك الكبير عبر الملتقيات والندوات وعبر ما ينشر في الدوريات الثقافية المتنوعة.

– أسوة ببقية الأجناس الأدبية، ما حجم المسابقات التي تتم سواء على مواقع التواصل او ضمن إصدارات الصحف؟

لقد اعتدنا في رابطة القصة القصيرة جداً ومنذ العام 2014 على تنظيم مسابقات أسبوعية ثم تحولت على نصف شهرية، والآن هي شهرية ويشترك في كل دورة حوالي 120 كاتباً بشكل وسطي من مختلف البلاد العربية، لقد ساهمت المسابقة في تحفيز الكتاب وفي تطوير اساليبهم من خلال استدراك بعض الهنات الأسلوبية التي قد يقع فيها الكاتب، ومن خلال المنافسة والمثابرة على الكتابة والقراءة، كما يوجد العديد من المسابقات التي تنظم عربياً ولكن مسابقتنا هي الوحيدة التي استمرت بانتظام طيلة 6 سنوات دون انقطاع وتعتبر في مقدمة المسابقات العربية للنصوص القصيرة. أما في مجال المجلات والجرائد الثقافية فإن حضورها قليل وخجول ونحاول أن نطور هذا الحضور أكثر ونستطيع القول بأننا حققنا الكثير في هذا المجال.

– كيف توصف المسابقة العربية الأولى لأفضل مجموعة في القصة القصيرة جداً غير منشورة، وكيف تم الإعداد لها؟

كما ذكرت سابقاً لقد قمنا في رابطة القصة القصيرة جداً في سورية بتنظيم المسابقات الالكترونية وبانتظام طيلة أعوام عدة، ثم انتقلنا إلى تنظيم الملتقيات الخاصة بالقصة القصيرة جداً، في العديد من المدن السورية وآخر ملتقى كان الملتقى العاشر في طرطوس، والذي لاقى صدى إعلاميا عربياً ومحلياً، وكانت المشاركات على مستوى عال من الإبداع، وقد فكرنا بتنظيم مسابقة عربية كبيرة لأفضل مجموعة قصة قصيرة جداً وكان لتعاون دار دلمون الجديدة والصديقة المبدعة عفراء هدبا الدور الكبير في إظهار المسابقة إلى النور نقدم لها الشكر الكبير، وهكذا تم الإعداد للمسابقة وتم إطلاقها في الملتقى العاشر والذي نظم في الشهر العاشر من هذه السنة في مدينة طرطوس.

– ماهي شروط المسابقة للمساهمة في المشاركة؟

وضعنا بعض الشروط لكي تحقق اشتراكات نوعية ومميزة وتكون القصص من إبداعات الكاتب نفسه ويمكن حصر هذه الشروط بما يلي:

1- أن تكون مشاركة الكاتب بمجموعة قصة قصيرة جداً واحدة فقط.

2- أن تكون المجموعة غير منشورة سابقاً لا ورقياً ولا الكترونياً.

سلمى حلوم

3- ألا تكون المجموعة قد فازت في أي مسابقة سابقة.

4- ألا تقل عدد القصص في المجموعة عن (70) قصة قصيرة جداً.

5- ترسل المشاركات بصيغة ملف (PDF) للأول وبدون اسم والثاني مع الاسم بصيغة Word مع صورة شخصية وسيرة ذاتية أدبية مختصرة، إلى الإيميل: com.avss1@gmail.com ويكتب للمسابقة العربية الأولى كعنوان للرسالة.

6- يقدم صاحب المجموعة المرشحة إقراراً بملكيته لها وبموافقته على الشروط وبخط يده حسب النموذج المرفق.

7- يجب أن تكون المجموعات مدققة بالكامل ومنسقة (غلاف وصفحة أولى وفهرس ونصوص) نصين على الأكثر في الصفحة.

– ماهي الأسس الموضوعة التي ستعتمدها اللجنة المخولة بالتقييم، للموازنة والمفاضلة بين النصوص؟

سيتم وضع أسس ومعايير موضوعية تناسب هذا الجنس الأدبي المميز، ويمكن أن أفصح عن بعضها والممثلة بسلامة اللغة والتنسيق، ومعايير الكتابة القصصية القصيرة جداً، (التكثيف، والقفلة المدهشة، وجدية المواضيع المطروقة، والأسلوب القصصي)، وستكون اللجنة من أبرز النقاد والكتاب في سوريا والوطن العربي، وبالتأكيد ستفوز المجموعات التي تحقق الشروط والتي كتبت بأسلوب مميز وتنتمي الى جنس القصة القصيرة جداً، فالبعض يكتب قصصاً مختصرة لكنها لا تشكل قصصاً قصيرة جداً، لذلك يجب الانتباه إلى الأسلوب والصياغات السردية.

– كم عدد المشاركين، وبلدانهم، وعدد النصوص المطلوبة؟

حتى الآن هناك الكثير من المشاركات ولم ينته التقديم بعد، فهو مستمر حتى 21/12/2020، لذلك ندعو جميع الكتاب الذين يكتبون قصصاً قصيرة جداً إلى الاشتراك، وسنعلن عن عدد المشاركات والدول التي ينتمي إليها الكتاب بعد انتهاء التقديم.

– متى ستعلن النتائج، وكيف سيتم الإعلان عنها؟

نخطط لإعلان النتائج في ملتقى كبير في دمشق في ربيع العام 2021 حسب الظروف المستجدة بالتأكيد، وسندعو الى الملتقى كل الكتاب الفائزين ولجنة التحكيم والعديد من النقاد والكتاب، وكل وسائل الإعلام أيضاً، ونتمنى أن يوفق أصدقاؤنا الكتاب المشتركين.

– هل أثر التباعد العضوي بعد الكورونا على اللقاءات الدورية التي تتم للقصة القصيرة جداً؟

نعم بالتأكيد لقد أثرت بشكل كبير، وأصبح لجدار رابطة القصة القصيرة جداً في سوريا دور كبير في تبادل الحوارات والنقاشات ولكتابة القصص بشكل يومي، وتم تقليص اللقاءات التي اعتدنا على تنظيمها على أرض الواقع إلى الحدود الدنيا.

– ماذا تقول لقصتنا الطويلة جداً في معاناة الكتاب وإنتاجهم الثقافي في ظل هذه الظروف؟

أعتقد ان الوضع الثقافي العربي في أزمة من ناحية النشر والتسويق وخاصة في ظل الظروف الصحية المستجدة التي أرخت بظلالها على الساحة الثقافية بشكل عام، ويعاني الكاتب من مشكلة إيجاد دار نشر تقوم بنشر نتاجاته دون أن يتكلف الكثير، ولذلك ارتأينا أن نحاول ترميم جزء من هذه المشكلة عن طريق نشر المجموعات الفائزة في المراكز الثلاث الأولى، وذلك في دار دلمون الجديدة وهنا لا بد من شكر الصديقة مديرة الدار السيدة عفراء هدبا على تعاونها المثمر والمهم. ومن هنا ندعو المؤسسات الحكومية والخاصة للمساهمة في نشر الثقافة والمساعدة في نشر النتاجات الإبداعية في مختلف الأجناس الأدبية، وفي المساهمة في تنظيم اللقاءات الواسعة أيضاً.

سلمى حلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار